من الملاحظ ان بعض الصحف في دولة شمال السودان ما تزال اسيرة ل«فوبيا الحركة الشعبية» ولذلك جاءت بعض المانشيتات امس واول من امس وهي غارقة في السطحية تتحدث عن استقالة باقان اموم القيادي بالحزب الحاكم في دولة جنوب السودان الوليدة من منصبه الوزاري كوزير لوزارة السلام بحكومة الجنوب.. وقد اظهرت الصحف وكأن الاستقالة أمر جلل مع انها نشرت تبريرات على لسان باقان اموم تبين رغبة الاخير في التخلي عن المنصب الوزاري لصالح التفرغ للعمل التنظيمي كأمين عام للحركة الشعبية، ان خبر استقالة باقان صنعت منه الصحف في الخرطوم قصة خبرية باهتة لا تستحق التعليق باعتبار ان ما يدور في اضابير الحركة الشعبية اصبح شأنا داخليا يخص دولة جنوب السودان وبالتالي يبقى تناول قضايا الحركة الداخلية بأقلام صحف الشمال إضاعة لوقت القراء وسكب للأحبار في غير جدوى اللهم الا اذا كانت «فوبيا الحركة الشعبية» ما تزال تعشعش في عقول الكثيرين رغم احتفال الجنوبيين بميلاد دولتهم الجديدة. إنها فوبيا ومرض عضال ظل يلازم اجهزة الاعلام الرسمية وشبه الرسمية طوال فترة حكم الشريكين التي حددتها اتفاقية نيفاشا بخمس سنوات يعقبها الاستفتاء ثم يكون الانفصال بحسب ارادة الجنوبيين، نعم «الحصل حصل» وهاهم الجنوبيون يحتفلون ليلة الانفصال فرحاً بما سموه التحرر من ربقة الاستعباد وحصاد النضال والكفاح المسلح وهم يؤبنون قتلاهم باعتبارهم شهداء حرب التحرر والاستقلال، في مثل هذه الاجواء تقوم صحافتنا الضامرة بالحديث عن استقالة باقان وتفرقه للعمل الحزبي وكأن مشكلات السودان انتهت تماماً ولم يصبح لدينا هم سوى متابعة استقالة وزراء حكومة دولة الجنوب او عدم تقديمهم للاستقالة، انها كتابات تعبر عن الفراغ العريض الذي خلفته اخطاء السياسيين حينما اصبح العداء للحركة الشعبية يمثل رأس الرمح في رمي جنوب السودان خارج خارطة الوطن وقد تم للناشطين في ذلك ما ارادوا له ان يكون فلماذا التباكي اليوم على تقديم باقان اموم استقالته او عدم تقديمه لاستقالته؟. لقد «وقعت الفأس فوق الرأس» واصبح السودان بلدين بلد في الجنوب اختاره بعض المتنفذين فيه ان يكون بعيداً عن الشمال وبلد في الشمال مايزال يعج بالعديد من الازمات والتناقضات، نعم حدث المحظور فلماذا لا نهتم نحن في الشمال بقضايانا ونحاول الخروج من دائرة الظلام ومعالجة الازمات العويصة التي ما تزال تغلي عوضاً عن التحسب للقادمات من الرزايا الاقتصادية التي تتهدد مستقبل السودان الشمالي اكثر من اي وقت مضى ولاسباب معروفة بداهةً نجملها في ذهاب البترول جنوباً واستفحال الفساد وسوء التخطيط والتدبير الذي يلازم الجهاز التنفيذي للسودان الشمالي، نعم دعونا نراجع الاوضاع الصحية والتعليمية والاقتصادية المتردية والمرشحة للتردي اكثر واكثر ثم نعكف في فضول اوقاتنا على تناول قضايا الغير وازماتهم او بالاحرى دعونا نقلل من الاوهام والكوابيس الخاصة بمستقبل الحركة الشعبية فهو امر لا يخصنا وانما يخص امة الجنوب التي أفصحت عن نفسها وحققت تطلعاتها ولو على حساب الوطن الام. دعونا نتساءل قليلاً حينما نكتب عن بيع حكومة جنوب السودان لبعض الاراضي في الجنوب للشركات الاجنبية والدول التي تعتبرها صديقة ماذا نستفيد من هكذا نشر حينما ندرك جميعاً ان حكومة الشمال ايضاً ضالعة في بيع اراضي بالشمال لصالح مصر وحينما تترك حكومة الشمال ملايين الافدنة الصالحة للزراعة خارج نطاق السيطرة الوطنية وقبضة السيادة وحينما يتحدث بعض اهلنا الحلفاويين في اقصى الشمال عن عمليات طرد منظمة تنفذها بعض الجهات لصالح توطين اجانب في المنطقة ..انها قضايا تستحق الاهتمام من صحافة الخرطوم واتركوا لصحافة جوبا مسألة باقان وصويحباتها.