اختار مهرجان البقعة الاستاذ محمد شريف علي شخصية هذا العام، وهو اختيار صادف أهله لفنان مبدع ورائد من الزمن الجميل، قدم اعمالا لا تحصى ولا تعد، ولازال يجزل العطاء ل «الحيشان التلاتة»، وسبق ان كرمته الدولة بمنحه وسام الجمهورية في العلوم والآداب والفنون. وتعود جذور محمد شريف علي محمد الى ثلاث جهات في السودان، فجده حاج شريف من جزيرة «لبب» في الشمال، ولديه فرع من البني عامر فى الشرق، وجدته حليمة قريبة السيدة مقبولة زوجة الإمام المهدي من دارفور في الغرب. وولد محمد شريف علي فى حي ود نوباوى بأم درمان، ودرس بمدرسة ود نوباوي ووادي سيدنا الثانوية، وكان معه وقتها نافع علي نافع وحسن عثمان رزق وفتحى خليل، وتلقى تعليمه على يد أساتذة كبار ابرزهم الشاعر محمد محمد علي، والبروفيسور عز الدين موسى والعباسي والنور ابراهيم والاستاذ عبد الله الشيخ البشير وغيرهم. وكان يقوم مع زملائه بتكوين فريق من الرياضيين والمسرحيين والمغنين، ويشارك في ليالٍ ثقافية ومنافسات سنوية مع مدرستي خورطقت وحنتوب، وساعد على ذلك وجود أكبر عدد من ميادين كرة القدم والباسكت بول وكرة الريشة وحوض للسباحة ومسارح وسينما، وكانت بالمدرسة مجموعة من جمعيات الفنون والموسيقى والمسرح. ودخل مجال التمثيل وهو طالب بوادى سيدنا الثانوية، وبدأ يكتب أعمالا درامية للإذاعة السودانية وهو بمقاعد الدراسة، حيث كتب اول تمثيلية بعنوان «بين العاطفة والواجب» اشترك فيها المرحوم خورشيد والسر قدور، ومنح عليها مبلغ «5» جنيهات، كأول «عداد» فى حياته، وكان مبلغاً ضخماً وقتها، حيث كان البنطلون ب «50» قرشاً والقميص ب «30» قرشاً والجزمة البتقول «أنا أنا» ب «35» قرشاً. وبعد نجاح التمثيلية استمر يكتب أعمالاً درامية متنوعة للإذاعة لبرنامج «الأسرة» ومسابقات رمضان وتمثيليات قصيرة، ووجد طالب الثانوى اشادات من المذيعات سكينة عربي وعفاف صفوت، ولم يبق بالكتابة من وادى سيدنا الثانوية الا الشاعر حسين بازرعة، وتنبأ له اسماعيل خورشيد بالنجاح والتفوق. وقال له أنا العملاق الأول الآن وأنت ستكون العملاق الثاني، وكانت هذه الشهادات دافعا للاستمرار فى حوش الاذاعة، ولاتزال «يوميات سائق تاكسى» بالإذاعة السودانية هى الأولى من حيث الاستماع. وأثناء الدراسة بوادي سيدنا الثانوية عمل محمد شريف علي موظفاً بالمسرح القومي، وكان الفكي عبد الرحمن يدرك مواهبه ويتابعها، وأخذه من يده وذهب به إلى وزارة الثقافة والإعلام، وقال لهم «عينوا لي الزول ده أنا عاوزو، ده صاحب خيال خصب» وحدث هذا فى عام سنة 1966م، وعمل معه مساعد مخرج في مسرحية «علي عينيك يا تاجر» التى كتبها بدر الدين هاشم، وهي أول مسرحية بدأ بها المسرح القومي مواسمه، وسبقتها مسرحيات الثلاثينيات «المك نمر، وخراب سوبا، وسنار المحروسة»، وشاءت الأقدار بعد «20» عاماً -أي عام 1988م- أن يكون طالب الثانوى والموظف الصغير مديراً لحوش المسرح القومي. ومن المواقف التى لا ينساها أثناء إدارته، زيارة الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير ومعه مجموعة من الضباط للمسرح، حيث طلبوا منه المساهمة في ما يُعرف ببحث التقديم للأركان حرب. وقدم لهم المساعدة في مجال الإخراج، وكان البحث بعنوان الحرب العراقية الإيرانية. كذلك صال وجال محمد شريف علي في حوش التلفزيون، وأبلى بلاءً حسناً، وقدم العديد من الأعمال الدرامية والمسلسلات. وتخرَّج محمد شريف علي فى كلية الموسيقى والدراما الدفعة الأولى قسم النقد. ومن دفعته الشاعر هاشم صديق والمرحوم عوض صديق والريح عبد القادر وفائزة عمسيب ومنى عبد الرحيم ويحيى الحاج وأنور محمد عثمان.