يتملكنا الشعور هذه الأيام ونحن نعيش في مختلف المهاجر، بأننا «ناس ليهم قيمة» طالما تأهبنا لاختيار رئيسنا الذي سيرعى شؤوننا الداخلية والخارجية، كما أننا نشعر بسعادة، أن يكون لنا رأي صريح وقاطع في اختيار من نريد أن يكون لنا رئيساً.. وسنمضي بهذا الشعور الجميل، حتى تحين لحظة الانتخابات، لننام في الليلة التي تسبق فرز الأصوات، وكل منا يحلم بمن يحكم السودان. حقيقة هو أمر يدعو للتفاخر على الآخرين بأننا نحن بصفتنا شعباً سنختار رئيساً، حتى قبيل لحظات من فرز الأصوات، ليس بمقدور كائن من كان أن يقطع بمن هو الرئيس القادم.. هل هو إسلامي أم يساري أم علماني أم طائفي أم ماذا؟! .. ومهما تكن التكهنات والتوقعات فسيبقى أمر الرئيس القادم محكوماً بصناديق الاختراع.. ولو كان أمر الرئيس محسوماً فَلِمَ تُرهق الأحزاب نفسها بخوض معركة تدرك أنها خاسرة.. ونحن نقول بهذا الحديث على خلفية ما يدور حول أن يد المؤتمر الوطني هي العليا في أمر الانتخابات، وأن مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية عمر البشير سيفوز من الجولة الأولى، وبكل بساطة، قد تبدو هذه الأحاديث تقارب الواقع ولكنها لا تمثله تماماً.. فعمر البشير الذي يجوب السودان شرقه وغربه جنوبه وشماله، يدرك أن هناك من ينافسه، حتى ولو بدت حظوظه متواضعة من واقع مردود حزبه في الساحة السياسية. نعم يبقى أمر رئيس الجمهورية مرهوناً بفرز الأصوات.. وإن قُدِّرَ لمرشح المؤتمر الوطني أن يفوز، فسيشكل ذلك واقعاً جديداً يجب على الأحزاب التعاطي معه باعتباره رأي الشعب السوداني، شريطة أن تجرى الانتخابات في أجواء صحية بمراقبة محلية ودولية «نزيهة». أما أن يفوز ياسر عرمان أو محمد إبراهيم نقد أو جحا أو تاج السر أو عبد الله دينق أو فاطمة عبد المحمود.. أو أي من القائمة الطويلة التي تريد أن تخدم وطنها ومواطنيها، فينبغي حينذٍ على بقية الأحزاب بما فيها المؤتمر الوطني أن تحترم إرادة الشعب السوداني، وأن تتعاطى مع مرحلة سياسية جديدة قررها الشعب السوداني بكامل إرادته ووعيه. نعم نشعر بسعادة في مختلف مهاجرنا، ولا نريد لهذه السعادة أن تتحول إلى تعاسة يجرنا إليها من يخسر الانتخابات بدعاوى أنها زورت أو استخدمت فيها أساليب فاسدة، وعلى من يسعى لوضع سيناريوهات الاحتجاجات أن يريح الشعب السوداني من إدخاله في دوامة، ربما أجهضت هذه التجربة الديمقراطية التي يريد من خلالها الشعب السوداني أن ينعم بخيرات بلاده، وينام وهو آمن على ممتلكاته، وواثق من قياداته السياسية بأنها تعمل على مصلحته بعيداً عن الغرض والهوى، وأن تستمر تجربة التداول السلمي للسلطة.