السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطات الليبية أرادت تسليمنا رهائن إلى حركة العدل
قنصل السودان في الكفرة محمد البلة ل «الصحافة»:
نشر في الصحافة يوم 14 - 06 - 2011

٭ تعرضت الدبلوماسية السودانية لمواقف مشابهة لما تعرضت له سفارات دول كبرى في الجماهيرية الليبية منذ اندلاع الثورة في السابع عشر من فبراير الماضي، ونالت القنصلية السودانية في الكفرة منها حظاً وافراً ليتم طرد القنصل بعد إحكام كتائب القذافي السيطرة على المدينة بيوم واحد، وهي السابقة الأولى لسفارة سودانية في ليبيا.. «الصحافة» التقت بقنصل السودان في الكفرة محمد البلة بعد عودته الى الخرطوم، ليخبرنا بملابسات عملية الطرد، ويروي لنا رحلة العودة إلى الديار.
٭ كيف كانت الاوضاع في مدينة الكفرة قبل صدور الاوامر باجلائكم خارجها؟
منذ بداية الثورة في المنطقة الشرقية بادرت الخارجية السودانية بالاتصال بسفارة السودان في طرابلس للاطمئنان على افراد البعثة، وكانت ترسل يوميا ما بين 5 الى 7 برقيات، وشكلنا ثلاث لجان، لجنة لاجلاء الرعايا، واخرى لتأمين القنصلية ومكاتبات القنصلية وسياراتها، واللجنة الثالثة لتوفير الاعاشة للقادمين من المناطق الشرقية والغربية الذين في طريقهم الى السودان، وبدأنا بترتيب واستئجار السيارات، وكانت السيارة الواحدة موديل مارسيدس ذات الحجم الكبير، تسع حوالي 80 مواطنا اضافة الى امتعتهم، وفي ظل هذه الاوضاع هناك من استغل الفرصة ورحل بضاعة للاتجار بها في السودان بمساعدة الليبيين، مما ادى الى حدوث تذمر وسط المواطنين، الأمر الذي اضطرنا إلى الاستعانة بضباط ليبيين لتنظيم الامر مع القنصلية، وحتى ذلك الوقت كان هناك تعاون بيننا والسلطات الليبية، وتم تفويج السيارات التي كانت تسير في صف واحد يصل طوله إلى خمسة كيلومترات. وخلال 45 يوما منذ بدء الثورة الليبيبة وصلت 48 سيارة الى مدينة دنقلا و49 سيارة الى الحمرة ومليط، وهي الاقرب الى الكفرة.
٭ ما هي ملابسات اغلاق القنصلية السودانية في الكفرة؟
الكفرة في البداية كانت هادئة ولا توجد بها مشكلات، واستلمها الثوار بعد خمسة ايام من الثورة، لكن وبعد 36 يوما من سيطرة الثوار عليها استطاعت كتائب القذافي اعادة السيطرة عليها مرة اخرى، واجتيحت المدينة بجيش كبير جدا قادم من مدينة سبها بقيادة عقيد في الجيش، ولم يكن ضمن هذا الجيش مواطن ليبي فقد كانوا من الافارقة من جنسيات مختلفة «النيجر ومالي وتشاد» ومجموعة من حركة العدل والمساواة الذين صافحت عددا منهم وتحدثوا معي باللهجة السودانية، وكان من ضمنهم عدد قليل من الليبيين الافارقة. وبعد أن سيطرت قوات القذافي على المدينة يوم الخميس، جاءني مدير ادارة المراسم والقنصليات الكفرة يوم الجمعة الساعة العاشرة صباحا، واخبرني بأن الحاكم العسكري يستدعيني في مكتبه، وذهبنا اليه بعد ان بُلغنا بنحو ساعة، وتحدث الينا واعتذر لنا عن الفوضى والمشكلات التي حدثت لنا من قبل بعض المواطنين.
٭ عن أي شيء اعتذر لكم؟
اعتذر عن حرق سيارات القنصلية داخل مباني القنصلية بفعل فاعل، حيث قام ثلاثة شباب ليبيين بالقفز فوق اسوارها ومن ثم قاموا بحرق السيارات، لكنهم لم يسرقوا اي شيء آخر، وحدث ذلك قبيل استيلاء الكتائب بيومين، اي عندما كانت المدينة في قبضة الثوار.
٭ هل استدعاكم ليبلغكم اعتذاره فقط؟
لا ، فقد قام بتبليغنا ثلاثة قرارات، اولا اغلاق القنصلية في ذات اليوم وبشكل فوري، وثانيا اخطار السلطات السودانية بإغلاق الطريق البري الرابط بين السودان وليبيا، واخيرا اعلمنا بأنه علينا مغادرة الجماهيرية خلال 48 ساعة، وهو في الحقيقة كان متزامنا مع نية الخارجية السودانية سحب افراد القنصلية خوفا على حياتهم، لكن لأن اليوم صادف يوم جمعة وبعده السبت تأجل ارسال البرقية، وبعد ان فرغ الحاكم من تبليغنا قراراته كان له حرس خاص ينتمي الى حركة العدل والمساواة يدعى آدم إسحق يلقب ب «كرده»، فيما بعد نما الى علمي انه قتل في المعارك التي اعادت السيطرة الى الثوار مرة اخرى، لكنه وفي ذاك اليوم كان يصوب سلاحه إلى وجهي اثناء حديث الحاكم العسكري الينا، ودعيني اعرفك بالحاكم العسكري لمنطقة الكفرة، فاسمه ابو القاسم الابعج، وهو عقيد ترقى بعد اندلاع الثورة ومقرب جدا من القذافي، وهو من اكثر القادة الذين يضمرون الكره الى السودان، ويتنمى ان يمحى السودان من على وجه الارض، ومع ذلك يستفيد من خيرات السودان، فهو اكبر مهرب للابل واشجار المانجو والسمسم، واكبر داعم لجميع حركات التمرد بلا استثناء، فحتى جون قرنق لقى الدعم من هذا الرجل «دعم أنيانيا 1 و 2» من خلال حكمة الطويل لمنطقة الكفرة التي دامت 35 عاما، وله الآن علاقة وثيقة مع حركة العدل والمساواة، وهو مسؤول ملف دعم الحركات السودانية المتمردة بدعمها من السلاح والغذاء الى الدوشكا الى توفير السيارات، وكان يدعم النهب المسلح قبل قيام الحركات المسلحة في دارفور، ويقوم بتهريب البشر عبر الحدود، وله علاقة باغلب القادة السودانيين منذ جعفر نميري، ومنزله حتى الآن مفتوح للمعارضة السودانية.
٭ السفارة السودانية في طرابلس هل كانت على علم بأمر إجلائكم؟
سألت الحاكم العسكري هذا السؤال واجابني حينها قائلاً: انا لا اعرف سفارة او غيرها.. وكل ما اطلبه منك المغادرة.. وهذا أمر من السلطات الليبية، وهذا قرار الحكومة الليبية.
٭ لماذا صدر قرار اجلاء قنصل الكفرة بينما السفير يمارس مهامه، هل كان لكم اي نشاط في دعم الثوار مثلاً؟
الكفرة بالنسبة لقوات القذافي منطقة استراتيجية ومصدر قلق، فهم يخشون أن يأتي الدعم للثوار من السودان ومصر عن طريق الكفرة باعتبارها المنفذ الوحيد، كما انهم يريدون جلب الدعم من تشاد ايضا، فهم بذلك يضربون عصفورين بحجر واحد.
٭ لكن هل كانت القنصلية السودانية هي القنصلية الاجنبية الوحيدة في الكفرة؟
توجد في الكفره قنصليتان السودانية والتشادية، والتشاديون هربوا منذ اليوم الثاني لاستلام الثوار للمدينة وقبل أن تفرض كتائب القذافي سيطرتها.
٭ احكِ لنا تفاصيل رحلة العودة لى البلاد؟
بعد ابلاغنا بقرار الطرد اكد لنا الحاكم العسكري انه بعد 48 ساعة غير مسؤول عن حمايتنا، وكان ذلك يوم الجمعة الساعة 11 صباحاً، يعني يوم الاحد الساعة 11 صباحاً غير مسؤول عما سنتعرض له. وبدا انه يعني ما يقول، وكان يضمر الشر . وتوخينا الحذر وطلبنا سيارت لاندكروزر، وكنا احد عشر شخصاً، وقد اجلينا العوائل في مطلع شهر ابريل بطلب من وزارة الخارجية. وبعد الاخطار مباشرة عقدنا اجتماعا واستجأرنا سيارات لتقلنا لكنهم انسحبوا مننا في وقت حرج جدا، ولم يكن الانسحاب عادياً بل بغرض تعطيلنا. ولجأنا الى مجموعة من مؤجري السيارات ينتمي ذووهم الى الثوار لكنهم كانوا يمتهنون تهريب البشر ولا علاقة لهم بالسياسة. واوضحوا لنا ان هناك ثلاثة طرق «السارة والعوينات ومصر»، الأول لا نستطيع ان نسلكه لانه في قبضة حركة العدل. وطريق العوينات وهو المنفذ بين السودان وليبيا لكن القائد ابو القاسم كان يضمر لنا الشر ويريد تسليمنا الى حركة العدل بعد قطع الطريق امامنا في جبل العوينات.
٭ كيف استشففت مكر حاكم الكفرة أثناء المقابلة القصيرة معه عند استدعائكم؟
ظهر لنا ذلك من الحرس الشخصي له الذي ينتمي الى حركة العدل والمساواة، فقد كان يصوب نحوي البندقية اثناء تبليغ قرارات الحاكم، وانا تأكدت من انه سوداني حيث تحدثنا بلهجتنا المحلية. وتأكد لنا فيما بعد انه تم احضاره خصيصا للتعرف علي انا «القنصل» ونائب القنصل الذي كان يرافقني. وكانت تعليمات الحاكم انه بعد خروجنا من العوينات يتم القبض علينا نحن الاثنين فقط والبقية غير مهمين.
٭ يأخذونكم رهائن ام ماذا؟
نعم رهائن لتتم مقايضتنا بفك اسر افراد من حركة العدل والمساواة داخل السجون السودانية. وعلمنا بكل ذلك بعد عودتنا الى السودان. وفي تلك الاثناء احضرت سائقي السيارات الثلاث لقضاء الليلة معي داخل المنزل حتى لا تسرب اية معلومة، وقمنا بحزم الامتعة ليلاً. وادينا صلاة الصبح ودعونا الله ان يحفظنا. وكتبت وصية سلمتها الى مدير المراسم في الكفرة وهو ليبي، وتم ذلك في سرية تامة، وكان في الوصية ان يبلغ وزارة الخارجية بأننا خرجنا الساعة كذا، واننا اذا قتلنا فالقاتل كتائب القذافي، واذا أُسرنا فنحن عند حركة العدل والمساواة، ثم باقي الوصية عبارة عن وداع للأهل وآيات قرآنية.
٭ هل شعرت بأنك مراقب طيلة ال 48 ساعة وحتى مغادرتكم الاراضي الليبية؟
نعم كنا مراقبين لكني احطت كل تحركاتنا بسرية كاملة، ولم اخرج من المنزل قط. وحتى سائقي السيارت كنت احضرهم الى داخل المنزل للاتفاق معهم، وهم يريدون المال وحريصون عليه، لذلك لم يفشوا سرنا. واحد السائقين وعمره 20 عاما، اخبرني ان هناك طريقا واحدا آمنا وهو طريق مصر، ورفعنا شعار نموت في الصحراء ولا نقتل من قبل قوات القذافي أو نسلم الى حركة العدل والمساواة، وبعد صلاة الصبح قطعنا مسافة 50 كيلومتراً. وحاكم الكفرة كان يتوقع ان نخرج الساعة السابعة صباحاً ونسلك طريق العوينات، لكننا عكسنا توقعاته وخرجنا بعد صلاة الصبح عن طريق مصر.
٭ هل ابلغتم وزراة الخارجية بخروجكم؟
لم نبلغ اي شخص، لأن اي حديث كان يعني تسرب المعلومة، واغلقنا الهواتف الداخلية حتى الثريا اغلقناها، ولم نبلغ اولادنا وحتى السفير لم نبلغه بتحركنا.
٭ صف لنا شعوركم هل كنتم مطمئنين؟
بطريق مصر انا شخصيا كنت مطمئنا جدا، وباقي افراد القنصلية كان بعضهم متوجسا والبعض الآخر كان مطمئنا اكثر مني، وكان من الممكن أن نتعرض للقصف بواسطة الطائرات لأننا كنا ثلاث سيارت تسير في موكب مما يدعو الى الريبة.
ودخلنا مصر الساعة العاشرة ونصف صباحا على الحدود المصرية، ومكثنا حتى الساعة الواحدة، وصلينا الظهر بالقرب من حقل الالغام في الحرب بين مصر وايطاليا، واطمأننا، حتى انه اذا تحركنا نحو المصريين فإننا نستطيع التفاهم معهم، بعد ذلك تناولنا وجبة الغذاء المكونة من «المعكرونة» وكانت الوجبات تدخل ضمن الايجار «السيارة والوقود والوجبات» ايجار السياره الواحدة «3500$»، وبعد ذلك تحركنا داخل الحدود المصرية حتى قرب مغيب الشمس، ولم يكن امامنا اي دليل على الرغم من ان مجموعة الشباب كانوا يحملون جهاز جب بي اف، وهم شاطرين باعتبارهم تجار بشر، وقابلنا في ذلك الطريق مجموعة من تجار البشر تعرفت عليهم المجموعة التي كانت تقلنا. وبعد صلاة المغرب دخلنا الحدود السودانية ووجدنا العلامات الدالة على ذلك، واخبرنا الشباب ان الحدود السودانية على بعد 400 كيلومتر حيث نصل الى النيل. واثرنا المسير جنوبا حتى وصلنا واحة سليمة، وهي اول منطقة سودانية قبل حلفا الى الغرب من النيل، واخذنا راحة قليلة، ووجدنا جهاز الاستخبارات والمغتربين والجمارك وكان لديهم علم بوجودنا.
٭ من أبلغهم بحضوركم؟
أنا قمت بتبليغهم، فبعد صلاة الظهر والعصر وعندما كنا في الحدود المصرية فتحت جهاز الثريا واتصلت بالجيش، ولدى صديق في الاستخبارت العسكرية اخبرته بأننا دخلنا مصر، وسنصل الى دنقلا غدا ظهرا، وعليه ان يخبر الخارجية السودانية، وكنت اتحدث معه باللغة الهندية حتى في حال اختراق المحادثة لا يستطيع احد فهمها. وبعد ذلك واصلنا السير وقضينا ليلتنا تلك في وسط الصحراء مفترشين «سجاداً» ودرجة الحرارة كانت منخفضة جداً والجو بارد، وتحركنا مباشرة بعد صلاة الصبح ودخلنا مدينة دنقلا عند صلاة الظهر، وكان في استقبالنا الوالى واجهزة الشرطة الذين اكرموا ضيافتنا واستقبالنا، وانا من هنا اقدم شكري لوالي الشمالية فتحي خليل واللواء محمد سيد، وبعد ذلك أرسل لنا وزير الدفاع طائرة عسكرية أجلتنا من مطار دنقلا الى الخرطوم، وشحن «العفش» معنا. وتركنا سائقي السيارات هناك.
٭ ماذا حل بسائقي السيارات الثلاث؟
تركوا سياراتهم في دنقلا وجاءوا الى الخرطوم في اليوم الثاني من وصولنا، حتى يأخذوا المبلغ المالي المتفق عليه، وفعلاً وصلوا واكرمتهم وزارة الخارجية وجهاز الامن ووزارة الدفاع. ونظموا لهم زيارات الى سوق ليبيا واعطوهم هدايا، وبعد فترة اتوا مرة اخرى الى السودان مهربين مجموعة من الناس، وقابلونا، وسيكون بيننا تعاون ايضا في نقل معدات الخارجية من الكفرة.
٭ بالعودة الى موضوع تجارة الحدود وتهريب البشر.. ماذا فعلت الحكومة للحد منها وإيقاف عمليات تهريب الثروة؟
الحكومة كانت ترسل من وقت الى آخر دوريات للحد من عمليات التهريب، لكن الحدود طويلة وصحراوية ويصعب احكام السيطرة عليها، كما ان التجار يمتلكون معدات ضخمة لحماية تجارتهم تصل الى درجة استئجار الطائرات، وكانوا يهربون اي شيء بدءاً بإناث الابل والضأن والسمسم ايضاً يهرب من القضارف حتى داخل ليبيا، والصمغ العربي والكركدي وكل المنتجات الزراعية تهرب من السودان الى ليبيا. ولكن التهريب الخطر هو الاتجار بالبشر، حيث يهرب المواطن من السودان الى السواحل الاوربية بعد اخذ 200دولار، و الحبشي 300 $، والاريتري 350 $ واليوغندي 100$ ، فهم يهربون عبر الحدود الى الكفرة ومنها الى طرابلس. ويقوم الفرد بدفع 250 $ حتى الباخرة. كما توجد تجارة المخدرات التي تأتي من خارج السودان لكنها تعبر عبر السودان بالصحراء الشمالية او عبر دارفور الى داخل الجماهيرية.
٭ هل هذا فعل كافٍ لردع المهربين في رأيك؟
القنصلية في الكفرة اُفتتحت في 2004م، ومنذ ذلك التاريخ خفت عمليات التهريب اكثر مما كانت عليه قبل قيام القنصلية، حيث كنا نخاطب السلطات في الخرطوم بصورة متكررة، لكن الحكومة الليبية التي كانت بطيئة جدا في الاجراءات، حيث كان الحاكم العسكري يعرقل ارسال البرقيات الى طرابلس.
٭ ما هو وضع رئيس حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم وفق متابعاتك اثناء وجودك داخل ليبيا وبعد خروجك منها؟
خليل الآن هدف رئيسي للثوار الذين يسعون وراء قتله، والقذافي رفض اطلاق سراحه خارج ليبيا ويتعامل معه باعتباره رهينة حتى يقدم له الدعم باعتباره نوعا من رد الجميل. فمنذ ان حار برئيس حركة العدل الدليل بعد منعه من دخول تشاد استقبله القذافي في افخم الفنادق، واعد له مؤتمرا صحفياً تناقلته وسائل الاعلام العالمية، وكان ذلك بحضور القذافي نفسه، وهو الآن في وضع لا يحسد عليه، حيث تفيد المعلومات التي تحصلت عليها بعد خروجي من ليبيا، بأنه اخرج من السفارة اليوغندية التي وضعته فيها السلطات الليبية بعد بدء عمليات الاطلسي، ولم يضعوه في السفارة اليوغندية خوفا على حياته، بل منعاً لهروبه خارج ليبيا، فهم يضمنون سفارة موسفيني لعدائه مع الحكومة، ومكث هناك اكثر من 20 يوما، وكما هو معروف فيوغندا وجنوب افريقيا اكبر داعمين للقذافي، وفرضت عليه حراسه مشددة، لكنه في تاريخ ما بين 15 16 مايو الماضي هرب، لأنه من غير الممكن اختراق قوات القذافي لكنها ممكن ان ترتشى، لذلك اقول هُرب خليل خارج طرابلس الى سبها ومنها الى «سريس»، وكنت متابعاً حتى تلك المنطقة، وبعدها سمعت انه في العوينات.. وظروفه جاءت سيئة مع بداية الثورة لكنه قبلها كان يعيش منعماً.
٭ راجت أنباء عن مشاركة حركة العدل والمساواة في عمليات القتل إلى جانب كتائب القذافي.. ما مدى صحة ذلك؟
القذافي طالما بذل العطايا الى الحركات المسلحة التي من بينها حركة العدل والمساواة. وجاء الآن وقت رد الدين، لذلك كان يقيك متاريس بشرية من بعض افراد حركة العدل، هناك اعداد كبيرة من الحركة داخل ليبيا، وفي الكفرة وحدها هناك معسكر يضم اكثر من 50 فردا ينتمون للحركة، والقذافي بواسطة حاكم الكفرة ابو القاسم كان يساعد افراد العدل في الدخول وتدريبهم، ولم يكونوا يأتون باعداد كبيرة، فكل فوج فيه حوالى عشرين شخصا ويخضعون الى التدريب داخل مزارع خاصة، ونحن كنا على علاقة اجتماعية جيدة معهم وكانوا يأتون الى القنصلية ويشاركون في المناسبات الاجتماعية وغيرها، ولم تكن لهم عداءات مع افراد الجالية ولم يعتدوا على احد.
٭ لكن حركة العدل ظلت على الدوام تنفي مشاركتها ضمن كتائب القذافي، وتؤكد ان وجودها محدود داخل ليبيا رئيس الحركة والحرس الخاص به؟
وجود حركة العدل الاساسي في منطقة ام جرس في تشاد، لكنهم توافدوا الى داخل ليبيا بصورة كبيرة بعد تدهور الوضع الامني، وبدأت السلطات الليبية في الاستفادة من قوات حركة العدل والمساواة، ورشح حديث عن مساومة القذافي لخليل بالزام قواته للدفاع عنه. وكانت هناك اعداد كبيرة منهم، ونحن نعلم ان هناك ثلاث بنايات كان يقيم فيها خليل ابراهيم مع مجموعاته في طرابلس وحدها وليس ثلاثة او اربعة اشخاص، ودرج منتمو الحركة على التسلل الى جميع المدن الليبية في شكل مجموعات صغيرة مكونة من 4 الى 5 افراد ، وبعد ذلك يكونون وحداتهم ويمارسون نشاطاتهم. والحكومة الليبية توفر لهم السيارات بدون لوحات ارقام، وتوفر لهم الوقود ايضاً.
٭ هل تضرر أفراد الجالية السودانية من اعلان الحكومة تورط افراد من الحركات الدارفورية مع كتائب القذافي؟
اجتماع الجامعة العربية لم يظهر موقف السودان، مما ادى إلى تحرش الثوار بافراد القنصلية في بنغازي، وبدا القنصل يركب السيارات العامة، واضطروا الى انزال العلم واخلوا الدار والقنصلية تماماً لأننا لا نستطيع بيعها، لكننا نعمل في ذلك، والآن رجعت الحياة إلى طبيعتها.
والشعب الليبي مرتاح مع السوداني لكن عندما نما الى علمهم مشاركة قوات الحركات في القتال في صفوف القذافي بدأ الغضب تجاه السودانيين، لكنهم رجعوا وبدأوا يناشدون السودانيين المكوث معهم في بيوتهم لتوفير الحماية.
٭ الآن كل المؤشرات تؤكد أن نظام القذافي انتهى، والحكومة السودانية حتى الآن لم تعلن تأييدها للمجلس الثورى.. لماذا في رأيك هذا التحفظ؟
خوفاً على افراد الجالية السودانية والسفارة والقنصليات، ولدينا الآن عدد كبير من السودانيين مازالوا موجودين داخل ليبيا بارادتهم، والحكومة وفرت لهم الترحيل المجاني لهم ولامتعتهم وحمايتهم، كما أن وزارة الدفاع خصصت طائرات عمودية تصل حتى العوينات لتراقب السيارات من النهب المسلح.
٭ هناك افراد سودانيون آثروا البقاء على الرغم من تزعزع الاوضاع الامنية خوفا على ضياع ممتلكاتهم؟
السودانيون في ليبيا 90% منهم لا يملكون اي شيء، وهناك بعض الافراد لديهم ممتلكات جيدة في طرابلس ومصراتة تحديدا، فاميز المغتربين موجودون فيها، وهي منطقة امداد البواخر بالبترول، وهي مدينة تجارية، وضرب القذافي للمدينة لانها تعج بالمغتربين من جنسيات مختلفة. ولا يوجد سوداني لديه ممتلكات كبيرة، فالمصريون عندما اخلوا ليبيا تركوا خلفهم ممتلكات اكبر، واصلا الاجنبي في ليبيا لا يمتلك الكثير بواسطة القانون، لا ارض ولا بيت. واريد ان أشير ايضا الى وجود اعداد كبيرة من الفاقد التربوي بين ابناء السودانيين في ليبيا ما بين سن «15 18» لعدم استطاعة عائل الاسرة تعليم جميع الابناء.
٭ الآن مجموعة من العائدين يتذمرون بسبب أن العام الدراسي فاتهم وان شهاداتهم فقدت؟
هذا غير صحيح، كما ان التعليم هناك متخلف جدا لا توجد دراسة، المناهج قوية من ناحية التربية لكن طريقة التدريس ضعيفة، والمدرسة ممكن تغلق لمدة خمسة ايام، والمعلم من الممكن ألا يأتي، وهناك اختلاط في التخصص، فمعلم الجغرافيا يمكن أن يدرس الفيزياء لانه يقرأ فقط من الكتاب، وبالنسبة للتعليم العالي فهناك نسبة 70% من الطلاب السودانيين تركوا الدراسة بعد اكمال المرحلة الثانوية لعدم استطاعتهم دخول الجامعة بعد فرض الرسوم الدراسية في عام 2008م، وهناك اعداد قليلة في الجامعات، ففي جامعة سرت خمسة طلاب وبجامعة والكفرة أربعة طلاب.
٭ ماذا بخصوص السفارة السودانية في طرابلس، وافراد البعثة هل هم بخير بعد بدء عمليات القصف؟
السفير كان في مالطا، ومنها ذهب الى تونس ليباشر أعمال السفارة من هناك، وهو يتحرك ما بين تونس طرابلس مالطا، ونقل بعض افراد البعثة، والحكومة تدرس الآن تخفيض اعضاء السفارة في طرابلس أو تنقل السفارة الى بنغازي، فهناك عدة مقترحات، والآن في طرابلس لا يوجد وقود، والسلطات الليبية توفر الوقود للسفارات الموالية لها مثل روسيا والصين واليونان، والسفارة السودانية تشتري من السوق بعد إغلاق محطات الوقود.
٭ ما هي توقعاتك لنهاية القذافي؟
الدعم الاكراني والروسي للقذافي توقف الآن، وكذلك الجزائري في اعقاب عمليات الحلفاء، واتوقع ان ينتهي القذافي بانتهاء العمليات في مصراتة، لأنها خط الدفاع الاول لطرابلس مع اجدابيا، او ان يموت قصفاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.