جدل وصل نهاياته .. منظمات دولية فى جنوب كردفان، وجودها اصبح واقعاً معاشاً بحلول السبت المقبل بعد ان وافقت حكومة الخرطوم على الخطوة بعد طول عناد ، سيناريو تكرر اكثر من مرة فى اقليم دارفور ومنطقة أبيى، رفض مستميت ومن ثم رضوخ للمجتمع الدولى وقراراته والتى دائماً ماتجد النفاذ تحت ضغوط يُستجاب لها فى نهاية المطاف. حيث اعلن مسؤولون فى الأممالمتحدة ان السودان سمح لوكالات المنظمة الدولية بدخول ولاية جنوب كردفان بعد ان كان رافضاً تماماً للخطوة، وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية فرحان حق فى تصريح لوكالة فرانس برس، ان البعثة الدولية لتقييم مخزون المواد الغذائية ووسائل الأغاثة ستصل السبت المقبل الى مدينة كادقلى وتضم ممثلى عدد من وكالات الأممالمتحدة، وقال «نأمل فى اجراء تقييم فى اماكن عدة». وتأكيداً لحديث المنظمة الدولية أعلن سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي عثمان أن «6» وكالات تابعة للمنظمة الدولية ستنضم الى بعثة تنظمها الحكومة السودانية الى ولاية جنوب كردفان المكتوية بنار الحرب وذلك لتقييم الاحتياجات الانسانية، واوضح عثمان ان مفوضية المساعدات الانسانية السودانية ستتوجه الى كادقلى السبت المقبل ومعها ست وكالات تابعة للأمم المتحدة تضم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية «أوتشا» وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف»، وقال «سيقيمون الوضع ويرون ما هي الاحتياجات اللازمة لسد الفجوات» في توصيل المساعدات الانسانية للمنطقة، لافتاً الى ان عدة منظمات غير تابعة للأمم المتحدة ستشارك فى البعثة أيضاً. وذكرت المتحدثة باسم أوتشا آماندا بيت أن مهمة البعثة ستستمر لمدة «4» أيام، وقالت ان المشاركين في البعثة يأملون في اجراء تقييم للأوضاع فى الأرض في عدد من الأماكن بالولاية، فى وقت طالب فيه تقرير لمكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة باجراء تحقيق عن أنباء تفيد بحدوث انتهاكات بجنوب كردفان «قد ترقى الى جرائم حرب»، وهو اتهام نفته الخرطوم تماما، ورفضت ما تضمنة التقرير السنوى لمفوضية حقوق الانسان والذي تضمن معلومات عن الأوضاع في جنوب كردفان وصفتها ب»المغلوطة»، وقالت وزارة الخارجية السودانية ان التقرير يردد معلومات هي نتاج منظمات ناشطة في دعم التمرد ومحاربة حكومة السودان، وقال الناطق باسم الخارجية العبيد مروح ان على هذه الأطراف التي تصدر تقارير عن انتهاكات مزعومة بجنوب كردفان أن تكف عن مناصرة التمرد وممارسة الضغوط على السودان، وأن تعمل بدلاً عن ذلك لدعم الجهود الجارية التي من شأنها اعادة السلام والاستقرار للمنطقة، واعتبر المروح أن تقرير المفوضية يفتقر الى الأدلة وتجاوز الحقائق والوقائع علي الأرض في ولاية جنوب كردفان وقال ان الحديث عن جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق انسان في جنوب كردفان حديث مغرض لا يسنده دليل. حيث أثار تقرير مفوضية حقوق الأنسان جدلاً كبيراً فى الأيام القليلة الماضية بوصفه لعمليات توقيف وحالات اختفاء، شملت نساءً واطفالاً، بجانب سلسلة من الاتهامات بتصفيات من دون محاكمة استهدفت اشخاصاً يتبعون للحركة الشعبية لتحرير السودان، وطالب التقرير من ضمن توصياته الرئيسية، بافساح المجال أمام خبراء حقوق الانسان للتحقيق في المعلومات حول الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان، وفتح الباب امام المنظمات الانسانية لنقل المساعدات الى السكان وهو ماتحقق بعد ان وافقت الخرطوم للسماح للمنظمات الدولية بدخول جنوب كردفان، فى وقت اشتكى فيه مسؤولو الأممالمتحدة من فرض قيود عليهم و عدم السماح لهم بالوصول الى المنطقة التي تحتوي على عدد كبير من السكان الذين يعانون من اوضاع وصفوها بالمأساوية وتحتاح الى التدخل العاجل وتقديم المساعدات الانسانية للمتضررين، ووصف دبلوماسي غربي القرار السوداني بالسماح بدخول البعثة الى المنطقة بأنه «ستار» . وقال ان «السودان غير متعاون فهو لم يسمح ببقاء قوات حفظ السلام في أراضيه وأجبرها على مغادرة جنوب كردفان». وذكر مراقبون ان الحكومة السودانية تتخوف من وجود المنظمات الأجنبية وتشك فى نواياها لذلك عمدت فى كثير من الاوقات الى عدم اتاحة الفرصة للمنظمات الدولية بالدخول الي المنطقة واقامة معسكرات للنازحين، معتبرين ذلك ذريعة تريدها الدول الكبري للدخول الي منطقة جنوب كردفان ومن ثم ادانة الحكومة على غرار ماحدث في دارفور، وهو مادفع الحكومة الى رفض قيام اى معسكرات فى المنطقة تصبح مدعاة للتدخل، وكان ان قطعت مفوضية العون الانساني بعدم وجود أي اتجاه لاقامة معسكرات للنازحين في ولاية جنوب كردفان، في وقت أكدت فيه المنظمات الطوعية تدهور الوضع الانساني بالولاية، وأعلن مدير الادارة العامة للعمل الطوعي بمفوضية العون الانساني أزهري الطيب موافقتهم للتنسيق مع منظمات دولية ومنظمات الأممالمتحدة لتقديم العون للفارين من الحرب، وقال الطيب ان المفوضية ضد قيام معسكرات للنازحين بالولاية وأنها لن تقدم لها المساعدات. وفى تصريحات صحفية اوضح نائب امين الاعلام بالمؤتمر الوطني ياسر يوسف عقب اجتماع القطاع السياسي امس، ان المنظمات التي سمح لها بالدخول الي جنوب كردفان منظمات تابعة للامم المتحدة وليست مستقلة، وقال «قصد من دخولها استباق المناقشات التي تجري الان في منظمة حقوق الانسان بجنيف للتأكيد علي ان الحكومة ليس لها ما تخفيه» وطالب يوسف المنظمات الدولية بالالتزام والحياد فى عملها. وفى ذات الاتجاه مضى نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد ووجه اتهاماته لحكومة جنوب السودان وبعض الدول الغربية لدعم مخطط يهدف لزعزعة الأمن وخلق نوع من عدم الاستقرار بالولاية حتى تجد الأممالمتحدة غطاءً لدخول قواتها الى المنطقة، واوضح هجو أن المخطط يهدف لانشاء معسكرات للنازحين لتصبح ذريعة لدخول المنظمات الغربية، وقال «يريدون استنساخ دارفور أخرى بجنوب كردفان» ورغم إقراره بوجود نازحين في المناطق الشرقية بالولاية يحتاجون الى الدعم، شدد هجو على رفض الحكومة للسماح باقامة معسكرات نازحين في الولاية، وأشار لدعمها النازحين منعاً لاقامة معسكرات حتى لا تكون «دارفور تو». وفي الخرطوم، تباينت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض ازاء قرار الخرطوم السماح لمنظمات الأممالمتحدة بالدخول الى ولاية جنوب كردفان التي تعاني من ويلات الحرب. وفى حديثه ل «الصحافة» وصف المحلل السياسى صديق تاور السماح للمنظمات الدولية بالدخول الى ولاية جنوب كردفان بالسيناريو المكرر وقال «اللعبة اصبحت مفهومة لأبسط الناس»، وتابع ان الحكومة ترفض فى بداية الأمر وتنتهج اسلوب المراوغة لتهيئة قواعد حزبها، ومن ثم تضليل الرأي العام بالتدريج الى ان تنفذ القرارات الدولية، والتى سبق ان مارست نفس اللعبة فى اقليم دارفور، وجدل القبعات الخضراء والزرقاء بخصوص قوات يونميد، بالاضافة الى الجدل الذى صاحب وصول القوات الدولية لمنطقة أبيي، الى ان اصبح السودان مرتعاً للقوات الدولية المختلفة والمنظمات الأجنبية والأممية والتى اصبحت تتحرك بحرية تامة فى البلاد، وقال تاور حزب قدم تنازلات من المتوقع ان يقدم مزيداً منها مثل التى ادت الى فصل الجنوب واشتعال النار فى دارفور وجنوب كردفان ، واضاف تاور ان المسلسل الذى يحدث الأن فى جنوب كردفان مشابه لحلقات دارفور. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى الدكتور حسن الساعورى، واضح ان الحكومة السودانية مواجهة بضغوطات كبيرة جداً مادفعها الى السماح بدخول المنظمات الدولية الى جنوب كردفان، وقال السودان لايوجد لديه اى فرصة لرفض المساعدات الانسانية ، وتوقع ان تكون الحكومة قد اعدت العدة لمواجهة الوضع الحالى لمخالفة تصورات المنظمات الدولية بوجود معسكرات للنازحين مثل التى فى دارفور ، الا ان الساعورى ابدى تخوفه من نشاط عبدالعزيز الحلو بتكثيف هجماته بالتزامن مع زيارة البعثة الدولية لزعزعة الاستقرار فى المنطقة وتعقيد الأوضاع فى المنطقة بمحاولته جر الحكومة الى مواجهات جديدة تصبح ذريعة للمنظمات الأجنبية للتدخل فى جنوب كردفان.