استدعت نيجيريا سفيرها لدى طرابلس للتشاور احتجاجاً على تصريح أدلى به العقيد معمر القذافي يرى فيه ضرورة تقسيم نيجيريا على أساس ديني بين المسلمين والمسيحيين، اقتداء بالهند التي قسمت عام 1947م بين المسلمين والهندوس فقامت جراء ذلك دولتا الهند وباكستان... وسبّب العقيد القذافي ذلك باستمرار العنف الذي يثور بين الجانبين بين الفينة والأخرى ويموت فيه مئات الناس. ثم أردف القذافي ذلك بقوله إنه لا مانع من بعد التقسيم أن تعيش الدولتان في وئام وحسن جوار. ولما أثار أحد السيناتورات في مجلس الشيوخ النيجيري هذه المسألة ردّ عليه ديفيد مارك رئيس مجلس الشيوخ هناك: «مع كل احترامي.. لماذا تريد منح مجنون هذه الدعاية؟». وأضاف «إنه مجنون قال نفس الشئ عن انجلترا وبشأن هذا البلد أو ذاك وتريد منحه شهرة» معتبراً أن القذافي «لا يستحق أي اهتمام». صحيفة الرائد السودانية، عدد السبت 20 مارس 2010م وأنا أرى أن كلام رئيس مجلس الشيوخ النيجيري كلام جائر يريد أن يتغاضى عن حقائق الأشياء في نيجيريا ويريد أن يجمّل به من الخارج دُمّلاً ممداً امتلأ قيحاً لن تنفع معه إلا جراحة البتر... وكلام العقيد القذافي كلام واقعي وهو عين العقل لأن من يعرف نيجيريا الآن يعرف أنها كالجرح الذي رُمَّ على فساد أو كفوهة البركان التي بدأت تنفث الدخان توطئة لأن تقذف بالحمم. وعلاقة شمال نيجيريا بجنوبها هو مقلوب علاقة شمال السودان بجنوبه. إذ القصور التعليمي هناك واقع في الشمال بسبب إحجام المسلمين عن التعليم الغربي بينما تقبله الجنوبيون، ويرجع ذلك إلى أن الاستعمار الانجليزي لما جاء وجد الجنوب وثنياً متخلفاً همجياً ووجد الشمال متحضراً وله ممالكه وسلطناته وكانت اللغة العربية في شمال نيجيريا هي لغة الدواوين والهوسا المستعملة في الحياة العامة تزيد المفردات المتأثرة فيها باللغة العربية على 70% وهي تكتب بالحرف العربي.. وعلى الرغم من أن الدولة النيجيرية دولة فدرالية علمها واحد وعملتها واحدة إلا أن من يزور الشمال ويزور الجنوب يعلم أنه يزور عالمين منفصلين ثقافة وروحاً ومنهج حياة... وهما عالمان متضادان لم يجتمعا على مدار التاريخ وإنما جمعهما المستعمر الانجليزي بسبب مصالحه الخاصة ونظرة سريعة على الأحداث التي سفكت فيها الدماء يتبين القارئ أن الخلطة الانجليزية التي أقامت نيجيريا الحالية هي خلطة متنافرة كالتي يعبر عنها إخواننا المصريين بأنها: سمك لبن تمر هندي. - في يناير عام 1966 قتل رئيس الوزراء الفدرالي ورئيس وزراء شمال نيجيريا بدم بارد وكلاهما مسلم. - اندلعت من جراء ذلك الحرب الأهلية النيجيرية 1967 - 1970 والتي جعلت هدفها فيما بعد فصل إقليم بيافرا... وقد قاد الدولة النيجيرية لمحاربة المتمردين رئيس مسيحي ضد المتمردين المسيحيين ولكن حقيقة القتال كانت بين المسلمين والمسيحيين. وحصلت في هذه الحرب من الفظائع ما تعجز الأقلام عن وصفه ويكفي نسف كبري بعد أن دخل فيه قطار مما أسقطه في الماء وقتل مئات الركاب. - قتل رئيس الدولة المسلم في 13 فبراير 1976 - اندلاع فتنة مي تسيني والتي أعملت فيها الشرطة والتي معظمها من الجنوبيين بندقية الدولة الباطشة في الشماليين وقد رأيت بعيني رأسي شاحنات الشرطة وهي تمتلئ بالجثث. كان ذلك عام 1981 - رأيتم في آخر العام الماضي على شاشات التلفزيون فتنة بوكو حرام والتي تعاملت فيها الشرطة بفظاظة جعلت الناس ينظرون إلى الأحداث السابقة على أنها كانت كالألعوبة.. وقد أوردت قناة الجزيرة صور القتل حية بيد الشرطة. - ثم إنكم قد رأيتم ما فعله الجيش والشرطة الفدراليتين في المسلمين والناس في جوس في الشهر الماضي. - فإن كانت هذه حقائق الأشياء فلن يكون هناك معنى للاتحاد إلا السماح بمزيد من القتل.