ها هي الأقدار تسوقني لملاذ عمودك المقروء أملا في بث بعض ما يعتلج في الدواخل وتمور به الأنفس حيال ما تنفثه بعض الفضائيات من برامج تبعث على الامتعاض وتحفز على الانفضاض منها وما أسهل الأخير في ظل الانفتاح الفضائي اللا محدود . سبق أن تناولت في هذه المساحة قبيل حلول شهر رمضان الكريم البرامج الإذاعية المسموعة والمقروءة وأرسلت بعض المحاذير للقائمين على أمر البرامج بالابتعاد عن النمطية وعدم الركون للوقوع في براثن التكرار ونفض الغبار عن بعض ما أزيح عنه الستار منذ قديم الأجيال وتمنيت أن يكون شكل برامج فضائيتنا مغايرا لما رسخ عنها من صور ذهنية قاتمة رغم الاجتهادات المتناثرة هنا وهناك غير أن مجمل الصورة وإطارها العام ظل كما هو ولعل خير من أبدع في وصف برمجة فضائيتنا في رمضان المبدع الفنان الكاركتيرست فارس في صحيفة الانتباهة قبل يومين بأن جاء بشيخ هرم يسأل صيدليا عن حبوب ضغط فأجابه بأن مشاهدي الفضائيات السودانية قد عجلوا بنفادها ولكم تساءلت ما الذي يجبرنا على مشاهدة قنوات لا تلبي طموحاتنا ولا ترقى لمستوى سقف تطلعاتنا ولا تقوى على إشباع ذاتنا وكم زادت دهشتي واستغرابي من الإعلان لفترة امتدت لما يناهز الأسبوع في صحيفة في قامة الصحافة لبرنامج ونسة حبوبات الذي تقدمه الكاتبة الصحفية غادة عبد العزيز ولا أدري ما الذي تفرد البرنامج دون سواه من برامج النيل الأزرق على وهن فكرته التي لم تخرج من طور التقليد واللت والعجن في محاور قد قتلت بحثا منذ زمن بعيد ولا أدري ما هي المعايير التي تستند عليها إدارة البرامج بالفضائيات لإجازة البرامج ؟ وإلا ليدلونا على الفائدة المرجوة من ونسة حبوبات لا تخرج من المطبخ السوداني في عمومياته فمن السودانيين لا يعرف كيف يقطع لحم (الشرموط ) أو كيف تتم العواسة أو تنشف الويكة مثلا وهل الحبوبة السودانية ما زالت بنفس الصورة المعشعشة في مخيلة الزميلة غادة التي نفذت بجلدها وارتمت في أحضان الغربة ربما منذ نعومة أظافرها وإلى يوم الناس وظلت تتنقل من غربة إلى غربة ولعل إمساك مقدمة البرنامج بالقرقريبة وهي تحاول المحاكاة في العواسة خير شاهد بل إنها اعترفت (بعضمة) لسانها في أحد الحوارات الصحفية أنها لم تمارس العواسة يوما فمن أين لغادة القدرة على استنطاق الحبوبات والتنقيب في دواخلهن وهي بعيدة عن حياتهن وأشيائهن بحكم نشأتها ونأيها عن بيئة الحبوبات رغم إدعائها أنها تربية حبوبات وهذا لا يهمنا كثيرا في هذا المقام فحتى لو رضينا جدلا بتقديمها لمثل هكذا برنامج فالسمت العام لحلقات البرنامج التي تم بثها حتى الآن (التجوبيك) وعدم التركيز أو السير به في اتجاه واحد الأمر الذي صعب على المشاهدين الوقوف على كنه فكرته والإمساك بتلابيبها فهو تارة يتناول المطبخ وأخرى الأسواق الشعبية وثالثة الأحياء الأزلية فالواضح الذي لا لبس فيه الذي تبدى لي عدم تمكن غادة من سوق فكرتها أو إنزال تصورها للبرامج إلى أعين المشاهدين جراء تشتت الأفكار في عقلها الباطن كما أن حمل المبدع لجينات النجاح في ضرب من فنون الإبداع لا يعني بالضرورة قدرته على الانتقال بها إلى مجال آخر وإن بدا مشابها لسابقه فتجدني مضطرا للانضمام لزمرة غير الراضين عن البرامج رغم أنف تمكن غادة الكاتبة فأقول لها شكرا جزيلا فلك أجر الاجتهاد في ونسة حبوبات وأهلنا بيقولوا في المثل الجايات أكتر من الرايحات والجفلن خلهن أقرع الواقفات أم هذان المثلان في حاجة لتفسير حبوبات ؟ لا يفوت أن أحمد للأستاذة غادة تمسكها وإمساكها بهموم الوطن والمواطن بسوداننا الحبيب حيث لم تصرفها غربتها وابتعادها عن حمى الوطن من سكب مداد يراعها الزرب إصلاحا للحال غير أنه (كل ميسر لما خلق له) و(ركاب سرجين وقيع) و(مساك دربين ضهيب). . محمد صديق [email protected]