مفارقة مدهشة جداً أن تستورد الدولة التى تمتلك 140 مليون رأس من الماشية وأن تصدر الدولة التى بها فقط 7 سبعة الف رأس ومنبع الدهشة أن السودان التى تستورد واحده من أفقر الدول إقتصادياً رغم ثراء مواردها وتعددها وهولندا التى تحتكر تصدير الالبان ومشتقاتها لاتعدو أن تكون جزيرة باردة تطل على بحر بلا شواطئ . والمأزق الاقتصادى الذى نحن فيه تقف من خلفه السياسة التى تغذيه عبر شرايين الحقد وأوردة الاقصاء والانانية لأننا شعب يمارس السياسة بعقول مغلقة ومنغلقة ومعزولة عن محيط العالم الخارجى إلا فى إطار المحاكاة. 0 وفى معظم دول العالم المتطورة الإقتصاد هو الذى يقود السياسة ويوجهها أما فى السودان فالآية معكوسة تماماً فالجدوى السياسية هى مفتاح الفرج وهى معيار القبول أو الرفض وكيف لا؟؟ فالزراعة فى بلد كانت مساحته مليون ميل مربع أصبحت هى البوابة الرئيسية المؤدية الى السجون بسبب السياسات الإئتمانية التى أضرت بالمزارعين وخربت بيوتهم ونفس السياسة هذه هى التى افقدت المنتج الوطنى الميزه النسبية فى المنافسة الخارجية لمحاصيل نحتكر إنتاجها. فإرتفاع نفقات الاداء الحكومى يتم سدادها خصماً على خزينة الدولة التى تمتص كل المدخرات الفردية بفعل الجباية والضرائب السرطانية. وأجهزة الدولة لاتكلف نفسها مشقة البحث عن ظاهرة تدهور الاقتصاد السودانى الا لماماً وأحياناً داخل قاعات المؤتمرات الثرثارة التى اضحت موضة اكثر منها ملتقيات علمية فاعلة . 00ودولة السودان قد ادخلت تغييرا هيكلياً فى بنية إقتصادها منذ بزوغ العام 2000 فى إستجابة لافتة لتدفق عائدات البترول فأهملت الدولة بقية مكونات الإقتصاد الاخرى من زراعة وصناعة وسياحة وعائدات مغتربين ومعادن ...........الخ مما ادى الى الاصابة بعدوى المرض الهولندى بالاعتماد على مورد إقتصادى واحد وأصبح يشكل أكثر من 73% من عائدات الدولة حتى يوم 9/7/2011 (تارخ الإنفصال). 00 وعاجلاً يجب على وزارة المالية والإقتصاد الوطنى أن تعمل جاهده لخلق إستقرار الإقتصاد السودانى بإعادة الهيبة للقطاع الزراعى عن طريق الإهتمام بالثروة الحيوانية وسلالاتها وزيادة إنتاجها من الالبان وإستزراع المراعى ورفع معدلات صحة الحيوان وفتح المسارات والمراحيل بتحجيم الزراعة ووقف تمددها الافقى خصما على المراعى، والاهم من ذلك تمويل كافة الخدمات التى يحتاجها الراعى من تعليم لأبنائه وصحة لنفسه ولحيوانه وتطوير بيئة اسواق صادر الماشية بالتنسيق مع صندوق دعم المانحين فى كل من كردفان والنيل الابيض وسنار والنيل الازرق وكل ذلك يمكن أن يتم وبأعلى كفاءة شريطة أن تجعل الدولة ممثلة فى وزارة المالية والإقتصاد من واقع مسئولياتها المهنية والاخلاقية تجاه المواطن السودانى ان تجعل من الاهتمام بالثروة الحيوانية المنتشرة فى ربوع السودان همها الاول والاخير لتجاوز الفجوة الاقتصادية التى خلفها خروج البترول عبر بوابة إنفصال الجنوب ومن المفيد جداً لحكومة السودان ان تعتمد على مكونات الإقتصاد المرن بتوفير البدائل بدلاً من البكاء على اللبن المسكوب بخروج بترول الجنوب من معطف الخزينة العامة فأصبح الإهتمام بقطاع الثروة الحيوانية أشبه بسياسة الهبوط الإضطرارى ولعمرى انها الصحوة الاقتصادية التى تمهد للانطلاق والتطور المنشود والا فالطوفان قادم !! ودمتم........... [email protected]