د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    السجن لمتعاون مشترك في عدد من قروبات المليشيا المتمردة منها الإعلام الحربي ويأجوج ومأجوج    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الجديدة تحمل في داخلها عناصر التطور والتقدم
كوستيلو قرنق في حديث الصراحة من نيروبي

ارتبط اسم الدكتور كوستيلو قرنق بحوار فرانكفورت الذي افترع الحديث عن تقرير المصير لجنوب السودان، وما يزال كثير من الناس يتذكرون مساجلاته مع رئيس وفد الحكومة وقتها الدكتور علي الحاج حين اصر وفد الحركة الشعبية على مقايضة تطبيق الشريعة في الشمال باتاحة حق الانفصال للجنوب والح الثاني على عدم النص على كلمة (انفصال) في اتفاقية فرانكفورت وانما الاستعاضة عنها ب (عدم استثناء اي خيار)، والآن وقد وقع الانفصال فإن محاورة مستشار رئيس حكومة الجنوب المقيم بالمانيا الذي ظل على الدوام ملتصقا بملفات التفاوض مع الشمال تصبح مما يضئ الطريق ويفتح الابواب لعلاقات حسنة ان لم تكن ممتازة بين الدولتين، فكوستيلو قرنق كما ستطالعون هنا متيقن من قوة الروابط بين الشعبين ويتحدث عن محفزات نهضة تشمل الجنوب والشمال بالتبعية وان كان لا ينسى ان يومئ الى معكرات الصفو ومهددات المستقبل:
# لمن تحمل مسؤولية انفصال الجنوب؟
السودان منذ البداية كان دولة ضعيفة محكوم بساسة يظنون انهم ملاك الدولة.. من خالفهم الرأي او له تصور آخر عن كيفية حكم الدولة كان ينعت بنعوت اقلها الخيانة والعمالة للكنائس والصهيونية والغرب.. اما رأيهم واما الجحيم. منظومة الحكم فيه بدأت قامعة في الاطراف او ما تسمى الآن بالمناطق المهمشة.. اشواق الجنوبيين لم يكن لها اعتبار مما ادى الى ابتعادهم الوجداني عن هذه الدولة.. هذا بالاضافة الى ان معظم الجنوبيين لهم ارتباط او فهم واضح لماهية الدولة.. واذا رأينا تصرف بعض الساسة الشماليين فهذا ينطبق ايضا عليهم في هذا الحال ليس على جهل بل على مقصد، وعندما عرف الجنوب الحكومة السودانية قوات مسلحة تحارب انيانيا الاولى واذا اردت ان تحمل المسؤولية تفكيك الدولة السودانية الموحدة نحمله للذين كانوا على رأس السلطة التنفيذية منذ الاستقلال وهؤلاء بالتأكيد لم يكونوا من الجنوب او من دارفور او من جبال النوبة او من شرق السودان او من جنوب النيل الازرق.. هؤلاء كانوا يتخذون القرارات لارسال القوات الى الجنوب وهم الذين فككوا اتفاقية اديس ابابا الواعدة لأسباب يعلمونها هم.. كان هناك طريق مرسوم في اتفاق السلام في الجنوب عن كيف يتم تعديله.. مثلا اذا اراد النميري تغيير بعض اجزاء هذه الاتفاقية كان لابد ان يتم عبر استفتاء الجنوب.. لا يجوز ان يتخطى الحاكم قواعد اللعبة الدستورية ويقول بالحرف الواحد ان هذه الاتفاقية ليست انجيلا ولا قرآنا ان يحمل من يتمرد عليه وعلى ادارته مسؤولية تفتيت الدولة السودانية.. الحركة الشعبية كانت تريد اصلاح النظام والشعب ايضا يريد اصلاح النظام، كنا نريد انقاذ الوحدة بمعادلة جديدة لسودان جديد الذي فهم في الشمال خطأ بأنها معادلة عنصرية تريد التخلص من العرب والعروبة على الرغم من ان جون قرنق كان يخاطب الجيش في الغابات وفي الادغال باللغة العربية..! قرنق لم يقل قط ان اللغة العربية لغة أجنبية، كان يعترف بالسودان الموحد، الفرق بينه وبين الاخوة الساسة في الشمال انه كان يقول السودان قبل العروبة وقبل الافريقية بالمفهوم الاثني وكان يضرب مثلا بأن البرازيل تتحدث اللغة البرتغالية ويقولون انهم برازيليون وهذا ما كان يجب ان يكون عليه الحال في السودان.. في المقام الاول كان يجب ان نعتز بسودانيتنا عما عداه ثم بعد ذلك نأتي للانتماءات الاخرى من اصول عربية او غيرها، في سويسرا مثلا نجد ان ما يقارب 60% من السويسريين المان ولكنهم لا يقولون انهم ألمان وكان قرنق لا يجد غضاضة في الجمع بين العروبة والسودنة.. تكون سودانياً في المقام الاول ولكن في الشمال الساسة يستخدمون لأغراضهم الخاصة الانتماء العربي الاسلامي كسلاح لتهميش ما عداهم من انتماءات سودانية. في لقائي مع الاسلامي الغنوشي في لندن قبل سنين في وجود د . الامين محمد عثمان الامين السابق لمنظمة الدعوة الاسلامية كان الغنوشي يقدم الاحتفاظ بوحدة السودان على تطبيق الشريعة لاسباب دعوية لاتخالف الشريعة، وكان يقول بأن الاغلبية الغالبة في جنوب السودان لا هي اسلامية ولا مسيحية والمنافسة السلمية دعويا في الجنوب لا زالت مفتوحة وفي نهايتها لربما تنتج اغلبية مسلمة، انفصال الجنوب كان يراه يصعب على الدعوة في الدولة الجديدة. بالرغم من انني مسيحي الا انني اتفق مع هذه العقلانية من رجل يؤمن بدعوته ويخطط لها التخطيط السليم. فكلام الشيخ الغنوشي يدل على عمق تفكيره ولربما نجح في الجنوب حيث فشل الدعاة الشماليون الذين سبقوا تطبيق الشريعة على الوحدة، ومن المعروف ان قرنق كان له دوائر لتوضيح الوضع السوداني.. فمثلا دائرة تمثل سوداناً افريقياً وهذا لا يمكن لوجود عناصر عربية فيه ودائرة تمثل سودانا عربيا وهذا لا يمكن لوجود عناصر افريقية اثنيا فيه.. دائرتان متداخلتان يقول قرنق بأن مركز تقاطع الدائرتين هو السودن الجديد.. وهو عربي افريقي ولكن سوداني في المقام الاول.
# كيف تنظر الى مستقبل الدولة الجديدة؟
أولا اريد ان اقول للذين يرون الجنوب بنظرات متشائمة اقول لهم ان للجنوب مستقبلاً باهراً لاسباب عديدة منها ان الجنوب ليس لديه معوقات ثقافية دينية تاريخية تحميه من مواكبة التطور الانساني بمفهومه الحديث. نحن في الجنوب لا ندعي المعارف الازلية ومستعدون للاقتباس غربا وشرقا، اسلاميا ومسيحيا وبوزيا ما افاد الانسان وسهّل التعامل مع صعاب الحياة ومعظم الجنوبيين كما اعرفهم سيتعاملون معه بانفتاح وهذا يسهل التطور ويحجم الانغلاق.. التعدد الاثني لا يشكل مشكلة للدولة الوليدة كما انه بفهم صحيح كان يمكن الا يشكل مشكلة للدولة السودانية المنهارة. كل الدول الافريقية متعددة الاثنيات والاعراق عدا الصومال والذين يقولون ان هناك مطاحنات بين الجنوبيين قد تعوق استمرار الدولة الجديدة هم لا يعرفون عقلية الجنوب.. نحن الدينكا مثلا كانت حروبنا القبلية ضد بعضنا البعض.. الدينكا تاريخيا وثقافيا لا يحاربون الاقليات لأنهم لا يمكنهم الافتخار بالانتصار عليها. سلطنة الوالد في آيات مثلا لم تحارب الفروقي ولا الفرتيت قط.. مثلا قبائل اللو القليلة العدد في شمال بحر الغزال لم تحصل حروب بينها وبين دينكا ملوال قط لنفس الاسباب المذكورة اعلاه.. لا اريد ان ا نكر انه توجد بعض المشاكل القبلية في بعض المناطق في الجنوب.. فمثلا توجد حروب قبلية في اعالي النيل وهذه الحروب حول الابقار.. ايضا في الشمال في دارفور قامت حروب بين المعاليا والرزيقات، وبين المسيرية والرزيقات والهبانية والفلاتة من دون ان يخطر على بال احد في الشمال بأن هذه الحروب تشكل تحديا لوجود الدولة السودانية.. هذه المشاكل حلها في منتهى السهولة... انا ولدت علي كير (بحر العرب) ووالدي كان موجودا في محكمة قبلية مع ناظر الرزيقات موسى مادبو والملك في سماحة او ما كانت تسمى بسفاهة وكان يلتقي فيها زعماء العشائر لحل قضاياهم دون اللجوء للمركز وهذه المعادلة اختلت عندما تم تسليح القبائل العربية. مع العلم انه في انيانيا ون لم يتم تسليح القبائل العربية وتم تسليحهم في عهد الانقاذ وزج بهم في الحرب الاهلية مما افسد العلاقات القديمة واخل بالنسيج الاجتماعي وهذا بدوره ادى الى تفاقم الامور وشعور القبائل النيلية بأن الحكومة المركزية اتخذت موقفاً من كل قبائل الجنوب واصبحت الحركة الشعبية هي التي تمثل الجنوب وانا ارى احتماء القبائل الجنوبية بالحركة الشعبية هي الخطوة الاولى للانفصال فتسليح الدولة للقبائل العربية تعني عدم مسؤولية الدولة بحماية القبائل غير العربية.
# تحدثت عن ان للجنوب مستقبلاً باهراً فما هي محددات تطور دولة الجنوب؟
كل مقومات التطور موجودة في الجنوب وسنواجه بعض المشكلات كدولة جديدة إلا انني متفائل لدينا كل امكانيات النجاح. توجد اراضي خصبة وكميات مقدرة من البترول والمستقبل كما اتنبأ به الآن سيكون باهراً ومزدهراً، تطور الجنوب سيؤدي الى ازدهار الشمال ايضا، بل سوف يكون هناك تنافس ايجابي بين الدولة الجنوبية الحديثة والدولة الشمالية العجوزة...
# كيف هذا ؟!
لأن الشمال لن يكون راضيا بأن يتقدم عليه الجنوب تطورا لذلك سوف نزجه معنا في مصاف التطور والرقي والازدهار واذا اصبحت الحريات الاربع موجودة حرية التنقل وحرية التملك والعمل والاقامة فسوف يستفيد الجنوب من الشمال والشمال من الجنوب. الدولة الجديدة ستكون الكبري الحقيقي الذي يربط افريقيا بالوطن العربي ولأن الكثير من الجنوبيين تأثروا بالثقافة العربية ويجيدون اللغة سيلعبون هذا الدور بامتياز وتزول المرارات الناتجة عن الحرب بمرور الزمن.
# هل يمكننا والحال على هذا النحو الذي تقول ان نتوقع توحيد السودان من جديد؟
لكي تتحدث عن الوحدة لابد من حل قضية ابيي حلاً سلمياً لكي لا تكون هناك مرارات تحجم التكامل المستقبلي واي دولة انفصلت سلميا عندها مقومات الوحدة من جديد اذا زالت اسباب التفكك، اما اذا تم الانفصال حربا وعنفا وقسرا فالمرارات التي تنتج عن الحرب تستمر لاجيال وكل من يريد وحدة السودان مستقبلا عليه ان يجد حلاً سلمياً لقضية ابيي، ثم ان الاسباب التي ادت الى الانفصال اذا ازيلت فسيكون التكامل وحتى الوحدة مستقبلا، ومن ذلك مسألتي التطور غير المتكافئ والدولة الدينية، ولكن علينا ان نتذكر اننا الآن في مرحلة ابغض الحلال الى الله، مرحلة الطلاق. فانت اثناء الطلاق لاتقول لزوجتك متى يتم القران مجددا اولا يتم الطلاق الاول باقي طلقتين وربما نتوحد بعد الطلاق الاول وربما لا . اذا تم الزواج مجددا يكون احتمال الطلاق للمرة الثانية واردا وربما الطلقة الاخيرة، ونتفارق من حيث لا رجعة. المرحلة الثانية مراجعة للنفس هل كان يمكننا ان نتوحد هل كان يمكننا ان نستمر وتأتي المرحلة الثالثة الى ابغض الحلال النهائي. مشكلة السودان اننا لا نعرف ثقافة الاعتذار مما يجعل المصالحة صعبة وخاصة اذا كان الكل يدعي انه على حق والآخر وحده هو الذي يرتكب الاخطاء.
# هل تقصد ان الشمال يجب ان يعتذر للجنوب؟
أنا لا اقصد الشمال او الجنوب في هذا الحال اقصد ان المخطئ يجب ان يعتذر، طبعا الجنوب لديه غبن ويشعر بالاضطهاد والاخ الكبير او الزول القوي او المهيمن او المسيطر هو الذي يعتذر للزول الذي كان مغبونا، لم يكن هناك من يقول من الشمال ان الجنوبيين يشعرون بالذل والظلم والاضطهاد. شيخ حسن اعترف بذلك بأن الجنوبيين كانوا مضغوطين ومظلومين ومغبونين وحتى الرئيس البشير اعترف في مرحلة من المراحل بذلك ايضا. الاعتراف الخطوة الاولى والاعتذار الخطوة الثانية وهذا لترميم العلاقات وربما لاعادة الوحدة فمثلا اثناء الحرب كان هنالك فنانون يغنون اناشيد الجهاد وبعد اتفاق السلام اليوم الثاني بدأوا يغنون للسلام، السودانيون لا يرون غضاضة في ذلك ولكن في المفهوم الصادق بينه وبين نفسه من المفترض ان يخجل مثل هذا الفنان شوية وينتظر لفترة فما ممكن تغني للدكتاتور اليوم وبكرة تغني للديمقراطية.. انا اصبحت وليس بمحض ارادتي اتشرب بالثقافة الغربية من الواقع الذي عشته 37 عاما في ألمانيا واوربا ولم اسمع في ألمانيا قط اغنية تمجد الحاكم عدا النشيد الوطني وهو يمجد الدولة او الامة والوطن لأن الهدف في اوربا توحيد الدول الاوربية فهذا مثلا الماني وهذا فرنسي من قاسم مشترك للهوية الجديدة وليس لتمجيد الدولة الوطنية هذا هو المدخل للوحدة وليس الشوفينية العرقية او الدينية. هذا كان مفروض ان يحدث في السودان ان نقول (انا سوداني) بدل (انا دينكاوي) او (انا جعلي)
# كيف ترى اوضاع المسلمين واللغة العربية في ظل الدولة الجنوبية الجديدة ؟
اولا نحن دولة لا دينية والحركة الشعبية فيها كثير من ابناء المسلمين واعداد كبيرة من ابناء النوبة لعبوا دورا كبيرا ومهما في الحركة الشعبية وابناء الشمال في الحركة لم يعتدِ عليهم احد لأنهم مسلمون.. فاذا حدث اي اعتداء على املاك المسلمين كما قلتِ او اي تصرف خاطئ آحادي فهذا ينطلق عن جهل بالتوجه الحقيقي للحركة. مثل هذه الاعمال المشينة لا علاقة لها بالحركة الشعبية ولا بالتوجه العام عند الغالبية الغالبة عند الجنوبيين.. حتى ولو اتى المجوسي او البوذي الى الجنوب فلم تتدخل الدولة في شؤونه الدينية ما لم يعارض توجهه القوانين والاخلاق العامة. أما ما يخص اللغة العربية فلا خوف عليها في الجنوب ولها مستقبل كبير وزاهر وتوجد اعداد كبيرة من الجنوبيين الذين درسوا في القاهرة اكاديميا منهم عدد من الاطباء وقيادات من الحركة الشعبية درسوا في القاهرة مثل دينق ألور وبرنابا مريال بنجامين بالاضافة لعدد لا يستهان به من الذين عاشوا ودرسوا في الشمال. هؤلاء سيحافظون على اللغة العربية حية في الجنوب كلغة تعامل ولغة حياة يومية.. اذا كان جون قرنق يخاطب جيشه في الغابة باللغة العربية إلى ماذا يدل هذا؟ الذين يفهمون ويتحدثون اللغة العربية أكثر عدداً من الذين يتحدثون الإنجليزية ويفهمونها، والقوانين لا تمنع الناس من الحديث باللغة التي يجيدونها والا لتوقف السود في جنوب افريقيا بالحديث عن اللغة البورية والعبيد السابقون في امريكا والبرازيل بالحديث عن اللغة الانجليزية او البرتغالية.
# ولكن هل البرلمان الجنوبي أجازها ضمن اللغات المحلية؟
لا لا اللغة العربية موجودة رضينا ام ابينا، مثلا لو ذهبت الى سوق كونجو كونجو عاوز تشتري خضار حتتكلم باللغة العربية المحلية كلغة تعامل وليست كلغة مفروضة عليك. جنوب السودان كما تعلمين يتحدث اللغة العربية لكن ليس كالتي يتحدثونها في الشمال نؤنث احيانا المذكر ونذكر المؤنث لكن المعنى باقي ومفهوم، لا يستطيع البرلمان مهما كانت الظروف ان يخرج بقانون يحرم الناس من الحديث بلغة معينة لأن استخدام اللغة من حقوق الانسان حتى وان كانت لغة المستعمر السابق كاللغة الانجليزية على الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه اللغة والثقافة العربيتين ان يبنوا مدارسهم ويعلموا الناس لغتهم والجنوب سوف يستفيد من اللغة العربية وبعد مرور الوقت وزوال المرارات التي نتجت عن الحرب سوف يكون هناك توجه لتعليم اللغة العربية اكثر فأكثر والارتباط بالعالم العربي والاسلامي. انا زرت معظم الدول العربية والاسلامية ذهبت لزيارة الشيخ الاحمر الاب ورئيس البرلمان السابق في اليمن كما زرت الشيخ الزنداني في جامعة الايمان في صنعاء وزرت الكويت والسعودية والقاهرة والبحرين وقطر وقابلت مسؤولين مرموقين وكانوا يقولون لي لماذا تكرهون العرب ولماذا تكرهون الاسلام وكنت اسألهم من الذي يقول ذلك؟ فيردون لي المسؤولون في الخرطوم والذين يستنجدون المساعدة عند العرب ويدعون انهم يحاربون مجموعات كافرة ملحدة تكره العرب والاسلام.. فمثلا عندما يذهبون الى امراء الخليج تذهب وفود مكونة من شماليين فقط لاستجداء صدقات لنشر الاسلام في جنوب السودان كما يدعون. وكان من باب اولى أن يرسلوا اناساً مسلمين من جنوب السودان امثال موسى المك والسلطان عبدالباقي عبدالله دينق وعلي تميم فرتاك والطاهر بيور.. دائما كنت اقول للقيادات العربية تعالوا الى جنوب السودان ستجدون مسلمين تحدثوا اليهم وإذا كنتم تريدون أن تبنوا مساجد ومدارس أبنوها عن طريق أبناء جنوب السودان فلماذا تفعلون ذلك عبر القيادات الشمالية..! ولكي تنشروا الاسلام لابد ان تعرفوا الناس في المقام الاول مثل الدكتور الامين محمد عثمان الذي يعرف الجنوبيين وكان يتعامل مع النازحين بكل صدق وانسانية.. اذ قال انه يريد نشر الاسلام في جنوب السودان هذا لحد ما مقبول لأنه يعرف الناس وهناك قيادات اسلامية لم تذهب للجنوب قط ويريدون نشر الاسلام بالريموت كنترول. على كل حال بمرور الوقت سوف تكون العلاقات متينة مع الدول العربية والاسلامية ناهيك عن شمال السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.