لست معجباً ببرنامج (أغاني وأغاني) على شاشة قناة النيل الأزرق ولا أجلس القرفصاء في انتظاره ويفهم الاصدقاء في قناة النيل الازرق انني اتحفظ على طريقة تقديم السر قدور للبرنامج والمعلومات التاريخية التي يقدمها بلا أسانيد مرجعية، ولكن بعد عودتي من رحلة عمل خارج السودان في اثيوبيا تفاجأت بالضجة التي تثار حول البرنامج والأصوات العالية التي انطلقت تنادي بايقاف هذا البرنامج، والمدهش ان هذه الاصوات هي أصوات خارج قناة النيل الازرق ومنها صوت وزير الاعلام كمال عبيد الذي يفشل في متابعة الاجهزة التي تقع تحت اشرافه المباشر (الاذاعة القومية والتلفزيون القومي)! ويتدخل في قناة خاصة مثل قناة النيل الازرق التي يمتلك الشيخ صالح الكامل نسبة كبيرة من اسهمها! وتعتمد في تسييرها على الاعلانات ولا تصرف الحكومة عليها بل يضايقها مدير التلفزيون في الموارد التي تتحصل عليها ويحل بها ديون التلفزيون القومي ومشاكله (المتلتة)! ودعاوى ايقاف البرنامج غريبة بدعوى انه يلهي الناس عن أداء صلاة التراويح في شهر رمضان والسؤال هنا هل الغناء في رمضان حرام؟ وفي غيررمضان ليس حراماً؟ ولماذا السكوت على فضائيات أخرى تقدم برامج غنائية رمضانية؟ ومع العلم أن البرنامج لا يقدم أغاني هابطة ويقدم غناء جادا يمثل ترياقاً للأغاني الهابطة التي تملأ الساحة ولم يتفضل هؤلاء المطالبون بايقاف هذا البرنامج بادانة هذه الاغاني الهابطة مثلما يسكتون على الفساد والظلم ولا يدافعون عن حقوق العباد، ان ما يقوم به هؤلاء هو فهم مشوه للاسلام!! وأتمنى لو كانوا صادقين أن يمتلكوا الشجاعة ليتحدثوا في قضايا الناس ولا نتوقع أن نجد أحدا منهم أن يتحدث عن أزمة المياه مثلاً أو قضايا الفساد، ويشمرون ساعد الجد لمحاربة برنامج تلفزيوني! والغريب ان الحملة تكون بمباركة وزير الاعلام الذي يقدم أسوأ أداء حكومي ووزارة الاوقاف بولاية الخرطوم التي لا نعرف لها أعمالا ولا جهدا سوى تشجيع الخطاب الديني المتزمت وكأنهم يريدون تحويل الخرطوم إلى (طالبان) ولكن هيهات لن نسمح لهم بذلك وستظل الخرطوم مركزاً للاستنارة والوعي والاسلام هو دين ضد القبح والظلم والفساد! ان هذا التزمت لم يحدث حتى في زمن الطيب مصطفى مدير التلفزيون الأسبق الذي حارب الغناء ولكن لم تصل به الجرأة لايقاف برنامج تلفزيوني غنائي يسهم في الترفيه عن الناس!! والغريب ان زمن البرنامج تحول إلى الساعة 11 ليلاً زمن قيام الليل في رمضان في حين أن زمنه الأول لم يكن يتعارض مع صلاة التراويح لأنه يبث بعد الافطار، ان التدخل في البرامج التلفزيونية ليس من اختصاص وزارة الاوقاف بولاية الخرطوم وبعض علماء (الحيض والنفاس) الذين يريدون أن يشوهوا صورة الاسلام الجميلة ويحولوا الخرطوم إلى مركز طالباني ينبع بالفكر المتطرف. والمؤسف أنهم يجدون الرعاية من وزير الاعلام الذي عجز طوال ولايته لوزارة الاعلام عن اصدار قرار واحد بشأن الخلل الاداري والبرامجي في التلفزيون القومي والاذاعة القومية ،وجاء ليقدم لنا هذا القرار الغريب بتحويل زمن أغاني وأغاني إلى وقت قيام الليل في رمضان.. ولن نلوم الشركة راعية البرنامج التي حولت البرنامج إلى شوارع الخرطوم وقدمت المسوغات للمتزمتين الذين صوروا البرنامج وكأنه حملة لافساد الشباب بسبب اعلانات الشركة التي لم تكن موفقة وسبق ان حذرنا من ضرر هذه الاعلانات!! وهل كان أجدى أن يبث (أغاني وأغاني) بعدالافطار أم في زمن قيام الليل... ان الفكر المتزمت لن يجد له أرضية في السودان بلد الاسلام المعتدل وبلد التسامح الديني.. بلد يكره الغلو والتطرف!! [email protected]