يتجلى التناغم بين تصعيد الحركة الشعبية للمواجهة الدائرة في جنوب كردفان إثر الانتخابات التكميلية بالولاية والتسخين السياسي الغربي لملفات الجنائية والتمديد لبقاء قوات اليونميس، في الحملة الإعلامية المتصاعدة لإبراز مآسي الحرب جنوبي كردفان، واتهام الطرف المدافع بالتجاوزات والتغاضي عما ارتكبه المهاجمون من فظائع، حيث يلوح الأمريكان بالعصا في وجه حكومة الشمال، ويستبقون الجزرة لحلفائهم الجنوبيين في انحياز تام للدويلة المرتقبة مهما اقترف الجنوبيون من جرائم حرب وخروقات لاتفاقية السلام الشامل.. فرغم هجوم الجيش الشعبي الغادر على القوات المسلحة والبعثة الدولية المصاحبة له في أبيي، إلا أن التهديد والوعيد الغربي طال الجيش السوداني من خلال تصريحات جوقة الإدارة الأمريكية وأذنابها في الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي، وبدا الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» كالخاتم في أصبع «الست سوزان رايس» مندوبة صقور الإدارة الأمريكية بمجلس الأمن الدولي، حتى استحق كي مون التمديد له على رأس المنظمة الدولية لخدماته الجليلة التي أسداها لأبناء العم سام..!! فقد تجاهلت الأممالمتحدة التعدي على بعثتها الدولية في منطقة أبيي، ولم يكلف الأمين العام للأمم المتحدة نفسه بإجراء تحقيق دولي يخزي به العين إثر تعرض قوات اليونميس لهجمات الحركة الشعبية في أبيي.. وها هو رأس الكنيسة الأنغليكانية وأسقف كانتربري روان وليامز يتباكى على حرق الكنيسة الأنغليكانية في كادوقلي، ولا يعير ما أصاب المنطقة من خسائر بشرية أية أهمية طالما أن المستهدفين بالقتل من المسلمين وليسوا من رعايا كنيسته، في حين أعرب وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ عن صدمته حيال الهجمات والقصف الجوي، وأبدى قلقه من عدم السماح بوصول المساعدات الإنسانية، خوفاً من أن تقتدي الحكومة السودانية ببريطانيا العظمى في تعاملها مع هجمات الجيش الجمهوري الايرلندي، وتمنع المتمردين في جنوب كردفان من تحقيق مكاسب عسكرية تستخدم في الوصول إلى الأهداف السياسية التي يدعمها الغرب بكل قواه الحية..!! وفي الوقت الذي يتعرض فيه السودان الشمالي لحملة غربية مسعورة تستهدف تفتيت الدولة وتقسيم البلاد لدويلات بحروب متنقلة في جبال النوبة ودارفور والشرق، ما تزال ردة فعل مكونات السودان الشمالي دون المستوى المطلوب من التعاضد والتكاتف والوحدة الوطنية والتعبئة السياسية.. فقسم من أهل الفكر والرأي مشغول بإظهار حياديته تجاه الصراع الدائر بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وتتعاطى بعض النخب الثقافية والقوى الناعمة بلا مبالاة مع التغوّل الغربي وتدخلاته في الشأن الوطني في زمن أصبحت فيه العمالة للأجنبي وجهة نظر !! وكثيراً ما يغرد الإعلام السوداني خارج السرب بالاعتناء بالغناء والمدائح باعتبارهما أمضى سلاح في مقاومة التدخل الدولي، وأنجع وسيلة في الحفاظ على الكيان الوطني المستهدف !! ولا أدري بأي حال يطرب السودانيون ويلعبوا كما لعب أسلاف لهم إبان حملات محمد بك الدفتردار الانتقامية، وحتى لا تصير مقولة «الناس في شنو ... والإعلام في شنو» مثلاً يسير به الركبان، نرجو أن تمتنع الإذاعات والفضائيات السودانية عن بث الأغاني والمدائح أقله حداداً على أرواح من سقطوا شهداءً في جنوب كردفان، هذا إن لم تقتض الهجمة الإمبريالية وقفة شعبية أصلب في وجه الطغيان الأممي..!!