الخرطوم : هويدا المكى بات الحال أشبه بخرطوم الثمانينيات عندما كانت ابرز ملامح المدينة اكتظاظ مواقف المواصلات بالمواطنين في انتظار مواعين النقل .. كان الصراع على الابواب اقرب لصورة الحشر فالكل يتعارك بيديه ورأسه ورجليه من اجل استغلال السانحة عندما يبدأ احد البصات تهدئة السرعة بغية الدخول للمحطة. أزمة المواصلات بالعاصمة ظلت تراوح مكانها دون ان تجد حلا نهائيا، وظل المواطنون يعبرون عن مدى سخطهم وغضبهم من زحمة المواصلات التى باتت تلازمهم صباحا ومساءً، حيث لا يقتصر الازدحام على اوقات الذروة فقط، فالمواطن ينتظر اوقاتا طويلة بموا?ف المواصلات حتى يمل الانتظار جراء الممارسات التى يقوم بها سائقو المركبات، فاحيانا تأتى المركبة الى الموقف وهي خالية، وعندما يهم الركاب باللحاق بها يمنعهم الكمسارى وتذهب خالية تاركة المواطنين فى حيرة من امرهم، اما (الهايسات) فقيمة تذكرتها لاتقل عن جنيهين وهي فوق استطاعة السواد الاعظم من المواطنين الذين لا يمتلكون هذه القيمة وينتظرون المركبات الكبرى ذات التعرفة الأقل، وكانت (الصحافة) شاهد عيان على تكدس المواطنين بالمواقف بالسوق العربي وهم فى قمة الغضب من الواقع الصعب الذي ينسحب على كل مناحي الحياة كما اشاروا? وهم وقوفا والعرق يتصبب منهم وتنطلق عبارات السخط على الحال الذي يعيشونه والمعاناة التي يرزحون تحت وطأتها. في تقاطع شارع القصر مع شارع السيد عبدالرحمن في حيرة من امرهم .. فقد حفيت اقدامهم من الهرولة وراء المركبات العامة التي كانت تأتي ممتلئة الى حد الزحام قصدنا جزءا منهم وتحدثنا اليهم فقال المواطن محمد الشيخ ان الوضع اصبح لايطاق وتساءل محمد الشيخ : « ما هي مبررات ما يحدث اليوم وماهي رؤية الولاية للخروج من الأزمة ؟ و حلول الولاية لأزمة المواصلات لم تكن موفقة وتزيد الطين بلة » واضاف محمد الشيخ ان أزمة المواصلات التي تشهدها الولاية قد تؤدي الى أزمات اخرى وحتى لايأخذ الامر مناحى اخرى لابد من تسوية كل الجهات لمشاكله? بعيدا عن الاضرار بالمواطنين. وفى الموقف «الجديد » لم يكن الحال افضل ، وقال المواطن عمر عباس ان أزمة المواصلات باتت مشكلة تؤرق هاجس المواطنين وازداد الامر سوءا بعد نزول بصات الولاية التى استبشر بها المواطن خيرا فى تجاوز الأزمات التى يتسبب فيها اصحاب الحافلات، لكن للأسف لم ينل المواطن غير المزيد من المعاناة التي ضاعفها بدء تنفيذ خطط ادارة المرور لضبط المخالفات، ومضى عمر للقول ان اغلب المركبات التى تعمل فى الخطوط غير مؤهله فتوقف مجموعة كبيرة منها ادى الى بروز هذه الفجوة. موقف «الاستاد » الذى ضاقت مساحته من كثرة الركاب على الرغم من خلوه من المواصلات الا من عدد قليل من الهايسات المرخصة ملاكى وتحمل الركاب ب2جنيه ، والمواطن فى حيرة من امره لانه لايملك هذا المبلغ ، وتحدث الينا سائق الهايس صديق الذى وجهنا اليهم اصابع الاتهام باستغلال الموقف بازدياد التعريفة ، وقال مدافعا عن سائقى الهايسات ان جميع الهايسات التى تعمل فى الخط ذات رخص ملاكى حيث يدفع السائق الى ادارة المرور خمسين جنيها يوميا ويتساءل من اين ندفع هذا المبلغ ؟ مالم نأخذ من الراكب ضعف القيمة واحيانا لانستطيع توفير هذا ال?بلغ من بداية اليوم حتى المساء ، ويرى صديق ان الهايسات تساعد فى تخفيف الازدحام ونقل المواطنين الى محلاتهم خاصة الذين لا يتحملون الوقوف مسافات طويلة والمضطر سيركب ثم اننا لم نضرب احدا على يده، وقالت المواطنة عايدة ان أزمة المواصلات باتت طبيعية خاصة فى هذه الفترة حيث بات المواطن يعانى منها منذ الخروج من منزله وحتى العودة وحتى اذا قصدت اقصر المشاوير تأخذ منك بضع ساعات وتتساءل عايدة اذا لم يكن أغلبية سكان العاصمة يملكون سيارات ماذا كان سيحدث؟ . يقول المواطن عماد عثمان الذى كانت تبدو عليه علامات الارهاق من الانتظار، انه ظل منتظرا قرابة الساعتين ولم تأت حافلة ، مشيرا الى ان كل حافلة تأتي تعود ادراجها خالية حيث يرفض الكمسارى السماح للركاب بالصعود، ويضيف: ما هي اسباب الازدحام والتكدس بالمواقف طوال اليوم وماذا يدور في اذهان سائقي المركبات الذين يتعمدون التسبب في التكدس، وجراء هذا المسلك ضاق المواطن ذرعا وبات ينتظر زمنا طويلا حتى يتمكن من ايجاد عربة تقله، وحتى اذا جاءت عربة لا يستطيع الركوب بسهولة الا اذا استعمل اسلوب (القوى ياكل الضعيف)، ويؤكد عماد ا? من حق المواطن بعد الانتهاء من رهق العمل وقضاء يوم متعب ان يجد الوسيلة التى تنقله بسهولة ودون معاناة الى منزله، ويتساءل عن اسباب الازدحام وشح المواصلات الذى ظل مستمرا منذ فترة طويلة، وقال ان ما يدعو للدهشة زيادة الوضع سوءا بعد دخول بصات الولاية للعمل في نقل الركاب التي كان من المفترض ان تساعد فى تخفيف الازدحام، ورفع معاناة المواطن من الانتظار، ويقول: لكن للاسف فقد حدث العكس وبات التكدس ابرز معالم المواقف ما يؤدي الى غضب المواطنين ويجعلهم يخرجون عن طورهم ويعبرون عن معاناتهم والضغوط التي يتعرضون لها بعبارات ?ختلفة للتخفيف عن انفسهم . المواطنة سيدة الماحى قالت: ان المواصلات باتت صعبة للغاية خاصة على النساء لان الرجال يمارسون اسلوب القوة من اجل الحصول على مقعد ، وتضيف: من المؤكد ان تبتعد المرأة عن الازدحام حتى لا تتعرض الى اذى حيث يتحين بعض ضعاف النفوس فرصة الازدحام حتى يتمكنوا من السرقة، وتواصل : للأسف بات الرجل لا يقدر ضعف المرأة ولا يهتم بمساعدتها في مواقف المواصلات وبمجرد وصول مركبة تجد اغلبية ركابها من العنصر الرجالى ولايفسحون مجالا للنساء للركوب ، وتتساءل باستغراب ،اين ذهبت النخوة والمروءة ؟ واشارت الى ان المواطن بات يعانى على الاص?دة كافة وان الحياة اضحت صعبة وقاسية لا تعرف الرحمة، وجددت التساؤل قائلة : الى متى نعاني ومتى تنتهى ، وهل كتب على المواطن السوداني ان يكتوي بنيران المعاناة الى ما لا نهاية؟ في موقف مواصلات ام درمان كان الموقف خالياً من اية حافلة مواصلات .. ولا تسمع سوى اصوات رنات الموبايلات التي يسأل متصلوها عن تأخر ذويهم في الوصول الى المنازل.. علي العبيد « موظف» قال انه ظل ينتظر لقرابة الساعة وصول حافلات الصالحة التي لم تحضر منها سوى اثنتين. وتساءل العبيد عن كيفية الحصول على مقعد مع الجموع الغفيرة التي تتقاتل من أجل ذلك . وفي مسار حافلات الفتيحاب كان الوضع اسوأ من باقي المسارات، فالكل شمر عن ساعده انتظاراً لقدوم الحافلات ولكن لا اثر لها. بينما يقول أحمد الشريف «طالب» انه بات يستغرق اضعافاً ?ن الرحلة الى جامعته في انتظار الحافلة، مؤكدا ان ما يقضيه من زمن في حالة الانتظار يبلغ أربع ساعات يوميا دون حساب زمن الرحلة الى الجامعة . وقال ابراهيم بشارة إن مشكلة المواصلات في الموقف باتت ظاهرة يومية، ولم تعد كما في السابق صباح الاحد فقط. ويوضح ابراهيم ان مشكلة المواصلات كانت تبرز صباح الاحد ونهاية يوم الخميس، بيد انها صارت الآن وضعا دائما يقض مضاجعهم. وهناك كانت تجلس على رصيف الاسمنت في انتظار حافلة تقلها الى الفتيحاب الطالبة سلمى الأمين انها تنتظر منذ ما يقارب الساعة دون ان تحظى بمقعد، وتوضح ان الحافلات صارت تختفي كثيراً من الموقف، مؤكدة عدم وجود اي مسؤول عن موقف المواصلات او الولاية لمتابعة مشكلات المواطنين. وكان الوضع في مواصلات الجريف وجبرة والصحافات يسير على ذات النمط.. إذ أن غياب ادارة الموقف هو السمة البارزة للوضع.. وكان مدى الرؤية واضحا للكل، اذ لا توجد عربات لنقل المواطنين .. ورجعنا في المساء لنرى تحسن الوضع .. ولكن كأنك يا بدر ما غزوت .. وبات الأمر أكثر صعوبة من ذي قبل .. ولكن في الحقيقة تغير شيء واحد هو زيادة عدد الجالسين على الرصيف الساخن، بعد أن أعياهم الوقوف في انتظار الحافلات . طالب المواطنون الجهات ذات الصلة بحكومة ولاية الخرطوم وإدارة المرور العمل على حل أزمة المواصلات المستفحلة خاصة في المواقف الرئيسة بالسوق العربي.