* لا شك عندي، أن تضميد جراح الوطن لا يتم إلا ب (التسامح).. ولا شك عندي، أن المعادل الأخلاقي للديمقراطية هو (التسامح).. ولا شك عندي، أن (الصبر) و(طول البال)، من قيم التسامح.. وان إدارة الخد الأيسر، لمن صفعك على الأيمن من باب القوة.. والقوة (تسامح). * ولا شك عندي أن لا (فعل) يغلب (سمح).. مع احترامي لتفصيلات الفعل الماضي المجرد وأبوابه، من: نصر/ ضرب/ فتح/ حسب/ فرح. وفي تقديري، أن تصريف (سمح)، يتعدى اللغة، إلى ما هو أبعد من اللغة. * ولا شك عندي، أن النائب الأول لرئيس الجمهورية فخامة الأستاذ علي عثمان محمد طه، يدرك ذلك، و(أكثر). لذا كانت دهشتي (غائبة)، وأنا أراه، في زيارته الأخيرة، لولاية شمال كردفان، يفرد مساحة، لأهل الخلاوى، والصوفية، والسماحة، والتسامح، ويتفقد مظانهم، ويستمع إليهم، ويحادثهم، ويجلسهم مجلساً حسناً. * ولاية شمال كردفان (تبيت على الطوى وتظله، حتى تنال به كريم المغنم).. لا تتوجع، ولا تصرخ.. ولا (تكورك).. * شمال كردفان: الولاية.. القمر.(لم يتساءل القمر مطلقاً لماذا لا أمتلك إشراق الشمس)! * شمال كردفان.. ولاية (سمحة الخليقة ماجدة، لا تتبع النفس الجنوح هواها).. ولا تتكبر على أحد. ببساطة لأنها خالية من العقد (لو لم تكن في القوم أصغرهم، ما بان منك عليهمو كبر). وببساطة أشد، لأنها تنام على وسادة (صوفية). خلاوى على امتداد البصر. أينما وقعت عيناك، وقعت على خلوة. وخلوة ذات وظيفة (Fuction)، ليست كسائر الخلاوى، في سائر البلاد ( مجرد لافتات). خلاوى: لحفظ القرآن وترتيله وتحبيره.. ولعلم الحديث.. وللفقه.. والتجويد.. والعبادات.. والمعاملات.. وأصول الدين.. بل ول (اللغة) و(العروض) و(مجزوء الكامل) و(حذف حرف العلة). * وفي تقديري، أن (التصوف)، هو الأقدر (على خلق وظيفة وطنية في مظهر التنافس القومي).. * وفي تقديري،أن الاسلام ليس أيدولوجياً، كما ذهب إلى ذلك د.هاني يحيى نصري. فالهوية والانتماء ليسا أيدولوجيا.. إلا إذا كان في الانتماء (تصحيفاً). وكل تصحيف أيدولوجيا. وفي تقديري، أن التصوف الذي يزين ساحات الوطن، خالٍ من تصحيفات العرق والاقتصاد وتصحيفات السياسة. ولهذا تبدو مواعينه جميلة وأخاذة.. ونفاذة، وذات عطر و(ألق) و(إلفة) وعبق. * زار النائب الأول لرئيس الجمهورية، خلال زيارته الأخيرة، لولاية شمال كردفان، خلاوى الشيخ موسى ود كدّام. واستمع إلى القائمين بأمرها.. ومسح بيده (الشريفة) رأس طفل لم يتجاوز عمره العشر سنوات، جلس أمامه وقرأ آيات بينات من الذكر الحكيم. وزيارته لخلاوى الشيخ موسى ود كدّام، رمزية لخلاوى تمتد على أرض الولاية: خلاوى الشيخ أبو عزة، وخلاوى الزريبة، وخلاوى الشيخ ود العجوز، وخلاوى خُرسي (ود دوليب)، وخلاوى النهد (الشيخ السنهوري)، وخلاوى الشيخ الجعلي (أم عويشة)، وخلاوى الفكي أبُّو (غبيش)، وخلاوى الشيخ عبد الحفيظ، وخلاوى الشيخ العباس، وأخريات كثر، في دار حمر ودار حامد، والكبابيش، والمجانين، والجبال البحرية. * وشيخ علي، يعرف ذلك، ويعرف أكثر من ذلك، ويحترم ذلك، وينزله منزلاً حسناً. * قلت للأخ الخواض (مدير مكتب النائب الأول) في قصاصة: (بيننا في هذا الحفل الكريم الشيخ أبو عزة)، فقام من مقعده، وجاء إليّ، واصطحبني إلى حيث يجلس الشيخ الجليل. * وفي لحظات كان الشيخ أبو عزة يجلس يمين فخامة النائب الأول. * ما أجمل المراسم وهي تنزل الرجال منازلها. * ما أجمل ابن كردفان، ورئيس البرلمان، الأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر، وهو يخلي مقعده للشيخ الجليل. * ما أجمل الوزيرة أميرة الفاضل، وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي، والوزير الصادق وزير الدولة بالكهرباء، والسيد الفششوية رئيس مفوضية الإيرادات ، والبروفسيور الفادني الأمين العام لديوان الزكاة، وهم يقفون خلف النائب الأول لتحية الشيخ ود العجوز. ما أجمل الأخ ناجي (إعلام القصر) وهو يسعى بين أعضاء الوفد بالمعلومة والتعريف اللازم بالشيخين الجليلين. * ما أجمل كردفان، بخلاويها وشيوخها ورمالها وليلها (الليل في كردفان مش للنوم، الليل للسهر) وكردفان تسهر مع السبحة واللالوبة.. ورمال كردفان تحطُ عليها المياهُ ضناها. * ما أجمل رمال كردفان، وهي تتشبث بك، لا تتركك.. * رمال كردفان لا تتركك (حتى تترك زمام أمرك للطفل الذي كنته).. حسنة الظن، بك وبي وبهم.. (ومن حسن ظنها أنها تنام وحيدة، وتصغى إلى ذراتها، وتصدِّق موهبتها في اكتشاف الألم، فتنادي الطبيب، قبل الوفاة، وتخيّب ظن العدم).