صوب سياسيون وخبراء في مجال الحكم المحلي امس انتقادات لتجربة اللامركزية في السودان، واتهموها بافراز إشكالات سياسية ومالية وإدارية، بجانب الفشل في ايجاد مواءمة بين الصرف علي الخدمات والموارد الحقيقية ،والاعتماد علي الترضيات السياسية والقبلية والجهوية في التوزيع الاداري . وارجع المتحدثون ، في ورشة اللامركزية وتطبيقاتها - تجربة السودان والرؤية المستقبلية- التي نظمها حزب الامة الاصلاح والتنمية بديوان الحكم الاتحادي، فشل تجارب اللامركزية في البلاد لتسييس الخدمة المدنية، وهيمنة القرار السياسي على المستوي الاداري ، حيث قادا بدورهما الي عدم ترتيب الاولويات. ووصف المشاركون، الحديث عن ذاتية المؤسسات اللامركزية وممارستها للسلطات، ضربا من المغالطة في ظل مساهمة الحكومة المركزية ب78% من الانفاق، واعتماد 13 ولاية في ميزانيتها علي الخرطوم ،مشيرين الي ان 68% من الانفاق يذهب للاجور والمرتبات لمستخدمين يتبعون اساسا للحكومة المركزية، و4% فقط تصرف علي التنمية، في الوقت الذي لم تزد الايرادات الذاتية لهذه الاقاليم عن 22% من حجم الانفاق في المتوسط ،بينما بلغت اكبر مساهمة لها 42% في العام المالي 1983 - 1984م . وكشفت ورقة قدمها الامين العام لحزب الامة الاصلاح والتنمية ادم ابراهيم ،عن عدم مساهمة التشريعات اللامركزية باكثر من 25% من الانفاق اللامركزي، ورأت ان اجهزة الحكم المحلي كان باستطاعتها ان تكون اكثر فعالية في حال خصصت لها موارد ذاتية تمكنها من الاعتماد علي التمويل المركزي . وحمل نائب مستشارية الحوار اللواء حاتم الوسيلة، تدخلات المركز، مسؤولية الاقعاد بالحكم اللامركزي، وعزا فشل تجربة اللامركزية الي ضعف الايرادات وتنازل المحليات عن سلطاتها ،اضافة الي عدم الالتزام بمعايير الحكم اللامركزي ، واعتماد معايير اخري كالقبلية والولاء والانتماء السياسي. ودعا الوسيلة الي تقييم حقيقي للتجربة بتحليل البيئة الداخلية للحكم اللامركزي للاتفاق علي ثوابت. وكشف عن شروع المستشارية في عقد مؤتمر حوار جاد ومسؤول مع القوى السياسية قبل نهاية شهر يونيو بمشاركة 16 جامعة و20 مركزا بحثيا و100 استاذ اكاديمي للاتفاق علي ثوابت وطنية حول كيف يحكم السودان ، منوها الي ان رؤية اللامركزية وشكل الحكم من اهم الاوراق التي ستناقش في المؤتمر. ورهن الحضور نجاح تجربة الحكم اللامركزي بحسم مسألة الدستور والالتزام بمبادئ الحرية ومعايير الشفافية والديمقراطية وفصل السلطات، هذا الي جانب فرض سياسة رشيدة في قسمة الموارد لمصلحة المناطق الاكثر فقرا ، واعتماد سياسة التنمية المتوازنة بين الاقاليم الاكثر تخلفا .