نواصل ما انقطع عن أداء وزارة الثروة الحيوانية التي كان متوقعا أن تكون رأس الرمح في تطوير القطاع الذي تشرف عليه للمساهمة في توفير موارد من النقد الأجنبي، الدولة في حاجة إليها في الوقت الحالي، خصوصا أن بقية القطاعات يحتاج تطويرها وتحقيق الاكتفاء من إنتاجها وتحقيق فائض للتصدير إلى وقت مثل الزراعة والصناعة، فبعد أن كان السودان من مصدري الزيوت والسكر صار مستوردا. ظلت قضية تصدير إناث الحيوانات مصدر جدل مستمر، ودخل الملف البرلمان غير ما مرة، ومنذ استقلال البلاد كان محظورا تصدير الإناث حفاظا على سلالة الثروة القومية، ولكن لاحقا منحت سلطة تقديرية للوزير المختص وفق ضوابط وشروط محددة،وكان وزير الثروة الحيوانية الأسبق اصدر قرارا في مارس 2008 بإيقاف تصديرها، ثم ما لبث أن تراجع عن قراره وتجاوزه. وفي عهد وزير الثروة الحيوانية الحالي تزايد عدد صادر إناث الإبل من 15 في المئة عام2010 إلى 19 في المئة في النصف الأول من عام 2011 ، وكانت الوزارة تمنح مصدرين تصدير 5 في المئة من الإناث تحفيزا لهم. لكن التوسع في استخدام الاستثناء يثير شكوكا وتساؤلات تحتاج إلى توضيحات مقنعة. كما يلاحظ ارتفاع نسبة استيراد الأبقار الإثيوبية ويبدو أن المسؤولين في الوزارة لا يعرفون الأرقام الحقيقية للأبقار العابرة من وراء الحدود الشرقية، ولم تظهر الأرقام في التقرير السنوي أو الشهري أو الربع سنوي أو النصف سنوي ،وترجح معلومات لم يمكن التحقق من صحتها أن الأبقار التي تدخل عبر التهريب تمثل 90 في المئة من الأرقام ، وتكشف معلومات أن الأبقار الواردة في الفترة من يناير حتى يونيو 2011 53,790 رأسا، بينما صادرات السودان من الأبقار خلال نفس الفترة لا تتعدى 7,918 رأسا، وثمة مخاوف من أن يؤدي دخول أبقار بهذه الأرقام بلا ضوابط وتزايد التهريب إلى تسلل أمراض تهدد القطيع القومي في ظل غياب الإجراءات الصحية الصارمة وضعف المتابعة. وفي أمر آخر لا يقل خطورة، طالبت شعبة مصدري الماشية الحية، قبل أيام بمساءلة وزير الثروة الحيوانية، حول عمل بعض الشركات في تصدير الماشية الحية، وتهريب كميات مقدرة من المواشي الأمر الذي أدى إلى فقدان البلاد ملايين الدولارات، وانتقدت الشعبة وزارة الثروة الحيوانية بسبب سماحها لبعض الشركات بالعمل في تصدير الماشية دون أن تخضع إلى التسجيل بشعبة المصدرين، الأمر الذي عدته انتهاكاً صارخاً للقوانين واللوائح المتبعة، وهددت باللجوء إلى المحكمة الدستورية، وطالبت بالتحقيق في تهريب بعض الشركات عدد كبير من المواشي، معتبرة أن هذه الشركات تعمل خارج المظلة الضريبية وأنها تتحايل لاستخراج سجلات أخرى، واتهمت الوزارة بالمساعدة في خلق سوق موازٍ للعملة بالخارج نتيجة عدم إعادة حصيلة الصادر بما يوازي ما تم تصديره مما أحدث تشوهات بالأسواق المحلية وارتفاعا في أسعار اللحوم. ينبغي أن لا تصمت وزارة الثروة الحيوانية لأن هذه المعلومات والوقائع تقدح في أداء الوزارة وتحبط آمال السودان في تلبية حاجة السوق الخارجي المفتوح، والراغب في الثروة الحيوانية السودانية،وقناعتنا أن الوزير لديه استعداد وقلب وعقل مفتوحين لإجراء أية إصلاحات مطلوبة لتعديل الصورة في وزارته التي يبدو أنها غائبة عنه بوجهها الحقيقي،ونأمل أن لا يجعل نفسه طرفا في أي صراع أو مجموعة، وأن ينأى بنفسه عن لوبيات المصالح التي أغوت كثيرا ممن يتعاملون بحسن نية، أو من يحيطون أنفسهم ببطانة سيئة.