ما الذي دعا المملكة العربية السعودية لوضع اسم السودان من بين دول بغرض استقدام خدم منازل للعمل في البيوت السعودية، ما يفرض هذا السؤال انه لم يسبق ان سمحت السلطات السودانية لسيدة سودانية للعمل كخادمة، كما انها تشترط على ذوات المهن والتخصصات الاخرى السفر مع مرافق، فضلا عن أن السودان نفسه يستوعب عددا كبيرا من العمالة الاثيوبية والارترية وتلك القادمة من الغرب الافريقي، فهل سيوافق على تصدير هذا النوع من العمالة، اضافة الى ان هذه الدول المرشحة لاستقدام خادمات منها تسمح بالفعل بمثل هذه الوظائف ماعدا السودان واليمن. وزارة العمل السعودية ابدت رغبتها في فتح الاستقدام للعمالة المنزلية من السودان ضمن دول جديدة بعد أن شهدت المملكة مشكلات في جلب العمالة المنزلية أدت إلى وقف الاستقدام من 3 دول كانت تصدر خادمات وسائقين للسعودية بأكثر من 35 ألف تأشيرة شهريا ، لتصوب انظارها نحو السودان من بين ثلاث دول اختارتها . وبحسب ماورد توقع أعضاء بلجان الاستقدام في الغرف السعودية ، أن تشهد السعودية إقبالا في حال الانتهاء من جميع الإجراءات بين اللجان العمالية في السعودية والسودان واليمن، بعد الإقبال الكبير على الاستقدام من إثيوبيا وكينيا، رغم حداثة التجربة، وقدر متعاملون في الاستقدام بأن تتراوح الرواتب ما بين 800 وألف ريال حسب طبيعة العمل، والمهام الوظيفية المضافة، و8 آلاف ريال لقيمة التأشيرة ورسوم الاستقدام . وقد طرح القرار السعودي اسئلة لاتنتهي حول موقف وزارة العمل السودانية من هذه الخطوة غير المسبوقة من الرياض وحول ردود الفعل الرسمية من الخرطوم عليها وحجم ردة الفعل، فما يلوح من الوهلة الأولى ان السعوديين لم يدرسوا اختيارهم للسودان مع الدول الوارد ذكرها والتي لا تمانع في السماح بدخول خادمات للمملكة العربية السعودية. ويقول الخبير في شئون الهجرة والسكان عثمان احمد عثمان ان هذه الحالة من العمالة غير مسموح بها بالنسبة للسودانيات، فالقانون لايسمح بسفر العاملات السودانيات من دون مرافقين من محارمهن، واشار عثمان في حديثه ل (الصحافة) الى عدة اشكالات قد تنجم من خلال امتهان مثل هذه الاعمال، وقال بالنسبة الينا كسودانيين تحكمنا العوامل الاجتماعية ونادرا ماتحدث في مثل هذه الحالات ان يتجه السودانيون للعمل في المنازل والنساء بشكل خاص، واضاف ان معظم السودانيات سافرن الى الخارج برفقة ازواجهن أو اقاربهن الاقربين، مشيرا الى ان طبيعة العمل كخادمة تتطلب امرأة من غير التزامات وليس لديها اسرة او اطفال على اسوأ الفروض، منبها الى ان المرأة السودانية لاتزال متمسكة بالموروثات الاجتماعية وقال انه من الصعب عليها ممارسة مثل هذه المهن خارج السودان، واستبعد عثمان ان تؤثر الظروف الصعبة التي تعيشها قطاعات واسعة من السودانيين على قبول سودانيات وذويهن العمل كخادمات وقال (رغم ان الحياة اصبحت صعبة وغالية وتحتاج الى المال ولكن لا اتوقع ان تجد الفكرة قبولا في سوق العمل السوداني)، واستغرب عثمان طرح السعودية مثل هذه الوظائف على السودانيات ضمن دول ليست لديها المشكلة في تصدير عاملات مثل اريتريا واثيوبيا وكينيا دون ان تراعي ان السودان لديه تحفظات على هذا المجال واضاف (حتى ان وافق السودان على هذا الطرح اظن ان الاقبال سيكون ضعيفاً جدا). وفي اجابة مقتضبة على سؤال (الصحافة) له قال القانوني محمود سعيد ان مكتب العمل السوداني لايمنح كرت العمل لوظيفة الا في حال عدم توفرها في السودان، بالاضافة الى ان المسألة فيها خرق واضح للقانون منذ البداية، فالسودان لايسمح للمرأة ان تسافر منفردة، مشددا على انه في كل الاحوال لايسمح بمثل هذه العقودات لمثل هذه الوظائف للعمل في الخارج. وكان دبلوماسي سوداني لدى السعودية، قال إن بلاده ترفض التفاوض مع شركات عمالية لإيجاد عاملات منازل للعمل في السعودية، واعتبر أن الرفض نابع من العادات والتقاليد السودانية، وجاء حديث الدبلوماسي السوداني ردا على سؤال لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية حول بيان وزارة العمل السعودية، الذي بينت فيه توجهها لتوفير العمالة المنزلية عبر فتح قنوات جديدة، في 5 دول جديدة من بينها السودان، بعد تعثر ووقف الاستقدام من إندونيسيا والفلبين. وقال متوكل شروني نائب القنصل العام السوداني في جدة «ناقشنا فعليا هذا الأمر لدى السفارة، وهو أمر لا يمكن تنفيذه بالنسبة للنساء بالعمل كعاملات منازل، فالسودانيات لا يعملن في السودان كخادمات، فكيف بالعمل خارج الدولة، لأن العادات ترفض هذا المبدأ». وفي ذات الاتجاه ذهب عبد العزيز أبو طالب، المستشار الاقتصادي في القنصلية السودانية بجدة، «لن يتقبل السودانيون هذا الأمر، فالنساء في السودان عزيزات النفس، وأن الخادمات في السودان هن من دول أفريقية مجاورة وبعض الدول في شرق وجنوب آسيا». وأشار إلى أن مكاتب العمالة في السودان دخلت في شراكات مع مكاتب الاستقدام، للتعاون في توفير عمالة في مختلف المهن، وأردف «لكن توفير عمالة منزلية نسائية أمر غير وارد مهما كانت المغريات».
