لعل واحدة من محاسن الحملة الانتخابية لمرشح المؤتمر الوطني المواطن عمر حسن أحمد البشير هي ان أطفأت كثيرا من (نيران) الخلافات التي (شبت) بين قيادات المؤتمر الوطني في عدد من الولايات ولعل من أهم تلك الخلافات التي تركت اثراً واضحاً بين والي الجزيرة البروفيسور الزبير بشير طه والقيادي بمنطقة المناقل (عبد الباقي علي) الذي قيل انه من أنصار الوالي السابق عبد الرحمن سر الختم الذي انتقل إلى السلك الدبلوماسي وأصبح سفيراً للسودان في جمهورية مصر العربية. فقد عمل البشير خلال زيارته الى انهاء حالة التوتر القائمة بين هذين القياديين وكادت تولد حزبا جديدا دعا إليه عبد الباقي علي أسماه (المؤتمر الوطني للعدالة والتنمية) واثمرت الجهود بعودة (عبد الباقي) إلى داره وتوجت هذه المصالحة بمباركة البشير رئيس المؤتمر الوطني. وغير بعيد عن ولاية الجزيرة اطفاء البشير نيران شبت في (هشاب) المؤتمر الوطني بولاية شمال كردفان خاصة عندما فشل (بندول) نافع في ازالة الصداع الشديد الذي تسبب فيه اختيار الدكتور فيصل حسن ابراهيم لمنصب والي الولاية ونجحت جهود أهل المنطقة في ابعاد فيصل وجاء الخيار على (زاكي الدين)، ورغم ذلك ظلت هناك (نيران) تحت رماد. ولكن في زيارة الرئيس الاخيرة لشمال كردفان بشر الجماهير بأن الامور صارت (لبنا على عسل) بين تلك القيادات (فيصل، وزاكي الدين وأبو كلابيش) وهذا الاخير قاد معركة غير متكافئة مع أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني (حاج ماجد سوار) ولكن انتهت بالصلح وايضاً اتصل البشير هاتفياً بأبو كلابيش مباركاً الصلح وانتهاء (الأزمة) بين (أبو كلابيش) و(سوار) رغم العلاقة الرمزية بين الاسمين وهي (المعاصم) فهي مرتبطة (بالأسورة) و(الكلابيش) مع اختلاف الحالتين. واذا نظرنا إلى الذين خرجوا من المؤتمر الوطني نجد ان تسمياتهم الجديدة ارتبطت (بالعدالة) ولا نعرف هل هذا التعبير اتفق عليه كل الذين خرجوا من المؤتمر الوطني، والسؤال المطروح هل (العدالة) مفقودة داخل (المؤتمر الوطني) أم في الأمر أشياء أخرى غير منظورة. وكما أشرنا فان الخلاف الذي نشب بين عبد الباقي علي والزبير بشير طه في ولاية الجزيرة أدى إلى ان يشرع عبد الباقي في تأسيس حزب جديد باسم (لمؤتمر الوطني للعدالة والتنمية) إذن عبد الباقي يبحث عن (العدالة والتنمية). وقد سبق عبد الباقي في الخروج من المؤتمر الوطني المحامي المشهور (أمين بناني نيو) الذي تولى لجنة الحسبة في المجلس الوطني المعين برئاسة محمد الأمين خليفة وبعد ذلك تولى وزير الدولة بالعدل، ويقول أمين بناني انه استبعد من هذين المنصبين لأنه كان يحارب الفساد في الأولى وكانت هناك قضية (شركات الادوية) وفي الثانية محاربة الفساد في بعض المؤسسات وكشف الكثير عن الاوراق على حسب زعمه. ولكن جاءت اقالة أمين بناني من منصب وزير الدولة بوزارة العدل. وبعدها قال نائب رئيس المؤتمر الوطني ونائب رئيس الجمهورية الاستاذ على عثمان محمد طه قولته (المشهورة) - (الذين يرمون المؤتمر الوطني من خارج الأسوار) وكان في هذا يشير إلى أحاديث وتصريحات أمين بناني، وخرج أمين بناني بصحبة مكي علي بلايل وأسسوا حزباً جديداً «حزب العدالة». ونجد كلمة (العدالة) وردت ايضاً لخارجين جدد من المؤتمر الوطني ولم يستمر تحالف (بناني) و(بلايل) كثيراً فأصبح الحزب حزبين (العدالة الاصل) و(العدالة القومي). ورغم ان الاستاذ أمين بناني رئيس حزب الا انه لم يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية مثل زملائه رؤساء الاحزاب الآخرين مثل (الصادق المهدي) و(محمد ابراهيم نقد) و(يوسف الكودة) الذي استبعدته المفوضية. ولكن (أمين بناني) فضل أن ينافس مرشح المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر بدلاً من ان ينافس (عمر البشير) في رئاسة الجمهورية وأمين بناني تربطه علاقة (نسب ومصاهرة) بالبشير، لهذا فضل ان ينافس عبد الرحمن الخضر في ولاية الخرطوم وكما هو معروف فان الدكتور عبد الرحمن الخضر يعتبر من (أولاد) الاستاذ علي عثمان صاحب العبارة (الذين يرمون المؤتمر الوطني خارج الأسوار) والتي ذهب بعدها أمين بناني خارج (أسوار) وزارة العدل وبالتالي فان لأمين بناني (تار بايت) ان صح التعبير وأمين بناني ليس وحده الذي ينافس عبد الرحمن الخضر من أبناء الحركة الاسلامية في ولاية الخرطوم فينافس (الخضر) في هذه الولاية كل من (بدر الدين طه) - والاستاذ بجامعة النيلين كلية الآداب وصاحب كتاب (الترابي صراع الهوى والهوية) عبد الرحيم عمر محيي الدين والمهندس آدم الطاهر حمدون مرشح المؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم وبالتالي فان هؤلاء الثلاثة بدر الدين طه وعبد الرحمن عمر وآدم الطاهر حمدون يساندون (بناني) في هزيمة (الخضر). إذن المشير البشير مطلوب منه عمليات (رأب صدع) أكبر من التي قادها في الجزيرة وشمال كردفان، يشمل كل الحركة الاسلامية وتعود كل هذه العناصر إلى ديارها ويكون البشير بهذا انتقل من رأب الصدع (الأصغر) إلى رأب الصدع (الأكبر).