أثناء تصفحي لصفحة سودانايل، وجدت مقالاً بعنوان «رحم الله الفريق محمد زين العابدين»، فوقفت لحظات وأنا أقرأ العنوان، وجالت بخاطرى ذكريات لقائي بسعادة الفريق. للحظات لم استطع ان أقرأ غير العنوان، وذلك بسبب الدموع التي ملأت عيني واعتصرني حزن شديد. تعرفت على الراحل لأول مرة في المركز العالمي للدراسات الأفريقية، وبحكم مهامي الوظيفية فقد كنت دائمة الاتصال معه، فقد كان مشاركا في كل مناشط المركز سواء بالحضور لإثراء النقاش او تقديم أوراق علمية للندوات وورش العمل التي تقام فى المركز، واهم ما لاحظته دقته فى التعامل، وذلك من خلال إرسال مادة للمشاركة في مناشط المركز المختلفة، وبالرغم من إرسالها عن طريق البريد الالكتروني، الا انه كان يقوم بالاتصال للاطمئنان إلى وصول المادة المرسلة والتعامل معها. وكتاباته كانت منظمة ومتسلسلة ترغمك على المتابعة. ولعل سبب تعميق العلاقة بينى وأسرتي والراحل الفريق محمد زين العابدين، انه كان صديقاً لخالي المرحوم اللواء «م» فارس عبد الله حسنى عضو المجلس العسكري الانتقالي ومدير الاستخبارات العسكرية سابقا. ولعل تقارب الدفعتين كان سبباً فى العلاقة التي جمعت بين خالي فارس والفريق محمد زين العابدين الذي كان من الدفعة الثالثة عشرة من القوات المسلحة، وخالي المرحوم فارس من الدفعة الرابعة عشرة، وتعمقت العلاقة أكثر عندما عرف أن المرحوم فارس بمثابة والدي لأني تربيت ونشأت على كنفه، فقام بزيارتنا فى منزلنا بأم درمان لتقديم واجب العزاء بعد سنتين لأنه كان خارج السودان فى ذلك الوقت، فلم أشهد مثل هذا الوفاء والحزن على وفاة صديقه اللواء« م» فارس، وبعدها شارك فى لقاء الدفعة «14» المقام فى منزل أم درمان وفاءً لخالي ولتقديم العزاء لأصدقائه. فقد كان دائم الحديث عن خالي، وذكر لي ذكريات أيامه التي كان فيها فى إثيوبيا مع المرحوم فارس، وكيف كانت علاقته بطاقم البعثة الدبلوماسية آنذاك، وكيف كانت علاقاتهم أثناء العمل العسكري، وصادف أثناء تنقلهم فى بعض ولايات السودان قائداً لسلاح المدفعية وجود خالي المرحوم فارس فى تلك المناطق، وبحكم التصاقي الشديد جداً بخالي المرحوم فارس، فقد كنت أسعد بالحديث مع أصدقائه ومعارفه عن ذكرياته معهم. وقد كانت للراحل الفريق محمد زين العابدين إسهامات في الشأن العسكري الاستراتيجي والحال السياسي والاقتصادي للسودان، وذلك من خلال تعاونه فى المركز ومقالاته التي تنشر في الصحف، والذي يميز شخصيته هدوؤه فى الحديث وحسن الاستماع والابتسامة الدائمة المطبوعة على وجهه، والتفاؤل في حديثه وفي كتاباته في الصحف اليومية. في جنة الخلد عين الله ترعاك وأن يجازيك خيراً من فضائله وأن يجافي عن النيران جنباك اللهم ارحمه برحمتك الواسعة، واغفر له ومن سبقه من زملائه، واسكنهم جنة الفردوس مع الصالحين وعبادك المخلصين. وأتقدم بالعزاء لأسرته الكريمة وللأهل جميعا، والى أصدقائه من العسكريين والمدنيين سائلة المولى عزَّ وجل لهم الصبر والسلوان. «إنا لله وإنا إليه راجعون». ٭ رأس الخيمة