* أي نعم .. كانت هذه وظيفة قبل الانفصال !! والطُرفة المريرة الحارقة هي قصة واقعية مع الأسف.. سُئل أحد الأخوه الجنوبيين: إنت شغال شنو؟ فأجاب دون تردد: شغال جنوبي في البرلمان!! فقد كان يكفي أن تكون «جنوبيا» لتحصل على وظيفة دستورية أو أقل قليلاً في لعبة السياسة «القذرة» ولم تكن هذه الطريقة «استقطاب الجنوبيين بالمناصب» وقفاً على حزب دون حزب ولا على حكومة دون حكومة منذ فجر الاستقلال «حقَّنا» إلى يوم الاستقلال «حقَّهم».. إذ لا تخلو أي تشكيلة أو جمعية تأسيسية أو برلمان أو مجلس وطني من أسماء جنوبية تدور مع الحاكم?«وتميل محل ما مال زى سائق البوباي» وكان أمراً شائعاً جداً في البرلمانات الحزبية أن يحوِّل بعض الجنوبيين ولاءهم من حزب إلي حزبٍ في «مسخرةٍ» يندي لها الجبين .. والسياسيون الجنوبيون متعلِّمون وأذكياء يعرفون ألاعيب الساسة ويجيدون المراوغة في دهاليز السياسة بحيث يستفيدون أقصى الفائدة من كونهم «جنوبيين» يحتاج كل حزب أو حكومة لتزيين واجهته بهم .. والأسماء تجل عن الحصر .. حتى إن ثورة الإنقاذ الوطني أتت في مجلس قيادتها بثلاثة ضباط يمثل كل واحد منهم «مديرية» من مديريات الجنوب الثلاث..أعالي النيل بيويوكوان .. الإستوا?ية دومنيك كاسيانو بخيت.. بحر الغزال مارتن ملوال أروب.. ولم تنس مجلس الوزراء الذي ضمَّ ألدو أجو دينق.. وبيتر أورات.. عبد الله دينق نيال.. ومثلما حامت الشبهات حول ود السلطان مارتن ملوال أروب حتى أُطيح به كان أداء السيد بيتر أورات وزير الإغاثة.. «المدير السابق لجمارك البحر الأحمر نظيف اليد اللسان» رائعاً وكان ولاؤه للرئيس وللانقاذ ظاهراً.. وكانت الإغاثة مالاً سائباً إلا إن نفسه لم تحدثه بأن يمد يده ليختلس منها بل كشف ممارسات بيع الإغاثة في بحر الغزال على يد مارتن وأسمع السفراء الغربيين كلاماً شديد اللهجة لتطا?لهم على الرئيس البشير ثمَّ انسحب في هدوء عند أول تعديل وزاري وما زال الدكتور خالد التجاني مدير مكتبه «وقتذاك» يذكره بكل الخير.. وتداول غير هؤلاء من الجنوبيين المناصب الوزارية وعضوية المؤتمرات والمجلس الوطني .. وكانوا مثل «الحمدُ في الصلاة» لا تخلو أي قائمة منهم.. حتى أصبحت كلمة «جنوبي « وظيفة في حد ذاتها وهذا لا يمنع كفاءة بعضهم .. لكن العقلية التي تأتي بهم لتلك المواقع ظلَّت كما هي .. تمومه جرتق.. حتى ذهبوا بدولتهم عليهم يسهِّل وعلينا يمهِّل. * هذه المقدمة كانت ضرورية ونحن على أعتاب أولى مراحل تنفيذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور والتي أعلن د. تيجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور في مستهل جولته في ولايات دارفور الحرب على القبلية والعنصرية والجهوية وهذه من البشريات .. فقد كان الدكتور واضحاً جداً عندما وجَّه كلماته للحشد المحتفل بعودته إلي أرض الوطن وفي معيته نائب رئيس الوزراء القطري آل محمود تأكيداً لإصرار دولة قطر بقيادتها للوساطة للمضي حتى آخر الشوط لإنفاذ الحل الشامل لأزمة دارفور وعودة السلام والاستقرار بالترتيبات الأمنية والعودة الطوعية والم?الحات الأهلية والتعويضات والقسمة العادلة للثروة والسلطة وضمان حقوق الإنسان وإشاعة الحريات .. ولا يمكن لهذه العناوين البارزة أن تتجسد على أرض الواقع بدون تعاضد وتكاتف وتضامن مع أبناء السودان كافةً والذين تأثروا جميعاً بما وقع ويقع في دارفور وبالتالي لا يمكن أن يُترك الأمر لأبناء دارفور وحدهم.. أقول هذا بعيداً عن المناصب والتكالب على السلطة والاستئثار بالثروة بسبب عرق أو جهة أو لون.. وأبناء دارفور من خيرة أبناء السودان علماً وخلقاً وديناً .. والسودان بلدهم المفتوح لهم من أقصاه إلى أقصاه.. ألم يكن الخليفة عبد?الله ود تورشين حاكماً لكل السودان؟ ألم يكن المهندس الحاج عطا المنان من أفضل الولاة لولاية جنوب دارفور بلا منازع؟ ألم يكن المهندس محمود بشير جَّماع أفضل وزير ري في السودان؟ ألم يكن إبراهيم يحيى أول محافظ للمتمة صرة الجعليين؟؟ والحاج آدم يوسف بالشمالية ؟ وعبد الله علي مسار بنهر النيل؟ وآدم حامد بكسلا؟ وكلهم من دارفور وغيرهم كُثر يجلّون عن الحصر لم يأتوا لهذه المناصب بموازنات جهوية ولا محاصصة عرقية.. وهذا ما نحذر منه عند تنفيذ وثيقة الدوحة.. وحسناً فعل المؤتمر الوطني عند اختياره للدكتور الحاج آدم يوسف باعتبار? أحد قيادات المؤتمر الوطني وليس لاعتبارات جهوية كما بدا أول الأمر وقبل أن يوضح المؤتمر الوطني الأمر بصوره جليّة لا لبس فيها. *وانظروا إلى إنجازات المهندس آدم عبد الرحمن رئيس مفوضية أراضي دارفور الذي تجاوزت اهتماماته أراضي دارفور إلى مشكلة الأراضي في كل السودان... رغم الاهمال الشنيع الذي تعاني منه المفوضية عندما تطلب التمويل اللازم لمشاريعها المجازة التي تنال مباركة القيادة وتقديرها!! والمهندس آدم «شغَّال بالخسارة» بعدما ترك آلاف الدولارات «مرتب شهري» من عمله في البترول اليمني وكان يعمل تحت إمرته هناك مئات الخواجات.. ليشتغل بمرتب وزير دولة لا يساوي معشار دخله السابق .. لكنه مرتاح نفسياً لما أنجزه رغم «جرجرة ناس المالية».. وأخشى أ? يذهب الباشمهندس للسلطة الانتقالية أو يستجيب لإغراءات تخصصه الأصلي والعروض التي تترى عليه.. وآمل أن أراه في الحكومة الاتحادية «دون محصاصة» فهو كفاءة سودانية في المقام الأول .. ما دايرين له وظيفة جهوية. إطلِّع ضابط الجوازات في دولة أوربية على جواز د. على الحاج محمد.. وقرأ في خانة الوظيفة عبارة «وزير سابق» فرفع حاجبيه متسائلاً وقال لدكتور علي الحاج «اكس مِنِسْتَر؟ إذ إت أَجُوبْ إنْ يُور كنتري»؟.. وزير سابق !! هل هذه وظيفة في بلادكم؟! وهذا هو المفروض.