ظاهرة الإفطارات الجماعية من الظواهرالمنتشرة وبكثافة فى السودان خلال أيام الشهرالكريم ،حيث لايمريوم فى أية مدينة إلاوأن يكون هنالك إفطار جماعي لإحدى الوزارات أوالولايات أوالمحليات أومؤسسة أوشركة سواء من القطاع العام أو الخاص، بل اصبح هنالك نوع من التنافس بين الوزارات والشركات وغيرها على تنظيم الإفطارات ،إلاأنه تنافس وتسابق من أجل الظهورفى الغالب ،ويتضح ذلك من خلال مستوى المسؤولين الذين يدعون لحضورها، وهذا يشيرإلى أن هذه الظاهرة وللأسف الشديد صارت توظف لأمورأخرى لاعلاقة لها بمفاهيم وقيم شهررمضان الذى يجب أن تترسخ فيه مفاهيم التكافل والتعاضد ، فقد إنحرفت إنحرافا خطيرا واصبحت حكراً للأغنياء فى أغلبها. فكلنا ومن خلال معايشتنا لهذه الظاهرة رأينا كيف أنها ظلت توظف لأموربعيدة كل البعد عن مايدعوننا إليه ديننا الحنيف،فإذا تحدثنا عن الأموال التى تصرف عليها كل سنة والتى تقدربالمليارات فهى فى الغالب أموال عامة( أخذت بغيروجه حق)،وإذا نظرنا لمن يحضرهذه الإفطارات نجدأن معظمهم إن لم يكن جلهم من غيرالمحتاجين بل من الميسورين ،فطريقة الدعوة لها تتم بصورة إنتقائية ، وهى بالتالى ليست بصدقة تستحق الأجر،لأن الله سبحانه وتعالى يقول فى محكم تنزيله(إنما الصدقات للفقراءوالمساكين)..إلخ الآية،فمثل هذه الأعمال يجب أن توجه للفقراءوالمحتاجين من المسلمين وغيرهم، وهى بذلك تكون قدأدت غرضها وإغتنمنا فرصة هذا الشهرالعظيم بالصورة التى ترضى الله. ديوان الزكاة فى كل السودان يعتبرمن أكبرالداعمين لظاهرة الإفطارات الجماعية حيث ينفق المليارات سنويا على هذه الولائم الرمضانية ، ونحن لانريدأن نتحدث كثيرا عن مامضى ،إلاأن نقول إن التجربة الماضية تحتاج إلى إعادة صياغة وتوظيف، ونعتقدأن قرار الدكتورأزهرى التيجانى وزيرالإرشاد بمنع دعم ديوان الزكاة للإفطارات الجماعية الرسمية والتى لاتستهدف الفقراء والمساكين وذلك عبرالمؤتمرالصحفى الذى عقده الإثنين الماضى بالمركزالسودانى للخدمات الصحفية يصب فى هذا الإتجاه، وهو ورغم أنه تأخركثيرا إلاأنه يعتبرمن القرارات المهمة، لأنه قطع الطريق أمام أكبرجريمة إنسانية كانت ترتكب فى الشهرالفضيل وهى توظيف أموال الدولة والناس فى غيرمحلها وإستغلالها من أجل التباهى بين الجهات الرسمية،والتى يحسب رؤساها أنهم بذلك يحسنون صنعا وهم لايدركون أن هذا السلوك أضركثيرا بالمجتمع وساهم فى زيادة الغبن والحقد عند الفقراء والمساكين والذين يرون أن المقتدرين و(المرتاحين) هم من يحظون بطيبات هذه الإفطارات بينما يحرم منها الأحوج والأحق بها كما أمرنا الله. إننا نعلم والجميع يعلمون أن بعض ضعاف النفوس من المسؤولين كانوا يستغلون هذه المناسبة للتكسب بطريقة غيرمشروعة،وذلك بالتلاعب فى الميزانيات التى توضع لإقامة الإفطارات، وهؤلاء هم أس الفساد والبلاء الذى إستشرى فى السنوات الأخيرة،فهم يتعاملون حتى مع مثل هذه الأشياء والتى تتطلب التوخى بالصدق والأمانة خاصة أنها تتم فى شهرمن المفترض أن تزيدفيه إيمانيات الشخص وورعه،بذات الطريقة التى يتعاملون بها مع غيرها،(حتى فى رمضان لايريدون ترك عاداتهم السيئة). ولكن قديرد سؤال مهم وهوهل تمارس هذه الظاهرة وسط الوزارات ومؤسسات الدولة فقط؟الإجابة طبعا لا،فهناك شركات ومؤسسات خاصة ظلت مداومة على هذه الظاهرة وتقع فى ذات الأخطاء بإنتقائها للمدعوين، والغريب أحيانا أن بعض هذه الشركات تخصم ميزانية الإفطارالجماعى من مرتبات الموظفين ،والأغرب أن معظم الحضوريكون من المنتسبين للمؤسسة أوالشركة(يعنى زى ساقية جحا). وهناك أمر آخروهو أن بعض منظمات المجتمع المدنى والعشائر تقيم ولائم رمضانية سنوية ،وهذه الولائم لايدعى لها إلا المسؤولين ووجهاء المنطقة، أما الفقراء حتى من المنتسبين لذات الجهة، فهم غيرمرغوب فيهم،وهذا إنما يدل على أن حتى الجهات غيرالرسمية تقع فى ذات الخطأ وتتعامل مع المناسبة بذات الصورة المقلوبة. إن الإفطارات التقليدية التى نشاهدها فى الأحياء أوتلك التى نجدها على الطرقات السريعة أوعلى الشوارع الرئيسية بالمدن والتى يحرص عليها بعض أصحاب النيات الخالصة والذين فعلا يبحثون عن الأجر، تعتبرالمثال الممتازوالذى يجب أن يحتذى وأن يشجع ،لأنها تحقق أهم هدف وهوإفطارعابرى السبيل والمحتاجين من الفقراء، وإذا كان هنالك دعم يريدأن يقدمه ديوان الزكاة وفروعه فى الولايات يجب أن يكون لمثل هذه الإفطارات والتى نجدها فى كل مدينة وكل طريق،أو أن يقيم إفطارات عامة فى الساحات ،وبذلك يكون قد خدم المجتمع وذهبت الأموال لمن يستحقها. إذا كانت هنالك خلاصة لهذا الموضوع فهى أن ظاهرة الإفطارات الجماعية (المنظمة) رسمية وغيرها،غيرذات جدوى سواء كانت دينية أوإجتماعية أوإقتصادية، وذلك لأنها لاتستهدف المحتاجين ،بل هى كارثة إجتماعية وإقتصادية خاصة فى أيامنا هذه ،والتى يعانى فيها المواطن مايعانى من إرتفاع أسعارالسلع الأساسية،وبالكاديكاد يسدرمقه، فلايعقل أن نرى وفى مثل هذه الظروف من يبذرالمال ويصرفه على من لايستحقه وفى ولائم ما أقيمت إلاللتباهى وتحقيق مآرب ومصالح دنيوية ،إتقواالله ايها الناس وإغتنمواشهررمضان للتصدق على الفقراءوالمساكين حتى تنالوا الثواب الأعظم .