اختلفت ردود افعال الحزب الحاكم بعيد اعلان تحالف ثلاث من حركات دارفور مع الحركة الشعبية قطاع الشمال تحت مسمى «الجبهة الثورية «، عن تلك التي قابل بها مخرجات الاجتماع الذي عقد قبل اشهر، ويأتي الاختلاف من واقع تغيير لافت طرأ على لغة الحزب الحاكم الذي لم يسبق له ان وسم جهرا الحركات المسلحة المعارضة بالعنصرية، ولكنه هذه المرة اعتبر ان تحالف الجبهة الثورية عنصريا، وهي التهمه التي ظلت تلاحق المؤتمر الوطني منذ صدور الكتاب الاسود بداية هذه الالفية. الاتهام بعنصرية التحالف صدر من نائب امين الاعلام بالمؤتمر الوطني ياسر يوسف الذي قال ان تحالف الحركات المتمردة ليس بالجديد وانها «حركات عنصرية» تحاول تعطيل التنمية وتقويض مسيرة الدستور وادخال البلاد في ازمات لا فكاك منها وقطع بان التحالف الجديد غير قادر على تنفيذ اجندته. باتهامه للتحالف بالعنصرية اعاد نائب امين الاعلام بالحزب الحاكم جدل الحديث مجددا عن العنصرية التي تعتبر من الاتهامات المباشرة التي طالت حزبه وظلت تلاحقه، ويؤكد مراقبون ان هذه الجبهة الثورية كونت كنتاج طبيعي لسياسات الانقاذ التي يصفونها بالمتعنتة والإقصائية والعنصرية والتي يقولون انها افتقرت لصوت العقل والحكمة طوال سنين حكمها، يشيرون الى ان هذه السياسات عمقت الازمة السودانية الى ابعد مدى، محذرين من ان تقود في النهاية لصوملة ما تبقى من السودان، فيما يتخوف آخرون من تكرار سيناريو الحرب الاهلية التي دارت?برواندا وبورندي ، فيما يذهب آخرون ناحية ان الحزب الحاكم يهدف من هذا الاتهام لتصوير الحرب بينه وتحالف كاودا على اساس انها بين دارفور وجنوب كردفان ضد الشمال النيلي «عرب وزرقة»، ويشير اصحاب هذا الرأي الي ان المؤتمر الوطني يسعي من وراء ذلك الى اثارة الرأي العام الشمالي وشحنه عاطفيا ضد التحالف اسوة بما حدث في حرب الجنوب التي يقولون انه البسها الثوب الديني لاستدرار تعاطف الشارع. في المقابل هناك من يؤكد عنصرية هذا التحالف رغم وجود قطاع الشمال داخله، بيد ان اصحاب هذا الرأي لم يذهبوا ناحية ان التحالف ينطلق في معارضته المسلحة والسلمية التي اعلنها ضد النظام من منطلق عنصري يستهدف أهل الشمال، ويعضد القيادي بالحزب الحاكم الدكتور ربيع عبد العاطي من حديث نائب امين الاعلام ويشير الى ان تحالف كاودا يضم في تكوينه حركات عرفت عنها الممارسة العنصرية والقبلية، ويقول في حديثه ل الصحافة عبر الهاتف امس ان توجهات حركتي العدل والمساواة والتحرير جناح مناوي غير خافية ومعروفة، مستدلا بالانشقاقات القبلية?والجهوية الكثيرة التي ظلت طابعا مميزا للحركتين، وقال ان القبيلة تظل هي صاحبة الصوت الاعلى في الحركتين وان منطلقات وتوجهات الحركتين قبلية، ولكن القيادي بالحزب الحاكم يعترف بان التحالف يضم اطرافا لا تحمل اجندة عنصرية، مشيرا الى ان منطلقات الحركة الشعبية قطاع الشمال تختلف، ولكنها والحديث لعبد العاطي تهدف الى تطبيق نظام حكم علماني مرفوض في الشمال لانه يخالف التوجهات والمعتقدات الدينية والثقافية لاهل الشمال، وقال ان الطموحات العنصرية والاهداف العلمانية اجتمعت في التحالف الذي نفي القيادي بالحزب الحاكم ان تكون ل? علاقة بكاودا، دامغا دولة الجنوب برعايته والوقوف خلفه. تحويل المواجهات المسلحة بين الحكومة ومعارضيها في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان من حرب دولة ضد خارجين عن القانون الى حرب قبلية وعنصرية بين مكونات الهامش والوسط النيلي، تخوفات حذر منها رئيس حزب الامة الصادق المهدي حيث قال بوجود إخفاقات كثيرة للنظام واقر أيضا بصمود الموقف المناهض له ولكنه يقول ان ذلك سيضع السودان امام أربعة سيناريوهات حددها في طرح البشير حكومة ذات قاعدة عريضة والتى رفضها المهدي واعتبرها نسخة جديدة من السياسات التي أفرزت الوضع المأزوم والسيناريو الثاني انتفاضة شعبية مع غياب عنصر المفاجأة? والسيناريو الثالث استعداد النظام الحاكم لثورة مضادة مما يمكن ان يستنسخ الحالتين اليمنية والسورية وهذا يعني تدخلا خارجيا وربما يؤدى الى تقاسم السلطة وفي هذه الحالة فإن النظام هو الفائز له ضمن مشاركة الآخرين بشروطه وبدعم خارجي وذلك بحسب مراقبين، أما السيناريو الرابع والذى كان يخشاه المهدي والمؤتمر الوطني هو تحالف حاملي السلاح في دارفور والحركة الشعبية في الشمال، والذى تم اخيرا من خلال ما عرف بتحالف كاودا للانقضاض على النظام بالمركز، وهذا بحسب محللين سيعيد سيناريو الصراع القديم الذي يقال انه كان مندلعا بي? اهل النيل والغرب الاقصى والادنى مما سيقود الى حرب أهلية طاحنة بالسودان واستقطاب حاد كحالتي رواندا وبوروندي. القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر يرفض الاتهام الذي وجهه المؤتمر الوطني للتحالف الجديد مستبعدا ان تكون هناك اجندة عنصرية وقبلية يسعى التحالف لتطبيقها، ويشير عمر في حديثه ل «الصحافة» عبر الهاتف امس الى ان هذا الاتهام جزء من ادوات الحرب التي اعلنها الحزب الحاكم ضد التحالف، معتبرا التحالف تحالفا عريضا يضم مكونات مختلفة تمثل الاساس لمعالجة الازمة السياسية بالبلاد، والتي ارجعها عمر الى سلوك المؤتمر الوطني وممارساته غير الراشدة في الحكم، وقال عمر ان تزوير الانتخابات والافساد في الارض ومصادرة الحريات عبر القبضة?الامنية، وانسداد الافق السياسي من الاسباب المباشرة لقيام تحالف كاودا، وقال ان اغلاق الحزب الحاكم لباب الحوار بعد اندلاع الحرب في النيل الازرق وجنوب كردفان ايضا سبب اضافي دفع الحركة الشعبية للتحالف مع حركات دارفور، ويشير المسؤول السياسي بالمؤتمر الشعبي الى ان العنصرية متفشية في الحزب الحاكم الذي اشتهر بممارستها وقال ان الحزب يشهد صراعات قبلية وعنصرية غير خافية بداخله. وكذلك يرفض قيادي بارز بالجبهة الثورية اتهام المؤتمر الوطني للتحالف بالعنصرية مشيرا في حديث ل«الصحافة» الى ان الحزب الحاكم يستعمل مفردة عنصرية كفزاعة يخيف بها اهل الشمال من تحالف كاودا وتصويره على اساس انه يهدف للدخول في حرب ضد «العرب»، وقال مشترطا عدم ذكر اسمه ان اساليب الحزب الحاكم باتت معروفة وغير خافية، مشيرا الى ان التحالف اكتوي بنيران عنصرية الحزب الحاكم لا يمكن ان ينزلق لهذه الهاوية التي وصفها بالسحيقة، وقال انهم رفعوا شعارات من اجل تغيير الحكم في السودان سلميا او عبر البندقية وليس ازاحة قبيلة، مؤك?ا ان التحالف يضم في تكوينه اعدادا كبيرة من اهل الشمال النيلي وقال ان هذا الامر ينفي عنصرية تحالفهم المزعوم. بينما القيادي بالحزب الحاكم ربيع عبد العاطي يعود وينفي جملة وتفصيلا الاتهامات التي وجهها المسؤول السياسي بالشعبي والمراقبين، ويقول ان المؤتمر الوطني لا يسعى من وراء اعلان عنصرية تحالف كاودا لتكرار سيناريو الحرب بين الجنوب والشمال، ويستبعد الخطاب الديني، مشيرا الى ان كل منسوبي حركات التحالف مسلمين ينطلقون من اجندة مختلفة، مشددا على ان العنصرية غير موجودة في ادبيات وممارسات المؤتمر الوطني الذي اعتبره وعاء جامعا ونسيجا متنوعا يضم كافة قبائل السودان ونفي سيطرة قبيلة او جهة محددة على قيادته اسوة بحركتي مناوي وخ?يل، مستبعدا ان تكون منطلقات الحزب الحاكم ضد تحالف كاودا عنصرية. ومن وجهة نظر ثالثة يرى محلل سياسي ان العنصرية لم تعد وصمة او سلوكا مخالفا، مشيرا الى ان الدستور اتاح لكل مكونات المجتمع السوداني التعبير عن الثقافات القبلية والعرقية، ويقول عبد الله آدم خاطر ل«الصحافة» ان ممارسة العنصرية لاقصاء الآخرين هي المرفوضة، نافيا ان تكون منطلقات تحالف كاودا عنصرية، وقال ان مضي الحزب الحاكم في طريق اطلاق الاتهامات جزافا فهي تسئ اليه ولا تصب في مصلحته، مطالبا ان يكون الاحتكام لنصوص الدستور حول حقوق المواطنة التي تهتم بها كل مواثيق الاممالمتحدة هي الفيصل في حل النزاعات، مشيرا الى?ان التحالف الجديد وحسبما اعلن يهدف للضغط على الحكومة لاعادة الحقوق لاهلها.