انتصف شهر الصيام والقيام وبدأ العد التنازلي لعيد الفطر المبارك، فبدأت الأسواق تمور بالوافدين عليها طلبا لتلبية احتياجات العيد السعيد، فهل وقف كل منا وأجرى جردا لحسابه في رمضان إلى الآن؟ ما له وما عليه؟ وهل هو راضٍ عن نفسه؟ رمضان فرصة طيبة لتناسي الخلافات ونبذ الفرقة وأسباب الشتات، فهل تحققت مراميه فينا؟ أم أننا في غينا سادرون وعن التسامي والتآخي متباعدون؟ كم من فقير يتلوى ويتضور جوعاً ويطوي جوفه على لقيمات ربما لا تكفي أوده ولا تقم صلبه، بينما هناك من الصائمين وربما كانوا على مرمى حجر منه، ما يقذونه في سلات المهملات وتنوء به براميل النفايات يكفي لسد وترميم كثير من الثغرات الاجتماعية إن وهبوه إلى بطون يطويها الجوع. الصوم ليس مظهراً اجتماعياً، إنما تعليم وتربية ربانية يرتجى منها رأب الصدوع الاجتماعية وتقريب الشقة بين فئات المجتمع، فأين نحن من ذلك وكل يوم يزداد فيه البون بين الأغنياء والفقراء في بلادي. برنامج «الراعي والرعية» عمل طيب ولفتة بارعة من قبل مسؤولي الدولة، فقط يعاب عليها الاختيار، فهناك فرق كبير بين التكريم وجبر الخواطر وتفقد أحوال الرعية، فكم تمنيت أن يكون البرنامج يجري على السليقة دون رتوش وإعدادات مسبقة وترتيب قلبي، بل أن يلج المسؤولون ديار رعايهم من طرف ليقفوا على طبيعة حياتهم دون رتوش. الإفطارات الجماعية في الشوارع وردهات الطرق سنة طيبة أتمنى أن تتسع رقعتها، حتى لا تجد من يتناول إفطاره خلف جدران بيته. النفس البشرية أضعف ما تكون أمام نزوة الطعام، وأهلنا في المثل يقولون «غبينة الزاد كل يوم تزداد». ورحم الله الشيخ القائل «كان ما عجيني ما في زول بجيني»، فهلا أتينا على أنفسنا بطرد جيوش الإثرة وحب النفس، وخرجنا بإفطارنا إلى الشوارع ليشاركنا ابن السبيل والمعدم والفقير، ولا ننسى قول الشاعر: لو أني حبيت الخلد منفرداً لما أحببت بالخلد انفرادا فلا هلطلت عليَّ ولا بأرضي سائحب ليس تنظم البلادا محمد صديق أحمد