يحرص الكثيرون على أداء شعيرة العمرة خلال شهر رمضان المبارك، مستشعرين فضائل الأعمال والثواب الجزيل خلال شهر رمضان، ومستشعرين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «عمرة في رمضان تعدل حجة معي». ولهذا نرى الجموع تتقاطر والأفئدة تهوي صوب الحرم الشريف من كل حدب وصوب، ومن كل لون وجنس منذ مطلع الشهر وحتى ختامه. ولا تكاد تزور مكة شرفها الله وزادها رفعة، إلا وتجدها في ثوب قشيب ومنظر جديد، وتسجل كل يوم تطوراً وعمراناً وتوسعة وإضافات، وتتمدد في مساحات أفقية ورأسية تستصحب معها كل الفنون الهندسية ببريقها وجمالها وتخطيطها، لتعطيك الإحساس بأنك تصابحها لأول وهلة وتراها لأول نظرة، جراء هذا التطور الهائل والتنظيم البديع الذي تتعرض له بصورة مستمرة تجري علي مدار الساعة دون كلل أو توقف. ورغم هدير الآليات المعدات وحركة العمال المستمرة، فإن ما يجري في رحاب مكة وحول الحرم الشريف من عمران وتوسعة، يبدو عملاً شديد الانضباط لا يعوق حركة الناس ولا يؤثر في منظر الحرم وصورته المرسومة في مخيلة الزوار بجماله وهيبته وقدسيته، بل ويجعل من مكةالمكرمة واحدة من أجمل المدن بناءً ومعماراً وتخطيطاً، رغم تلك الطبيعة الجبلية القاسية. إن التغيير المستمر لمنطقة الحرم والعمل العمراني الكبير الذي لا يعرف التوقف منذ فترة طويلة، ما هو إلا تنفيذ لخطط محكمة استدعتها الظروف وفرضها العدد الكبير الذي يؤم الحرم بصورة يومية من كل الأصقاع، حجاجاً ومعتمرين وزواراً، وحتى يستوعب الحرم هذه الأمواج البشرية فقد اقتضت الضرورة كل هذا الذي يتم، فقد قامت الأدوار العليا بمساحات كبيرة انتقل معها الطواف والسعي، كما اختفت بئر زمزم التي كانت تأخذ مساحة لا يستهان بها، بينما ظل الماء متوفرا ومبردا ونظيفا في كل مكان، ومسح ذلك الخط المرسوم على الأرض تجاه الحجر الأسود، وقد كان يمثل نقطة يتوقف فيها الطواف تماما، وبقيت الأنوار الخضراء تهدي لاتجاه الحجر الأسود، وبين هذه الجموع تتحرك شركات النظافة والصيانة بفهم عال وحركة مدروسة، ليتم تنظيف الحرم وغسله ليبقي جميلا لامعا برغم العدد الكبير والحركة الدائبة. وسوف تبقى دائماً زيارة الحرم الشريف لأداء عمرة رمضان طمعاً في معية الرسول عليه الصلاة والسلام، هي رحلة لا تنسى تصابح فيها الكعبة المشرفة بثوبها الأسود البديع وشموخها المهيب، وتهب عليك أنسام الخير والبركة معبقة بأطيب الأريج وأزكاه. ورغم الرهق وتعب السفر، لكن النفس تظل هانئة فرحة بهكذا زيارة، والله نسأله أن يكتبها للجميع. إعلامي مقيم بالرياض [email protected]