أحدث قرار الإدارة العامة للجمارك السودانية بإلغاء الاستثناءات الممنوحة للمغتربين العائدين نهائياً للبلاد بإدخال سيارات غير موديل العام، صدمة مدوية في أوساط العاملين بالخارج، وبدد آمالاً عريضة للحالمين بعودة دعت لها كل وسائط الدولة وأجهزتها، وبرغم أن تبرير الجهات المختصة للقرار هدف لدعم الإيرادات العامة وسط حزمة من قرارات قد تم اتخاذها، الا اننا نرى فيه ظلماً لهذه الشريحة التي وهبت شبابها خدمةً لهذا الوطن ودعمه المتواصل دون كلل آو ملل. ودعم الإيرادات العامة يتم بمزيد من تشجيع الاستثمارات والصدق فيها مع إعادة الثقة، وان تكون الخطة واضحة للاستثمار في مشروعات منتجة تستوعب قدراً كبيراً من البطالة وتدعم بنيات البلاد التحتية، لا كما نرى مثل الذي تم في المجالات الاستهلاكية من مخابز ومطاعم وخلافه. وعلى الجهات المختصة محاربة الفساد الذي أهدر قدرا كبيرا من العملات الصعبة في ما يتعلق بالتزوير الذي طال شهادات الصادر في سنوات خلت، وتجفيف منابعه نهائيا ومتابعة آثار التزوير الذي صاحب أخيراً تزوير شهادات الوارد وما دار حوله، وقبل كل ذلك تشجيع العاملين بالخارج لإدخال مواردهم من النقد الأجنبي بطرق تضمن لهم معالجة الفوارق التي تحدث بين أسعار الدولة للصرف والسوق الموازي، وما دامت الدولة تفتح بابا كبيرا للتحرير الاقتصادي فلتبحث جديا ما يعرف بسياسة العرض والطلب في ما يتعلق بالنقد الأجنبي. وسياسة الدولة في التضييق على دولة الجنوب للاستفادة من الخط الناقل للبترول، هي الأخرى أفقدت البلاد قدراً كبيراً من مواردها للنقد الأجنبي، فما الذي استفدناه من خط ربطنا لأجله الأحزمة سنوات خلت دون أن يعوضنا شيئا مما خسرنا، ويقودنا ذلك للقول بأن تكامل الجوانب السياسية والاقتصادية أمر في غاية الأهمية لتجاوز ما نعانيه الآن من تخبط هنا وهناك. وحلم كثير من العاملين بالخارج بأن تمهد لهم وزارة المالية طرق العودة الطوعية للبلاد، والمساهمة من الداخل في دفع عجلة التنمية، وأن يمنحوا مزيداً من المحفزات الجمركية، وأمام الجهات المختصة دراسات تشمل السماح للمهنيين باستجلاب معداتهم التي عملوا عليها بالخارج لتواصل العمل بالداخل، وقبلها أثاث المنازل والسيارات المستعملة حتى يتمكنوا من مواصلة العطاء.