٭ يطالع القاريء الكريم في غير هذا المكان وعلى صفحات الرأى بداخل هذا العدد من الصحيفة، المقال الراتب للبروف الطيب زين العابدين الذي ينشر الاحد من كل اسبوع، وقد خصص البروف مقاله هذا الاسبوع لتناول ظاهرة استفحلت في أوساط كوادر حزب المؤتمر الوطني الحاكم بمختلف مستوياتها وشرائحها، وهى ظاهرة الاستقواء بالسلطة، وقد (توسل) البروف في عرضه لهذه الظاهرة برواية وقائع حادثة حقيقية جرت وقائعها بمدينة العيلفون القريبة من الخرطوم، ومن براعات البروف أنه جعل للواقعة عنواناً جاذباً وموفقاً هو (المؤتمر الوطني وأولاد المصارين ?لبيض)، ولا أريد أن أفسد على القاريء متعة متابعة الموضوع من (قلم سيدو) وهو من هو في الامتاع والإقناع، ولكني أتيت على ذكر ما كتب لأنه ذكرني بحادثة شبيهة تنم عن مدى استفحال مرض الزهو بالسلطة واستعراض الفتوة والقوة حتى على من كان صاحب فضل عليهم، ولهذا جعلت لها عنواناً (أولاد الاشلاق) لما هو معروف عن اولاد الاشلاق أو بالاحرى القشلاق من بطش وسطوة على أولاد الاحياء الاخرى، ربما بسبب أن آباءهم ينتمون الى القوات النظامية المختلفة، ولكن أين هى الاشلاقات الآن؟، لقد ذابت واندثرت وبيعت اراضيها ضمن هوجة البيع التي لم تت?ك ميداناً أو فسحة دعك من الاملاك العامة والقومية الاخرى. ساقتني الاقدار ذات سنة لغرض اكاديمي الى ديار الكبابيش، وقد صادف وجودي في حاضرتها سودري أن المدينة كانت تتهيأ لاستقبال الوالي، وكان وقتها اللواء الحسيني عبد الكريم، وكانت المدينة كلها في حالة استنفار ونفرة لجعلها تبدو في مظهر يعجب الوالي ويرضي غروره، وذلك من ذكاء الاهالي لدفعه للاغداق عليهم بالهبات والتبرعات. في تلك اللحظات وبينما كنت بمكاتب منظمة كير الامريكية بسودري اقضي حاجة لي فيها ذات صلة بغرضي الاكاديمي، اذا بمجموعة من شباب حزب المؤتمر الوطني يقتحمون على المدير المكتب بصورة غير لائقة هى أقرب للجلافة ث? يخاطبونه بلهجة جافة وآمرة عن حاجتهم لعربة يستخدمونها في الطواف على المدينة وما جاورها لحشد الجماهير، ولأن مدير كير كان من أبناء كردفان وحاصل على درجة علمية رفيعة وذا نبل وأخلاق، لم يكترث للجفاء والغلظة التي بدت منهم، بل اجلسهم ولاطفهم وطلب لهم مشروباً لحين اعداد العربة التي يحتاجونها، وما إن استلموا العربة وربطوا عليها مايكرفونهم وبدأوا في اختباره (أف أف واحد اتنين تلاته الله اكبر الله اكبر) ثم إنطلق حلقوم هاتفهم بالصراخ (لن نذل ولن نهان ولن نطيع الامريكان والطاغية الامريكان ليكم تسلحنا) وما الى ذلك من شع?رات وهتافات سادت ثم بادت، وما كان منا إلا ان ضحكنا من الاعماق على هذه المفارقة الساذجة، يشتمون الامريكان من داخل عربة الامريكان التي يمتطونها، والشاهد فيما اورده البروف الطيب ان المؤتمر الوطني ما زال حزباً سلطوياً وحكومياً يستقوي بالسلطة ويحتمي خلف الاجهزة الامنية المختلفة، ويستخدمها في لجم الآخرين وقمعهم ويتغذى على خيرات الحكومة كما في المثال الذي اورده البروف..