عندما بدأت ازمة دارفور التي خلفت ما خلفت من مرارات واوضاع انسانية وسياسية بالغة التعقيد ساهمت فى توسيع دائرة الهوة بين الدولة والحركات المسلحة فى ارض دارفور وكان ضحيتها المواطنون بمختلف مكوناتهم الاجتماعية حيث سعى الكثيرون لايجاد حلول عاجلة للازمة ووضع حد لها فاسفرت المبادرات من جميع الاتجاهات دوليا واقليميا ومحليا بتوقيع سلام ابوجا فى العام 2005م بين الحكومة وحركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي وسرعان ما لحقت بهذه الاتفاقية العديد من الفصائل الاخرى فى ظل تكرار نداء اهل دارفور بضرورة ان يعود ابناؤهم ?لى السلام فالتحقت بالاتفاقية خمس حركات رئيسة منشقة من حركات اخرى مازالت بالميدان تحمل السلاح. اقرت كل الاتفاقيات والبروتكولات الموقعة مع حركات دارفور بند الترتيبات الامنية والذي بموجبه تم تكوين مفوضتى الترتيبات الامنية ومفوضية «الدى دى ار» اللتين تقومان بتوفيق اوضاع منسوبى تلك الحركات بالتعاون مع المانحين والراعين لهذه الاتفاقية من خلال توفير الدعم اللازم لهم الا ان ما كان متوقعا من التزام مالي من قبل المناحين لم يتحقق ما جعل الدولة امام خيارين صعبين: الأول، المضي قدما نحو تحقيق السلام من خلال الايفاء بتعهداتها تجاه الحركات، الثاني، التنصل عن الاتفاقيات وعدم انفاذ بنودها ومن ضمنها بند الترتيبات ال?منية الذي يحتوي على التسريح والدمج، الدولة اختارت الاستمرار فى نهجها فى استيعاب اعداد كبيرة من مقاتلى الحركات فى صفوف القوات والنظامية من ادنى الرتب الى اعلاها وتسريح آخرين ولكن هنالك شريحة اخرى تم اغفالها وهم مسرحو الحركات المسلحة وبعض القوات النظامية الذين اصبحوا فى كنف مفوضية ال «دى دى ار» لاكثر من سنتين ينتظرون الوعود بدمجهم بعد ان سلموا كل امتعتهم الحربية فى اطار اعادة الدمج والتسريح. مفوض مفوضية نزع السلاح والتسريح بشمال السودان الدكتور سلاف الدين صالح محمد لم يتوقع عند زيارته الاخيرة لولاية جنوب دارفور بغرض المشاركة فى افتتاح مركز سكلى للاطفال اليافعين واطفال الحرب لتسريحهم فى المجتمع هذا الاسبوع لم يتوقع وجود بعض المحتجين على سياسات المفوضية وعلى التزامها بمستحقاتهم تجاهها، فعقب المشاركة فى الاحتفال عاد سلاف الدين الى مكاتب رئاسة المفوضية حيث فوجئ بوجود اعداد كبيرة من المسرحين ينتظرونه لمعرفة حقوقهم التى طال انتظارها حيث تحدث عدد من المسرحين بكل عفوية مع سلاف الدين وطالبوه بضرورة ا? يبلغ وزارة المالية الاتحادية والحكومة الاتحادية بضرورة الالتزام بمستحقاتهم المالية التى ظلت عالقة لاكثر من سنتين بعد ان تم تسريحهم دون الالتزام بحقوقهم من اى جهة ما انعكس سلبا على حياة اسرهم المعيشية وحمل المسرحين سلاف الدين رسالة لابلاغها لحكومة المركز بضرورة ان تفى وزارة المالية الاتحادية والجهات ذات الاختصاص فى حكومة السودان بالتزاماتها تجاه المسرحين باعجل ما يكون لان حياتهم بالمدن اصبحت لا تطاق بسبب عدم توفر السيولة فى اياديهم فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمرون بها. وفى الوقت نفسه ظل مسرحو الحركات المسؤولين عن آخرين فى المعسكرات ومناطق الصراعات المسلحة يترددون على المفوضية بنيالا لاكثر من سنتين دون اى فائدة ولم يحظوا باهتمام من قبل الدولة، وعبر احد ممثليهم وهو عبيد عيد جودة عن بالغ اسفهم لاستخدام عرباتهم امام اعينهم من جهات حكومية الان بينما هم يعيشون تحت خط الفقر واخبارهم السيئة هذه تصل يوميا الى اخوتهم بالميدان الامر الذى دفعهم لعدم الالتحاق باى عمليات دمج او تسريح تقوم بها الحكومة رغم قناعتهم بعدم العودة مرة اخرى لحمل السلاح علاوة على عدم استفادتهم من مشاريع المفو?ية حتى يقنعوا الاخرين الذين يحملون السلاح الان فى الخلاء، وكشف آخرون تحدثوا ل «الصحافة» عن انهم فى ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة اصبحوا عرضة للاستقطابات الحادة من قبل الحركات المسلحة لاغرائهم بالعودة مرة اخرى، ويقول احد مقاتلى حركة الارادة الحرة علي النور ابكر انه منذ ان تم تسريحه لم يتلق اى دعم حتى الآن وان اوضاعه المعيشية اصبحت حرجة فيما ابان بخيت ابكر من حركة العدل والمساواة جناح السلام ان المبالغ التى وعدتهم بها المفوضية 15 الف جنية قبل سنين ولم يستلم منها سوى «400» جنيه مشيرا الى ان هنالك اعدادا كبير? من المسرحين الآن بمعسكرات النزوح لم توفق اوضاعهم ولم يستلموا مشاريعهم التى وعدتهم بها المفوضية وطال انتظارهم لها ما ادى الى استيائهم من الوضع الذى يعيشونه. من جانبه يقول المفوض العام لمفوضية شمال السودان لنزع السلاح والتسريح واعادة الدمج دكتور سلاف الدين صالح محمد لدى مخاطبتهم فى نيالا انهم يعلمون حجم المعاناة والصعوبات التى يمر بها المسرحون من كل القوات النظامية ومسرحو الحركات نسبة لتأخر مستحقاتهم المالية وعزا سلاف الدين ذلك الى امتناع المانحين من ايصال دعمهم تجاه اتفاقية ابوجا بحجة ان هنالك حركات حتى الآن لم توقع على السلام وهى تحمل السلاح ما اضطر الدولة لتحمل المسؤولية لوحدها ودفع جزء من المستحقات واشار الى ان ما تبقى كان سيأتى فى مواعيده لولا الظروف التى?مر بها السودان بعد انفصال الجنوب واستبعد سلاف الدين حل هذه المشكلة فى ظل هذه الظروف الا بعد وصول دعم سلام الدوحة من قبل دولة قطر والمانحين مؤكدا سعيه الجاد مع الجهات كافة وخاصة وزارة المالية لايجاد حلول عاجلة لحين وصول دعم اتفاق الدوحة، من جهته وعد منسق برنامج دارفور ب «الدى دى ار» اسماعيل الربيع بمعالجة الاشكالات كافة التى يمر بها المسرحون وذلك بعد حصرهم وتصنيفهم حسب الجهات التى ينتمون لها وتعيين مندوبين لهم لمتابعة الامر.