أصبح واقعا انفصال جنوب السودان عن شماله، الخريطة تغيرت والصور والمشاهد، الساسة قالوا كلمتهم بانهم سيتعاملون مع الواقع الجديد بمسؤولية ويحافظون على مبادئ التعاون بين الدولتين ولكن ماذا يقول اهل الفن والابداع حول التجربة الانسانية للفنون وقدرتها على تحقيق السلام الاجتماعي ودورها في القضايا الوطنية المهمة.. وكيف ينظر اهل الفن للمشهد الجديد الذي سيغير كثيرا في الواقع، وقد سكب الشعراء والفنانون في السودان كلاما كثيرا عن الوطن والتعايش السلمي. ومن النماذج والاشراقات في ذاكرة الاغنية السودانية الاغنية التي قدمتها فرقة عقد الجلاد من كلمات صلاح عبد الصبور وألحان عثمان النو: الناس في بلدي يصنعون الحب كلامهم بسام ولغوهم انغام وحين يتقابلون ينطقون بالسلام عليكم السلام ولم يتوقف اسهام المبدعين على الاغنية فقط بل تعداه الى الدراما والموسيقى والتشكيل وكانوا في كل ذلك يدركون ان الفن هو الاكثر تأثيرا ويعبر عن نبض المجتمع. صوت الجنوب المخرج استيفن اوشيلا الذي اصبح مواطنا جنوبيا بحكم الواقع الجديد يقول للصحافة في اتصال هاتفي من جوبا ان الانفصال اصبح واقعا وهو فرصة للجنوبيين ليديروا دولتهم ويوضح استيفن انه يتمنى ان يكون الانفصال شيء ايجابي على الشمال والجنوب وان يكون التعاون هو السمة التي تجسد العلاقة بين الدولتين ويرى استيفن ان الفنون لها دور كبير في تعزيز التعاون بين الدولتين لانها لغة انسانية ولها تأثيرها الكبير في المجتمع. استأذنا استيفن وانصرف للمشاركة في حفل حكومة الجنوب باعلان دولتها الجديدة حيث شاركت الفرقة الفنية التي يقودها في الاحتفال. وعن دور الفنون في القضايا الوطنية وقدرتها على التأثير اذا اخذنا في الحسبان ان الاغنية وان بدت وسيلة ترفيهية الا انها تعبر عن كثير من القضايا التي يقوم على اساسها المجتمع. ويقول الناقد السر السيد اعتقد آن الاوان للفنون في السودان وتحديدا الدراما لتقوم بدورها في القضايا الملحة خاصة ذات الصبغة السياسية ويستشهد السر السيد بقضية ابيي التي حاولت بعض الاعمال الفنية تجسيدها كنموذج «للتعايش السلمي الذي صنعه زعماء كبار امثال بابو نمر » «المسيرية» ودينق مجوك «الدينكا» كالمسلسل الذي قدمه الدكتور عثمان جمال الدين للتلفزيون مسلسل يجسد رواية فرانسيس دينق «رجل اسمه دينق مجوك» وهو يحكي التعايش السلمي في المنطقة من خلال سيرة زعيم الدينكا ولكن للاسف هذا العمل لم ير النور لان التلفزيون قال انه لا يملك امكانيات مادية لانتاج هذا العمل!! ويؤكد السر السيد على قدرة الدراما على لعب دور وطني ويضرب مثلا بمسلسل الدهباية الذي كان رابطا بين ثقافة الشمال وثقافة دارفور. ممنوع من البث الفنان محمد وردي قال ان للفنون ادوارا مهمة في القضايا الوطنية عبر الاغاني الوطنية التي تلهب المشاعر والاحاسيس وترسخ للتربية الوطنية ولكن الاغاني الوطنية اصبحت ممنوعة من البث في الاذاعة والتلفزيون كما يؤكد وردي ويستشهد وردي بعشرات الاغاني الوطنية المسجونة في مكتبة الاذاعة ومكتبة التلفزيون مثل الاكتوبريات «وطنا البي اسمك كتبنا ورطنا» «اصبح الصبح» «عرس السودان»، الاستقلال، وعندما طلبت من وردي ان يقدم اغنيات جديدة قال هل تريدني ان اقدم اغنيات جديدة حتى يمنعوها مرة أخرى؟!. الفنان التشكيلي الدكتور راشد دياب يقول انه بمجرد اعلان الانفصال بدأ يعمل للوحدة عن طريق الفنون والابداع ويقترح دياب تنظيم معرض تشكيلي عالمي يطوف عددا من دول العالم، يشارك فيه فنانون كبار مثل الصلحي ويقدم هذا المعرض رسائل مهمة عن السلام والتعايش السلمي.. راشد دياب يراهن على الحل الثقافي في حل كل مشاكل السودان ويقول ان الثقافة هي الاكثر تأثيرا والأعلى صوتاً ولها القدرة على حل كل الاشكالات السياسية. وما بين أحاديث اهل الفن وتأملاتهم وامنياتهم انتظمت مدينة جوبا الاحتفال باعلان الدولة الجديدة وشارك في الاحتفالية عدد من الفنانين من بينهم الفنانة الجنوبية ماريو بوين التي غنت أغنية خاصة بالانفصال تقول فيها: وجدنا دولة جديدة وجدنا دولة جنوب يا شعب الجنوب قوم فوق ارفع العلم
