من المظاهر السالبة التي ظلت بمثابة المتلازمة للأعياد تجدد مظاهر الأحزان لدى الأسر التي تفقد اعزاء لديها من الذين حالت الاقدار بينهم وقضاء ايام الاعياد السعيدة بين ظهرانين اهلهم واحبابهم بداعي انتقالهم الى رحاب رب رحيم كريم ،وديننا الحنيف ينهى عن مثل هذه الممارسات التي يعتبرها الكثير من العلماء مخالفة للشرع ،ورغم ذلك يظل الحزن قيمة انسانية سامية طالبنا الدين ان نمارسها وفق موجهات الشريعة السمحاء ،ومر العيد هذا العام على مواطني مدينة الجنيد عامة والحي الشمالي خاصة بطعم ولون مختلفين وذلك لانهم افتقدوا أحد اطهر وانبل ابناء السودان البررة ،غاب عنهم شاب في مقتبل العمر ،نقي السريرة وحلو المعشر ودمث الصفات ،كان بمثابة الزهرة التي تهدي الناس طيب العطر والروائح ،فهو قد مشى بينهم سمحا ،مبتسما، بشوشا وطيبا ،وغادرهم بهدوء ملبيا نداء الوطن بجنوب كردفان متوشحا بثوب الجندية ،وحكاية الملازم شرطة محمد جلال عبد الله تحمل بين طياتها الكثير من الدروس والعبر التي ستحفظها اسطر كتب التاريخ بمداد من نور واحرف من ذهب ،وتوضح ان الانسان يستمد مكانته وسط القلوب بطيب معشره وحسن اخلاقه لذا بكته الجنيد ،والتي بكل تأكيد لم تجدد البكاء اول ايام العيد وكذا اسرته وذلك لأن اهل الجنيد مشهود لهم بقهر الاحزان بسبب تمسكهم بدينهم ومعرفتهم التامة بتعاليمه واكتفوا برفع الأكف تضرعا ودعاء لفاطر السموات والارض ان تتنزل رحمته على الفقيد ،ولعل تجربة زوجة احد سكان الحي الشمالي وهو الزاكي حسن بخيت في العيد قبل الماضي عندما فقدت ابنتها الشابة قبل العيد تعتبر خير نموذج يجب ان يحتزى به ،فالام المكلومة بفقدان ابنتها رفضت البكاء يوم العيد وذهبت لاداء صلاة العيد وبعد ذلك تجولت في منازل الجيران مهنئة بالعيد ضاربة اروع الامثال في الصبر والثبات والرضاء بقضاء الله وقدره ،وصنيعها الرائع هذا جعل الجميع ينظرون اليها باحترام وتقدير وبذلك نالت رضاء الله قبل البشر ،وذات الشئ فعلته اسرة الشهيد محمد جلال المعروفة بتقوى الله والصبر على نائبات الدهر ،وسيظل محمد حيا في الدواخل كما يؤكد سكان الحي الشمالي المعروفين بالتكاتف والتماسك.