نلاحظ هذه الأيام الكثير من الإفطارات التى تنظمها العديد من الشركات والمؤسسات وكذلك الكيانات الأهلية والتنظيمات السياسية، حيث نشهد كل يوم إفطارا فى إحد الأندية أو الدور السياسية أو القاعات الفخمة، ويكون حضورها مقتصرا طبعا على فئات معينة من المجتمع تتمثل غالبا فى الساسة ورجال الأعمال ورموز المجتمع فى العديد من المجالات، إضافة للمنتسبين للجهة المنظمة للإفطار. أموال طائلة تصرف على هذه الإفطارات السنوية، يتمتع بها فقط الأغنياء والمكتفون ذاتيا من أصحاب الوضع المادى المريح، بينما لاحظ للفقراء والمحتاجين فيها، فالمطلوب منهم مشاهدتها من على البعد. وبالنظر لمستوى ضيوف هذه الإفطارات والدعاية التى تصاحبها التى تصل لدرجة الإعلان عنها فى الصحف وبطريقة تشير إلى حب الظهورو«الفشخرة»، بل هناك من يستغلها للتمسح بالسلطة أو إثبات ولائه لها، لتصبح كلمة حق اريد بها باطل ، وقطعا عمل كهذا لاعلاقة له بمسألة التكافل والتعاون بين المسلمين، فهو بعيد كل البعد عما يدعونا إليه ديننا من تراحم خاصة فى هذا الشهر الكريم. لقد كان أجدى وأنفع لهذه الجهات توظيف هذه الإفطارات لإطعام الفقراء والمساكين بإقامة موائد الرحمن فى الساحات وعلى الطرقات حتى تعم المنفعة، فالفقراء فى أمس الحاجة لها لسد رمقهم وتغذية أجسادهم الضعيفة التى أنهكها الجوع، حتى يشعروا بأن هناك نوعاً من التعاضد داخل المجتمع وأن الأغنياء يحسون بهم وأنهم يعيشون فى مجمتع متكافل حقيقة ليس بالكلام فقط. فى المراحل الأولية من التعليم وفى باب العبادات فى درس الصوم، علمونا أن من مشروعية الصوم هي أن يحس الأغنياء بمعاناة الفقراء، ونسأل الجهات والتنظيمات التى منها الدينية أين هذه المشروعية من إفطاراتها السنوية؟ أم لا يريدون الأجر والثواب من عند الله؟ إن من الأشياء غير الحميدة والغريبة فى نفس الوقت وفى زمن المد الإسلامى، افتقادنا للقدوة الحسنة والعملية التى تحسسنا بأن الدين موجود فى حياتنا، فما نراه من أفكار وأعمال ذات عناوين دينية هى معظمها ليست إلا نوعاً من الدعاية وللظهور الإعلامى فقط، بدليل تركيز الكثير من الجهات وعلى رأسها تلك التى تحمل صبغة دينية على الإعلام فى كل مشروع أو عمل تريد القيام به ومن بينه الإطارات السنوية، وغالبا ما يكون المشروع بدون مضمون حقيقى، أو أثر حياتى واضح، وإنما كل ما فى الموضوع هو إدعاء بالإنجاز أو محاولة لإقناع الغير بأنهم يقومون بواجبهم على الوجه الأكمل!! وحتى نكون منصفين فهناك بعض الجهات تقوم بعمل كبير ومهم فى هذا الشهرالفضيل، وذلك بتوزيعها لمئات الآلاف من وجبات الإفطار على داخليات طلاب الجامعات والمستشفيات والسجون، ونعتقد أن الأموال التى صرفت على هذا العمل قد وظفت بطريقة مثلى تستوجب الإشادة والتقدير. نعود ونقول إن الإفطارات السنوية بدعة لم يأت بها أحد من العالمين من العصور السابقة، وهى كلمة حق اريد بها باطل، لأنها لا تفيد المجتمع فى شىء إن لم تكن تضره، لأنها تزرع الغل فى نفوس الفقراء، وهى عبارة عن تبذير ومراءاة، ولو كنت فى مكان اتخاذ القرار لمنعت هذه الإفطارات السنوية.. رجاءً أوقفوا هذه البدعة.