جاء إختيار نقيب المحامين الأسبق فتحي خليل مرشحا للمؤتمر الوطني في إنتخابات أبريل قبل الماضي لمنصب الوالي بالولاية الشمالية بداعي نزع فتيل الأزمة التي ظللت اجواء الولاية بين أكبر مكونين قبليين كان التنافس على أشده بينهما للظفر بالمنصب ،وقوبل ترشح وفوز خليل بارتياح ورضاء من قبل مواطني الولاية الذين اتفقوا على أن الرجل يتميز باهم الصفات المطلوب توفرها في المسؤول الحكومي منها الامانة والنزاهة والبعد عن الجهوية ،وعلى أثر هذا غض الكثيرون الطرف عما كان يتردد حول ضعف خبرته في العمل التنفيذي،وبعد مرور اكثر من عام على توليه المنصب تباينت الآراء حول تقييم ادائه ،بيد أن الأنباء التي رشحت اخيرا حول اعتزام الرجل التنحي عن منصبه استحوزت على اهتمام مواطني الولاية الذين تركوا تقييم أداء خليل وتناولوا أمر الاستقالة بشئ من الاستفاضة . وكانت معلومات قد أشارت الى ان الرجل المح عن رغبته في الرحيل والتنحي وذلك في مناسبتين مختلفتين ،بل أن البعض ذهب بعيدا في تأكيد هذا الخبر مشيرين الى ان خليل رشح مدير بنك السودان الاسبق صابر محمد الحسن لخلافته ،فيما ذهب آخرون الى ان فتحي شيلا من أقوى المرشحين لتولي المنصب ،وتم التعامل على أثر ماتردد من انباء عن استقالة خليل وكأن الامر حقيقة حيث أرجع الكثيرون إستقالته الى التركة الثقيلة من الديون التي ورثها من سلفه عادل عوض والتي بحسب مراقبين أوقفت عجلة التنمية بالولاية وألقت بظلالها السالبة على تدفقات الفصلين الاول والثاني وضربوا مثلا بتأخر الأجور الشهرية المتواصل للعاملين بالقطاع العام ،ويرى آخرون ان مسببات اعتزام خليل التنحي تعود الى بروز تيار مناوئ له من داخل حزبه بالولاية متهم إياه بعدم المؤسسة وإتباع نهج الشورى في إدارة الولاية ومعارضا لسياساته ويشير هؤلاء الى ان أجواء التكتلات والصراعات التي طفت على السطح داخل حزب الوالي من الاسباب التي دفعته للتفكير في التنحي بداعي ان الاجواء طاردة ولاتساعده على العمل ،فيما ذهب آخرون الى اتجاه مختلف في تحليل اعتزام خليل الابتعاد مرجعين الامر الى صدامه بوحدة تنفيذ السدود حول القرار الجمهوري رقم 206 لسنة 2005 والقاضي بايلولة اراضي الولاية لادارة السدود والتي أشاروا الى انها كانت السبب المباشر لإستقالة الوالي ميرغني صالح ووزير الاستثمار محمد سعيد حربي ،وتباينت الآراء حول الاستقالة المزعومة لخليل وهناك من يعتقد انه فشل في الغاء القرار 206 وان العام الذي مضى من حكمه لم يحمل جديداً للولاية على صعيد الخدمات والزراعة ، وكان عضو بمجلس تشريعي الولاية أشار في تصريحات صحفية الى أن ما يجري بالولاية يؤكد أن الوالي ليس له علاقة بالعمل التنفيذي والسياسي وأنه لم يمارسه من قبل، الأمر الذي قال إنه أثّر بصورة سلبية كبيرة في اختيار الجهاز التنفيذي، مشيراً إلى أن غالبية الوزراء والمعتمدين بالولاية ليس لهم تجربة وأنهم حديثو عهد بالمهام التي أوكلت لهم،ورحب البعض بتنحي خليل ،غير انه وفي الضفة الاخرى للنهر يقف رافضون لمبدأ تنحي خليل بل يؤكدون ان هذه الاخبار لا أساس لها من الصحة ،مشيرين الى جملة من الانجازات التي تنزلت على ارض الواقع خلال العام الذي مضى من حكم فتحي خليل ،وينفي معتمد دنقلا الدكتور الفاتح حسين مجرد تفكير الوالي في الاستقالة ،ويؤكد ان ماتردد من مزاعم حول إستقالة خليل لاأساس لها من الصحة ،وان الوالي ليس من الذين يتبعون نهج التلويح والتورية وذلك لانه عرف بالشفافية والصدق وارسال رسائله بكل وضوح ،ويضيف: لاتوجد أسباب منطقية تجعل البعض يصدق شائعة إستقالة الوالي الذي ظل يؤدي مهامه بكل إخلاص وجهد خلال الفترة الماضية التي تمكنت فيها حكومة الولاية بقيادته من تحقيق نجاحات وانجازات لاتخطئها العين على الاصعدة كافة ،ولعل إرتفاع إنتاجية الموسم الشتوي الماضي تؤكد ان هناك جهوداً بذلت تجاه الزراعة خاصة فيما يتعلق بكهربة المشاريع وإدخال التقانة الحديثة ،وايضا العمل المتواصل في الطرق وتأهيل المستشفيات والمدارس يوضح عدم توقف التنمية ،كما ان تفعيل ملف الاستثمار يشير بوضوح ان الولاية مقبلة على نهضة شاملة ،ويؤيد قيادي بالمؤتمر الوطني بالولاية «فضل حجب اسمه» حديث معتمد دنقلا ويشير الى ان خليل ظل مجتهدا طوال الفترة الماضية لتحقيق مايصبو اليه المواطنون وانه ادرك نجاحات كبيرة قياسا على مضي عام فقط من حكمه ،غير ان هذا القيادي عاب علي خليل عدم التعامل بحسم وقوة فيما يتعلق بقضية القرار 206 الذي وصفه بالكارثة الحقيقية والمهدد الكبير لمستقبل الولاية ،وقال ان إستقالة خليل مرفوضة وذلك لأنه عفيف اليد واللسان بحسب تأكيده ،وجدد القيادي بالحزب الحاكم مطالبته لخليل بحسم قضية وحدة السدود . وتعتبر هذه القضية من اكثر القضايا التي تحوز على اهتمام مواطني الولاية الشمالية ويعتبرونها بمثابة التحدي الحقيقي امام فتحي خليل والذي فعل ذات الشئ الذي أقدم عليه الوالي السابق ميرغني صالح الذي حيث اتهم في مؤتمر صحفي عقد في مارس الماضي وزير الكهرباء والسدود أسامة عبد الله، بالتصرّف في أراضي الولاية دون الرجوع إليها ومشورتها، وهدد بشكواه لرئيس الجمهورية.مطالب بإعادة النظر ومراجعة كافة التصاديق الممنوحة للشركات للاستثمار في المجال الزراعي، مشيراً لوجود بعض الأراضي التي منحت للشركات ولم تستثمر بعد، مؤكداً أنهم لن يعطوا أي مستثمر أكثر من 100 ألف فدان بالولاية إلا إذا تدخلت رئاسة الجمهورية،ورغم حديثه القوي والواضح يرى مواطنون ان ذلك المؤتمر الصحفي لم تكن له مخرجات على ارض الواقع ويشيرون الى ان الوحدة مضت غير عابئة بتهديدات خليل وباشرت عملها في مشروع القولد وان هذا الامر أثر سلبا في شعبية خليل وكان بمثابة الارض الخصبة لتداول شائعة استقالته ،والتي نفى فتحي خليل»للصحافة» تلويحه بها في تكريم الدكتور صابر محمد الحسن وقال انه اوضح معرفته التامة بصابر منذ المرحلة الثانوية،مضيفا:» وذكرت بانه رجل صاحب مؤهلات ومقدرات كبيرة وخبرات كبيرة ستفيد السودان والشمالية اذا تفرغ للعمل السياسي» ،وأكد فتحي عدم ترشيحه صابر وذلك لأنه لم يفكر في الاستقالة والتي إن أراد الاقدام عليها فانه يعرف قنواتها واسسها ،وقال إنه وخلال الانتخابات الماضية خاطب المواطنين موضحا برنامج حزبه ،مضيفا:قلنا لهم هذا برنامجنا اذا صوتوا له نؤكد على تنفيذه وتنزيله على ارض الواقع واذا عجزنا سنعود اليكم . رغم قفل فتحي خليل لباب شائعات استقالته يرى مراقبون أن تباين آراء الشارع بالولاية حولها يعد امراً جيداً يصب في مصلحة الوالي لجهة انها كشفت عن تقييم لفترة حكمه الماضية سلبا وايجابا ،وطالبوا خليل بالنظر الى القضايا التي اثيرت من قبل المواطنين بالتزامن مع انباء الاستقالة وعلى رأسها القرار 206،مؤكدين ان استمراريته حتى إكمال دورته امر مطلوب لتوفير الاستقرار والنهوض بولاية يتناقص عدد سكانها يوم بعد الآخر بداعي الهجرة الداخلية والخارجية بحثاً عن فرص عمل لم تعد تتوفر بالشمالية بعد تراجع دور الزراعة وعدم وجود مصانع ومؤسسات اقتصادية كبرى. وكان القيادي بالمؤتمر الوطني ومستشار وزير الإعلام الدكتور ربيع عبدالعاطي قال معلقا علي الخلاف بين حكومة الولاية الشمالية وإدارة السدود وقتها :من الواضح أن هناك اختلافاً في وجهات النظر تسبب في هذه الاستقالة وأشار إلى أن هناك خلافات سابقة بين إدارة السدود والولاية في عهد الوالي الأسبق ميرغني صالح، مشيراً إلى أن أمر وزارة الكهرباء والسدود شأن اتحادي له ارتباط ببعض القضايا الولائية مطالباً بأهمية التفريق بين ما هو اتحادي وولائي وأضاف إذا كان هذا الأمر محسوماً فلا غرابة في أن تتصرف وزارة الكهرباء والسدود في أراضي الولاية، مشيراً في هذا الصدد إلى الخلافات بين الوزارة والولاية في وقت سابق حول الأراضي والمشاريع الزراعية مبيناً أن الأمر يحتاج إلى مراجعة .