٭ هل (طمرتهم الصحراء) على قول مولانا محمد عثمان الميرغني هل (شالهم القاش) فى أعقاب الانتخابات العامة التي خرج منها حزبه صفر اليدين حتى في كسلا التي إستقبلته بقضها وقضيضها قبيل الانتخابات بقليل، ورغم ذلك لم يظفر منها ولو بدائرة وحيدة.. أم تراهم قد إختفوا هكذا فجأة وبغتة وكأنهم (فص ملح وداب) كما اختفى سكان قرية سوموتو واهل جزيرة روانك واكثر من ثلاثة آلاف جندي صيني وإنجليزي إبان الحرب العالمية الثانية، وغيرها من حوادث الاختفاءات الغريبة والغامضة والمحيرة.. ففي عام 1002م حين ذهبت بعثة من الأممالمتحدة الى قرية سوموتو المنكوبة بشمال الكنغو لاغاثتها لم تجد البعثة غير (نفاخ النار)، البيوت قائمة والمواقد مشتعلة والحيوانات تحوم حول المكان ولكن لا أثر لأى بني آدم، فقد إختفى أهلها عن بكرة ابيهم (الاعمى شايل المكسر)، لم يبق فيها ولا شيخ واحد طاعن في السن ولا إمرأة واحدة من القواعد من النساء ولا حتى جثة واحدة، ولم يعثروا لهم على أثر ولم يسمعوا عنهم خبر حتى هذه اللحظة.. أما خبر أهل جزيرة روانك الذين إختفوا فجأة ولم يتركوا أثر، فيُحدّث عن عدد كبير من عائلات الانجليز كانوا قد هجروا ديارهم واستقروا في هذه الجزيرة التي لا تبعد كثيراً عن الشاطيء الشرقي للولايات المتحدة وعاشوا في (تبات ونبات) وسعادة، ولكنهم رغم الهناء الذي كانوا فيه والامن الذي نعموا به اختفوا فجأة عام 5091م، بينما بقيت بيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم ومواشيهم كما هى لم يمسسها أذى او يطالها تغيير يذكر.. وفي الصين إبان الحرب العالمية الثانية اختفى ثلاثة آلاف جندي بلا سبب واضح كما اختفى في روسيا (211) جندي بعد نزولهم في محطة القطار، وكانت الفرقة البريطانية التي هاجمت احد الممرات التركية خلال الحرب العالمية الاولى قد اختفت بكاملها بعد ان أجبرها الاتراك على الانسحاب مما إضطر تشرشل للإدعاء بأنها غرقت في البحر.. (يا ربي يكونوا راحوا وين)، قوات خليل ومناوي التي قال عنها العقيد الصوارمي الناطق باسم الجيش انها لا وجود لها في الميدان مطلقاً، هل (انسخطوا) وإن لم ينسخطوا فأين راحوا، وهنا نسأل على طريقة التلميذ المصري الذي لم يعجبه إطناب معلم التاريخ في الحديث عن قدماء المصريين فقاطعه متسائلاً:( قدماء المصريين دول راحوا فين يا أفندي، إنسخطوا)، فهاج الاستاذ وماج ورد بعصبية (الهي ربنا يسخطك ويسخط الحمير اللي زيك، دول يا غبي جدودنا العظام) ولم يشف الرد غليل السؤال عند الغلام فطنطن قائلاً (امال هم راحوا فين).. قوات خليل ومناوي ليست في الميدان، هذا جيد، ولكن هل القت سلاحها وإندمجت في المجتمع، ام حصلت على عقودات عمل فهاجرت، ام تراها ملت القتال فدخلت في عطلة وراحت تتنزه في المنتجعات السياحية تروّح عن نفسها.. لا، يقول الصوارمي، لم تفعل أياً من ذلك وإنما اصبحت تفعل افاعيل الفلول والعصابات وتمارس السلب والنهب في المناطق النائية، إذن يا صوارمي هى موجودة في الميدان، لم تنسخط او تنخسف بها الارض، فهذا هو ميدانها منذ ان ظهرت اول مرة هذه الحركات، تمارس حرب (الغوريلا) تضرب وتهرب وتربط الطريق وتتشون وتتزود بما يقع عليه بصرها ويمكن ان تطاله يدها، هذا هو ديدنها ونهجها وتكتيكها، فهى ليست جيش نظامي ولا ينبغي لها ان تكون، وما دامت موجودة في الاطراف وتضرب وتهرب فهى موجودة وبالكيفية التي تناسبها وتناسب قدراتها ولا يجب التقليل من شأنها، وهنا مكمن الخطل، فلو أن ما قاله الصوارمي عن هذه القوات خرج من حلقوم سياسي بالمؤتمر الوطني لكان شيئاً من طبيعة الاشياء، أما ما لا يمكن إبتلاعه هو أن يصدر من مصدر أمني او عسكري يفترض أن يتحلى بحساسية عالية تجاه كل ما يخل بالأمن ويزعزع الامان ولو أمان مواطن واحد يسكن الاحراش والحواشي والاقاصي، وقد سبق أن جربتم مثل هذا التهوين فكاد خليل ان يدخل القصر الجمهوري، وليبق ما للجيش للجيش وما للمؤتمر الوطني للمؤتمر الوطني ولا ضرر ولا ضرار..