في صبيحة السبت 6/7/2011م فجعت مدينة وادي حلفا وقراها وفرقانها، وخيم الحزن عليها برحيل الحاج محمد احمد عثمان رجل البر والاحسان واحد أعيان وركائز تلك المدينة الصابرة والمفجوعة دائماً، تلك المدينة التي أدمنت الرحيل عبر كل الأزمان والحقب، لعنة الفراعنة التي ما فتئت تدمي قلوبنا برحيل واسطة العقد «وفحل المراح» وضو القبيلة، والحزن بالطبع امتد الى كل مناطق النوبيين في حلفا والسكوت والمحس ودنقلا وحلفاالجديدة وإلى كل بقعة امتدت اليها اياديه البيضاء احسانا وتواصلاً، والعزاء موصول للنوبيين في المنافي والمهاجر البعيدة. والرجل رحمه الله بقدر عطائه وحبه للناس وكرمه المشهود ورغم انه لم يكن صاحب حظ كبير في التعليم، الا ان الحكمة تجسدت فيه وتكسرت عواتي المشكلات والملمات في شواطئه الهادئة والدافئة، مما اكسبه احترام الناس وقبل ذلك حبهم، وباعتباره احد دعامات العمل الاجتماعي بالمجتمع النوبي طبقت شهرته الآفاق وسارت بسيرته العطرة الركبان من خلال داره في وادي حلفا التي كانت وستظل بمشيئة الله قبلة للقاصي والداني وأبناء السبيل والمحتاجين، اولئك الذين تضطرهم ظروف السفر الى مصر البقاء في وادي حلفا في انتظار الباخرة او انتظار القطار في طريق العودة الى الخرطوم، ظل لكل هؤلاء ملاذاً يقضي حوائجهم دون رياء او منٍ او اذى. وبقدر شمائل الطيبة والاحسان التي كانت تبدو على ملامحه، كان قوياً يتصدى ويغضب لكل ما يمس وادي حلفا التي ظل مدافعاً عنها منذ موقعه الاول في رفض التهجير ايام حكومة عبود مرورا بالايام العصيبة التي مرت على تلك المدينة خاصة بعد ان سحبت الحكومة آنذاك كل الخدمات والمؤسسات بعد هجرة النوبيين وتركت من بقى منهم تحت عناية المولى عز وجل. هذه المواقف القوية للراحل ومعه آخرين من سكان وادي حلفا هي التي أبقت على المدينة التي كانت في مرمى الاطماع من الجيران. وهكذا ظل الرجل صاحب مبادئ ومواقف واضحة يهب الحب للناس، ويضمد جراحهم وآلامهم، فوهبه الله هذه الرمزية حياً وميتاً. وعزاؤنا في الرجل انه ترك فينا ما هو جدير بالتقدير من القيم والمثل والاخلاق، وعلمنا كيف نحب الاوطان. ألا رحم الله الفقيد الذي كان مثل شتل الصندل يفوح عطراً للقريب والبعيد، وألهم اهل وادي حلفا والنوبيين عامة الصبر وحسن العزاء.. إنا لله وإنا اليه راجعون. ابنكم المكلوم محمد علي عبد الجابر