ام درمان تحتفي بمن رسموا الفرح بدأنا رحلة البحث عن المتفوقين عقب المؤتمر الصحفي وكنا نسابق الزمن قبيل صلاة الجمعة لنلحق بمواكب الفرح التي اجتاحت اسوار المدارس التي ضجت بالحضور على غير عادتها في يوم العطلة وهي تشهد توافد الطلاب والأسر والمهنئين، وكانت البيوت معبأة بالزغاريد التي شقت عنان السماء، اجواء مشحونة بالتبريكات والتهاني والايدى ممدودة بالحلوى بإشكالها وألوانها.. لحظات حبور حقيقية عاشتها البيوت السودانية التي فتحت للفرح مداخل عبر بوابة النجاح وابناؤها يرسمون شكلاً آخر من اشكال السعادة وهم يحصدون ثمار ما غرسوا بعد ان تقرحت العيون بالسهر تكابد النعاس وبعد ان تحملوا تعب المذاكره فكان لهم ما ارادوا، كانت وجهتنا الاولى الى مدينة ام درمان صوب «المهندسين» مدرسة بشير محمد سعيد النموذجية التي ضاقت بالحضور من الطلاب واسرهم بجانب الأساتذة الأجلاء وهم يبادلون الاهل التبريكات والتهاني وهم يبادلونهم الحلوى والامتنان، ولجنا الى داخل المدرسة فاستقبلنا وكيلها الاستاذ مبارك الفلاح، وجدناه يرتب في النتيجة لإخراج قائمة الشرف من الطلاب المتفوقين، فقال «نزجي التحية لكل النوابغ ولكل الأسر التي سهرت مع ابنائها حتى يتوجوهم بهذه اللحظات التي عبرت عنها دموع الفرح اكثر من الزغاريد» واوضح الفلاح ان الطالب النابغة احمد مدثر حسن «ثالث السودان» رفع قامتنا واحرز (97.7) درجة وافادنا انه مكث فى المدرسة لحظة استلامه لشهادته ومن ثم خرج يرفع رايات العز والفخار يسابق خطواته الى مدينة «العيلفون» ليهدى النجاح الى والدته وأسرته هناك التي لها الحق ان تفخر بفارسها الظافر، وتلى علينا فلاح جزءاً من قائمة الشرف التي توشحت بنياشين التفوق ضمن «المائة الأوائل» في امتحانات الشهادة السودانية منهم «سابع السودان» المعتصم بالله الباقر عثمان الحسن (97.3)، يس ابراهيم الطاهر «الحادي عشر» والذي نال (97)، اما محمد احمد دلدوم الذي فاحرز نسبة (96) وحل بالمركز «الثلاثين» ويقول وكيل المدرسة التي جلس منها الطالب ان التشريف ليس بغريب على دلدوم والذى سبق ان نال وسام «الطالب المثالي على مستوى البلاد. الثورة ترفع رايات التفوق خرجنا من مباني مدرسة بشير محمد سعيد التي كان يغطي جدرانها الفرح ويملأ فناءها الحبور وتبلله دموع ليست للحزن اتخذت مكاناً لكنها دموع المآقي تجتر ليالي السهر والترقب. طريقنا من مدينة المهندسين غربي الخرطوم الى مدينة الرياض الثورة شمالي العاصمة ايضاً طرقاته تحتفل وتقاسم طعم النجاح. نحن الآن على مقربة من ابواب مشرعة للنجاح انها مدرسة «يوسف الدقير الثانوية النموذجية للبنين» هنا كنا قبل عام نحتفل ايضاً بنجاح وها نحن نعود، بالداخل تجتذبنا تهليلات الفرح والبشارة قصدنا فارس «السودان الثالث» واركان حربه النواضر الذين زينوا قائمة الشرف المئوية غاب فارسهم وحضر الفرح في سماء صافية.. رصفاؤه يرددون اسمه وكأن اجاباته بعاصمة الضباب تعانق الدواخل، عثمان بلندن حسبما أفادنا مدير المدرسة عبدالكريم عباس برفقة والده، اذن هناك فرح سوداني اصيل فوالدة «طه» اول السودان ابن جبال توتيل ايضاً هناك «كما افاد للصحافة». بحرى رائحة الشواء عنواناً للنجاح الابتسامات تطوف كل ربوع الوطن والزغاريد ايضاً فالفرح كأنما امطار خير عمت سائر البلد تحملها سحائب النجاح، ومن ام درمان توحدت البهجة لتلتقي بمواكب زغاريد وحلوى في مدينة بحري الهادئة ونحن نعبر النيل «كبري شمبات» الى مدرسة بحري النموذجية بنات التي ازدانت بحضور أنيق من النابغات واسرهن الكريمة، عبرنا الى داخل المدرسة ورائحة الشواء استقبلتنا خارج اسوار المدرسة التي تضج بالزغاريد في تقليد سوداني أصيل درجت عليه الأسر بنحر «الكرامة» تبركاً وامتناناً لمن وهب النجاح، اقتربنا من خامسة الشهادة السودانية ايناس عادل الحسن محمد التي احرزت 97.4 درجة وهي محفوفة بصديقاتها واهلها، فتحدثت ل «الصحافة» لتقاسمنا طعم النجاح وقالت: صدمت وذهلت لحظة معرفتى بالنتيجة فلم اكن اتوقعها بنفس الدرجة، واضافت « كان احساسي يراوداني بأني لم ادون افادتي في الامتحان بالصورة المطلوبة»، واضافت ما دفعني لهذا الشعور ان تحصيلي الأكاديمى في مرحلة الأساس كان ممتازاً الا انه تدنى قليلاً في المرحلة الثانوية بيد انه تحسن في الفصول الاخيرة ، وعن اوقات مذاكرتها تقول «لا يوجد لدي جدول ثابت واقرأ وقتما يتملكني الاحساس بذلك واواصل بصورة متقطعة ومن ثم ابدأ من جديد»، ذكرت ايناس فضل والديها وقالت «ساعداني كثيرا كما ان المدرسة والاهل اهتموا بى، وكثيرا ما كنت اراجع دروسي مع صديقتي اميرة في كل يوم جمعة «، واوضحت انها سمعت النتيجة عبر التلفزيون من خلال المؤتمر الصحفي واتصلت بي زميلاتي وقدمن لي التهنئة وكل زميلاتي احرزن نتائج ممتازة «. وأكدت ايناس سر النجاح الباهر في الكيمياء التي احرزت درجتها الكاملة واللغة العربية التي نالت فيها 99 كاعلى درجة وتقول: «والدي معلم كيمياء وحاليا مدير مدرسة بالسقاي ويساعدني في شرح الدروس اما نجاحي في اللغة العربية فيرجع لانها مادة حلوة ومعلموها رائعون، وامتلك حسا تعبيريا واحيانا اكتب الشعر، وجو الاسرة المتناغم ساعدني في احراز التفوق وساعدني اخي الاكبر احمد واختي امل». وتحدثنا الى احد اقارب ايناس وكان حاضرا معها في المدرسة عوض عبدالوهاب وقال لنا: عودتنا ايناس دوما على احراز اعلى الدرجات ومنذ الاساس وهي متفوقة وان شاء الله سوف تشرفنا في الجامعة وكان لدي احساس قوي بانها ستتفوق وتحرز درجة رفيعة. لم نبتعد من ايناس فصديقاتها ايضاً يحملن رايات التفوق والتقينا بالنابغة صفاء عبدالمنعم محمد التي احرزت (95.4) وترتيبها (55) على مستوى السودان، وقالت « لم اكن اتوقع هذه الدرجة فالحمدلله الذى عوض تعبنا واجتهادنا» ويقول عنها والدها عبدالمنعم ان ابنته «من حفظة القرآن الكريم» ولم تخذلهم فحققت ما ارادت واردنا، والتقينا ايضا بالطالبة النجيبة سمر حاتم مبارك التي أحرزت (95.6) وقالت: لم اتمالك نفسي واجهشت بالبكاء عند سماع النتيجة فغلبتني دموع الفرح واهدى تفوقي الى والدتي ووالدي وكل اهلي وصديقاتي واسرة المدرسة.