(بيت الأزهري ليس ميراثاً خاصاً بأسرته فهو ملك مشاع لكل أبناء السودان،وبابه مفتوح ومشرع لكل من يطلب النصرة والمساندة في القضايا الوطنية أو القضايا المطلبية والمعاشية)...بمثل هذه الكلمات المضيئة أجابت الأستاذة جلاء الأزهري طلب لجنة إضراب الأطباء ، وهم يلتمسون من أسرة الزعيم الأزهري استضافة زميلتهم الدكتورة ناهد محمد الحسن وهي تمارس إضرابها عن الطعام الذي دام لعدة أيام.هكذا حلت الدكتورة ناهد ضيفة عزيزة مكرمة في دار الأزهري،الذي أصبح كخلية النحل من كثرة الغاشين والزائرين والمتضامنين وعلى رأسهم قادة الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني وجموع الأطباء والإعلاميون وسائر المواطنين. ليس غريباً أو مستغرباً أن تلجأ لجنة إضراب الأطباء والدكتورة ناهد إلى هذا البيت الذي تعلو فيه الروح الوطنية والقومية فوق كل ما يفرق الناس في هذه الأيام..وقد شاهدت بعيني مدى الراحة النفسية التي توافرت للطبيبة ناهد وزملائها جراء هذه الاستضافة الكريمة..فقد التف أهل البيت جميعهم حول الضيوف الأعزاء ووقفوا على خدمتهم والترحاب بكل الزائرين والمتضامنين،وكان أكثر ما يخشونه أن تذهب الظنون بالدكتورة ناهد وزملائها إلى التحسس والإشفاق عليهم بسبب الزوار الذين لا ينقطع توافدهم.وقد حرصت والدة كل أهل السودان الحاجة مريم (زوجة الزعيم) إلى الاحتفاء بالضيفة الكريمة وأصرت أن تمضي الليل معها بغرفتها وهي ترجوها - بقلب الأم الحانية-أن تصيب ولو قليل من الطعام والشراب. وخلال الأيام الماضية وبحكم مواظبتي في التردد على بيت الرئيس..شهدت كيف تقاطرت جموع قادة العمل السياسي والمدني وهم يحاولون دعوة الدكتورة للترفق بنفسها بعد أن أنهك جسدها الإضراب المتواصل ، وكان على رأس هؤلاء جمع من آباء المهنة من الأطباء عرفت من بينهم الدكتور الفاضل سعيد والدكتور الزين كرار وآخرين،إلى جانب الإمام الصادق المهدي ومحمد إبراهيم نقد ومبارك الفاضل ولفيف من قادة العمل السياسي بالإضافة للبسطاء من مواطني هذا الوطن الكريم .ظلت الطبيبة المضربة في تنازع نفسي مرير ما بين المضي في إضرابها وما بين الاعتذار برفق وتقدير عن تلك المناشدات الكريمة والأثيرة ، وأخيراً استقر الرأي على إنهاء الإضراب عن الطعام مساء الجمعة الماضي بعد أن تجاوز الأربعة أيام. إضراب الأطباء رغم الظلال السياسية التي تواكبت معه يظل إضراباً مطلبياً كان بالإمكان تجاوزه لو أصغت وزارة الصحة ومن ورائها الحكومة لمطالبه المهنية والمعيشية العادلة..ذاك هو ما أصغى إليه وتفهمه البيت الوطني الذي لا توصد أبوابه.