أمان نسبى يسود ولاية جنوب كردفان، خمسة عشر يوماً هى المدة المعلنة من جانب الحكومة السودانية لوقف اطلاق النار من طرف واحد فى المنطقة، خطوة وجدت الارتياح من الكثيرين بعد ان تواترت المبادرات الوطنية والخارجية لاسكات فوهات الموت والرصاص وتشريد المواطنين والزج بهم فى مخيمات النزوح والمعاناة المتجددة كل اشراق فى ولاية عانت ومازالت تصرخ من ويلات الحرب، الحركة الشعبية من جانبها وعبر امينها العام ياسر عرمان دعت لاتفاق عاجل بين حكومة السودان والحركة لفتح ممرات آمنة للعمليات الانسانية تحت اشراف الأممالمتحدة ومنظماتها الانسانية بصورة مباشرة لتوصيل المساعدات للمتضررين، وهى دعوه تثير عددا من المخاوف بحسب مراقبين خاصة وان الخطوة تفتح الفرصة للمنظمات الاجنبية بالتغلغل فى جنوب كردفان تحت غطاء الاممالمتحدة، وهو ماترفضه الحكومة السودانية تماماً للسماح للمنظمات الاجنبية بعد ان اشترطت قبول مساعداتها الانسانية عبر بوابة الهلال الأحمر السودانى. صباحات مختلفة يأمل الجميع استمرارها على الأقل وتمديد فترة وقف اطلاق النار ومن ثم السماح بوصول المساعدات الانسانية الى المتضررين والذين قدرت اعدادهم بأكثر من «70» ألف شخص اغلبهم من النساء والأطفال. سكت الرصاص من جانب واحد ومازال المجتمع المحلى والاقليمى والخارجى ينتظر خطوة مماثلة من قبل حركة عبدالعزيز الحلو والتى لم تعلن موقفها بصورة واضحة حتى الأن رغم مناشدات المجتمع الدولى، حيث دعت الولاياتالمتحدةالأمريكية المتمردين في جنوب كردفان الى القيام بخطوة موازية لقرار الرئيس عمر البشير بوقف اطلاق النار لاسبوعين من جانب واحد، ووصفت الولاياتالمتحدة، ، اعلان السودان وقفاً لاطلاق النار من طرف واحد لمدة أسبوعين في جنوب كردفان بالخطوة الايجابية، وطالبت باستئناف المفاوضات، قبل أن تدعو حاملى السلاح الى الاستجابة لنداء وقف الحرب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند في بيان ان اعلان الرئيس البشير خطوة أولى طيبة، وان الولاياتالمتحدة «تدعو بقوة» المتمردين الى القيام بالشيء نفسه، وتابعت المتحدثة الأميركية «يجب أن تعود الأطراف فوراً الى الحوار والتفاهم على وقف حقيقي للعمليات العدائية وحل المشكلة بصورة جذرية ترسم ملامح المستقبل السياسي لجنوب كردفان والنيل الأزرق»، وشددت واشنطن على الطرفين بالتقيد بالعملية السلمية التى تهدف الى تقديم الاحتياجات الاساسية للمتضررين وعدم انتهاز فرصة وقف اطلاق النار لتعزيز مواقعهما العسكرية، وطلبت من الخرطوم السماح بوصول المنظمات الانسانية الى المنطقة. وفي الاتجاه ذاته، تعالت مناشدات وتحذيرات المفوضية الأوروبية للتعاون الدولي والمساعدات الانسانية والاستجابة للأزمات ببروكسل من تدهور الاوضاع فى جنوب كردفان وصعوبة وصول المساعدات الانسانية الى المنطقة، وطالبت المتحدثة باسم المفوضية كريستالينا جيورجييفا فى بيان بالتعامل مع فرصة وقف أعمال العنف لمدة أسبوعين، والتى اعلنها الرئيس البشير «كنافذة» لادخال الأغذية والمواد الطبية العاجلة التي يحتاجها سكان المنطقة، وقالت «انني شديدة الانزعاج من معاناة الأشخاص الذين يعصف بهم الصراع بجنوب كردفان»، ودعت جيورجييفا ، وكالات الأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في السودان الى العمل على توزيع المساعدات العاجلة في المنطقة، وبحسب تقديرات المفوضية بروكسل، بأن هناك اكثر من «70» ألف شخص يواجهون مخاطر عديدة اغلبهم من النساء والأطفال جراء هذا الصراع ويعانون اوضاعا انسانية وصفوها بالمأساوية، خاصة وان المنطقة تشهد فى هذا التوقيت تساقط الأمطار وفصل الخريف الذى يعتمد عليه غالبية السكان فى الزراعة وتأمين قوتهم لبقية العام الا ان الخريف يأتى هذه المرة فى ظروف معقدة وحرجة والمنطقة تفتقد للاستقرار ما ادى الى تعطيل الموسم الزراعى تماماً وهو مايتخوف منه الكثيرون بحدوث فجوة غذائية فى المنطقة التى لم تخلع ثوب الحرب حتى الأن، ونوهت جيورجييفا الى ان الوكالات الانسانية تجد صعوبات في الحصول على تصاريح العمل في المنطقة منذ اندلاع الصراع بها في يونيو الماضي، واوضحت أن الاتحاد الأوروبي يفكر بزيادة مساعداته الانسانية عبر ارسال مساعدات اضافية بقيمة «40» مليون يورو، للسودان ولدولة جنوب السودان. ورغم الموقف الواضح الذى اعلنته حكومة السودان بوقف اطلاق النار من طرف واحد والمناشدات الاقليمية الدولية باتخاذ الطرف الاخر خطوة مماثلة للتى اعلنتها الحكومة لم يفصح عبدالعزيز الحلو عن موقفهم من الخطوة بصورة واضحة، فى وقت طالبت فيه الحركة الشعبية بقطاع الشمال بفتح ممرات آمنة تحت اشراف الاممالمتحدة، من جانبه، دعا الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، لاتفاق عاجل بين حكومة السودان والحركة لفتح ممرات آمنة للعمليات الانسانية تحت اشراف الأممالمتحدة ومنظماتها الانسانية بصورة مباشرة، واتخاذ نموذج عملية «شريان الحياة» التي أسعفت الملايين في جنوب السودان ابان الحرب الاهلية وذلك الى حين التوصل لاتفاق مشترك لوقف اطلاق النار، وقال عرمان، ان فتح الممرات الآمنة سيضمن عدم تأخير وتعويق وصول الاعانات الانسانية أو استخدامها كسلاح. وبحسب مراقبين فان الممرات الآمنة التى دعا اليها الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان بأنها تتيح تغلغل المنظمات الاجنبية فى جنوب كردفان تحت غطاء الاممالمتحدة، وهو ماترفضه الحكومة السودانية تماماً للسماح للمنظمات الأجنبية والتى اشترطت قبول المساعدات الانسانية من الخارج عبر بوابة الهلال الأحمر، واوضحت بأنها لن تسمح لاي موظف اجنبي بتسليم الاغاثة في مناطق النازحين وعلى المنظمات الدولية أن تستخدم موظفيها الوطنيين في تسليم الاغاثة للمحتاجين، وبررت الحكومة بانها لا تستطيع ضمان الامن للموظفين الاجانب في جنوب كردفان، والسماح لهم فقط بزيارة مقار المنظمات في المدن المختلفة، وقالت ان الغرض الاساسي هو ايصال الاغاثة وانه فى حال توفرت الاحتياجات المالية فانه سيستغنى عن المنظمات الأجنبية. وفى حديثة ل «الصحافة» قال المحلل السياسى الحاج حمد ان الحركة الشعبية تريد ان تكرر سيناريو الجنوب والمحافظة على مواقعها بالسودان عبر جناحها قطاع الشمال فى الوقت الذى يميل فيه توازن القوى الى الشمال، ووصف الحاج حمد الموقف على الأرض بالصعب وقال ان النداء الدولى ودعوة الحركة الشعبية لفتح ممرات آمنة تحت اشراف الأممالمتحدة دعوة حق اريد بها باطل، وقال انها خطة محكمة للشعبية بحفظ التوازن فى المنطقة وذلك بادخال المنظمات الدولية والأممية فى جنوب كردفان وفتح المسارات الآمنة لاضعاف الجانب العسكرى بوقف سلاح الطيران الكفة المرجحة لحسم معارك الحكومة والتى ستضطر الى وقف الطلعات الجوية فى ظل وجود المنظمات فى المنطقة وهو الهدف الذى تسعى اليه الحركة الشعبية من فتح المسارات الآمنة، على حسب قوله. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى حسين قنديل ان وقف اطلاق النار من جانب الحكومة يعمل على استقرار المنطقة ولو بجزء نسبى يساهم فى توصيل المساعدات الانسانية للمتضررين، ووصف قنديل خطوة الحكومة بالموفقة وانها ووجدت الارتياح من المجتمع الدولى وعكست موقف الحكومة بابداء حسن النوايا لوقف نزيف الحرب بالمنطقة، واعتبر قنديل مبادرة الحكومة خطوة فى الطريق الصحيح تمهد للحوار وعودة الطرفين الى طاولة التفاوض من جديد لحسم قضية جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحذر قنديل من اتخاذ الطرفين لوقف اطلاق النار فى جنوب كردفان بمثابة استراحة محارب وتعزيز كل طرف لمواقفه العسكرية مايدعو الى مخاوف عديدة بعودة الحرب بصورة اعنف من سابقتها وتأزم الأوضاع اكثر من ذي قبل وتعميق الأزمة الانسانية مايستدعى التدخل الدولى فى المنطقة.