إلى شباب بلادي، في كل قرية أو مدينة أو وادٍ، وهُمْ مازالوا يتمسكون بالمبادئ، أقَدِّمُ إليكم هذه المقامة، لتعيشوا في سلامة، وتتجنبوا الندامة. و«باسم الله» أبدأ الكلام، وأقول لكل عاشقٍ مُستهام، إياك من الحرام، ومشاهدة الأفلام، وعليك بالصيام، فتلك فكرة تمام. أما الزواج والخطوبة، فقد أصبحا أكذوبة، ولن ترضى بك سوى عجوز حبوبة، مصابة بالرطوبة! وكيف لك أن تتزوج يا «ود الخالة»، وأنت لم تشتر ثياب النالة، ولم توفر مصاريف الصالة، ولم تبنِ بيتاً من زبالة؟ ومازلت ترزح تحت شبح العطالة، والفتيات لا يرين فيك ذرة من رجالة، فيا لك من حثالة! فمن أين ستأتي بالشيلة والمال، في هذا الزمن البطَّال، وأنت ما شغال؟.. لا تقل لي: إنك ستنقِّب عن الذهب، فهذا كلام كعب، وعمل صعب ولن يجلب لك سوى التعب. ولا تفكر في الوظيفة، لكي لا تكتب عند الله «تليفة»... فلو ذهبتَ إلى لجنة الاختيار، فأنت تسعى بقدميك للانتحار.. لأن شروطها تعجيزية، ولا بُدَّ أن توثِّقَ شهاداتك من الخارجية، وأن تأتي بإقرارٍ من اللجنة الشعبية، وأن تكون مؤدياً للخدمة الوطنية... لتبدأ رحلة العذاب و«القرف»، من أجل استخراج شهادة «خلو طرف»، وقد تنشحط عاماً كاملاً وأنت تؤديها غفيراً في شركة الهدف!! وبعد كل ذلك العذاب، لن تجد سوى السراب، وربما تصير مدمناً للشراب. وستفاجأ بأن مديري البنوك والمصارف، لن يوظفوا سوى الأهل والمعارف... أما أصحاب الشركات، فدعهم للبنات السمحات. ولا تحلم بالعمل في زين، وأنت شين، وفطورك بالدين! ولا تشطح بالخيال، لتفكر في شركة دال، وأنت لا تُفَرِّقُ بين الزاي والذال، ولا تعرف سعر صرف الريال، وليس في وجهك مثقال ذرة من جمال، ألا يُعَدُّ ذلك استهبال؟! وإذا أردت أن تعيش، فلا تلتحق بالشرطة والجيش، فاليوم في أبيي وغداً في غبيش، وقد تعود إلى أهلك في «شوال» من الخيش! ولم يبق أمامك يا مسكين، غير الذهاب إلى صندوق الخريجين، ولكنني أنصحك بلحس الكوع، قبل أن تفكر في أيِّ مشروع، فهل أنت قادر على الذهاب والرجوع، وتَحَمُّل الجوع، وحبس الدموع؟ فسيطالبونك برخصة الدكان، وشيك الضمان، ثم يقولون لك إن مشروعك خسران. فلا تنتظر خيراً من هذه الحكومة، فمشروعاتها كلها «موهومة»، ولن تجلب لك سوى الصداع و«الطمومة»! فأنَّى لها أن تُشَغِّلَ الخريجين، وهي التي خارجت الشغالين، بِحُجَّةِ التمكين؟! ولولا أنني أخشى عليك من إدمان «البنقو»، لتلحق بعمك تنقو، لنصحتك أن تقعد في بيتك وتستمع إلى إذاعة «مانقو»! ولأنني أخاف عليك يا صديق، من الهَمِّ والضيق، ومن مساطيل الفريق... فإنني أنصحك أن تهاجر، قبل أن تصبح مدمناً «فاجر»، وعليك ببلاد الخواجات، فإن لم تجد الدولارات، فسترتاح من القوالات، ومن «نقَّة» الخالات. وإن لم يعجبك السفر، فليس أمامك سوى ركوب الخطر.. لتحمل السلاح وتبدأ رحلة الكفاح..لتنضم إلى حركات التمرد، ومن مبادئك تتجرد.. ثم تمارس السياسة، بحنكة وكياسة، وتحلم بالرياسة.. لتكتمل اللوحة، وتعود مستشاراً من الدوحة.