الصحفي والكاتب الذي نشأ في (روز اليوسف) وله باع طويل في كل الصحف العربية قد فارقنا يرحمه الله. لقد غامر بحياته وراء كلا الثورات الجديدة في العالمين العربي والافريقي. آخر زيارتين له بالقاهرة قابلته بمنزل صديقي الشيخ حسن بليل بمنطقة الهرم والثانية في دار صحيفة تابعة لبلد عربي كان يرأس تحريرها. عندما لزم فراش المرض عدد من الادباء والمفكرين العرب، منهم نجيب محفوظ ورجاء النقاش وعبد الرحمن الابنودي ويوسف الشريف والطيب صالح شعرت بان العالم العربي بدأت تنطفئ في سماواته شعلاته المضيئة. سيكون تاريخ حياة الصديق يوسف مادة لمئات الموضوعات في الكتب والصحف والمجلات، تلك الحياة المثالية التي ترفض اليأس وتعيش على الانتاج الفكري. وصفه أحد اصدقائه بأن قلبه بين مصر والسودان واليمن. وقال ان يوسف لا يعرف الموت ولا يعترف به. وبعد موته تحدث اصدقاؤه عن خلفيته الاسرية التي جعلته محباً للحياة واثرت على شخصيته. فوالده رجل دين مستنير يعشق الموسيقى وحلو الحديث. علم ابنه يوسف ان جوهر الدين الصحيح في حسن التعامل مع الناس وفي التسامح. وقال ان والدته كانت ترى الوجود جميلاً بعيداً عن الكراهية والظلم. لذلك كونت هذه الخلفيات شخصية يوسف وبهرت الناس. اذن والده ووالدته وضعا بذرة حب الحياة فيه. لقد زادت اخبار وفاته احزاني بعد ان غادرنا صديق الطرفين الطيب صالح الذي كان يعجب به كثيراً لاهتمامه بأحوال الدول العربية والافريقية وشؤون الحكم فيها. والفقيد يوسف كان اضافة إلى تميزه ككاتب وصحفي، ظريفاً خفيف الظل، اهتم بظرفاء مصر وكتب عنهم. عندما نعاه أحد كتاب (المصور) قال عنه انه من الخبراء القلائل في شؤون السودان واليمن. لقد سبقه الى الدار الأخرى صديق آخر للسودان من مصر هو الأخ فؤاد عمر أول مدير لاذاعة (ركن السودان) واختصاصي فن الغناء السوداني الذي أصدر عدداً من الكتب عن كبار فنانينا. وحتى اثناء مرضه وهو طريح الفراش استمر جهده الفكري وزاد انتاجه الذي اهتمت به الصحف العربية. صدر له كتاب (القديس الصعلوك) و(موال الشجن في عشق الوطن) عن زكريا الحجاوي وكان كتابه الثالث عن السودان، ثم كتب مقدمة لكتاب عن مصر، وأخيراً كتب (مذكرات أم نهى)، وقبله كتب (صعاليك الزمن الجميل). لم يلاق حظا في تكريمه من السودان كما فعلت جامعة الخرطوم مع صديق السودان الآخر فؤاد عمر حيث منحته الدكتوراة الفخرية. ولاهتمامه بالدول العربية الحبيبة إلى نفسه قال لأحد أصدقائه وهو على سرير الموت (شفت البيحصل في مصر والسودان واليمن؟) وتعتقد احدى زميلاته في (روز اليوسف) انه عشق السودان واليمن أرضا ًوشعباً وتاريخاً. وأنا من هنا وقد بدأ بعض الاصدقاء يغيبون عني، أعزي زوجته وأبناءه وشقيقاته والابن علي حسن بليل وصديقة الطرفين السيدة شهيدة الباز. يرحمه الله