«كشمير السودان « ، « نار تحت الرماد « تلك بعض الاوصاف التي تطلق على قضية أبيي التي ظلت تؤرق مضجع اتفاقية السلام الشامل «نيفاشا» منذ توقيعها في العام 2005 م ومثلت مصدر توتر لعلاقة الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وقادت لان تجمد الاخيرة مشاركتها في الحكومة وسحب وزرائها من حكومة الوحدة الوطنية وقتها بسبب الاحداث التي اندلعت في أبيي في مايو 2008 وادت لنزوح الالاف من الاسر وحرق المنطقة بالكامل . اكثر من خمسين اجتماعا بين الشريكين داخل وخارج البلاد عقد لحسم قضية أبيي وتوصل الطرفات خلالها لمايقارب «5» ات?اقات اكبرها خارطة الطريق التي انهت مقاطعة الحركة للمشاركة في الحكومة ودفعت بأبيي للمحاكم الدولية واسفر ذلك عن قرار اصدرته هيئة التحكيم الدولية بلاهاي حدد فيه حدود منطقة أبيي التي استقطعت في العام 1905 من مديرية شمال بحر الغزال بالجنوب واتبعت لمديرية كردفان بالشمال وحتى يومنا هذا وبرغم تكوين لجنة ترسيم الحدود التي اقرتها محكمة لاهاي لتنفيذ قرارها الا ان اللجنة وبسبب رفض وتعنت قبيلة المسيرية الطرف الاساسي في النزاع لم تستطع ان تنفذ قرار المحكمة رغم انها اجتمعت ونجحت في تحديد المنطقة على الورق ولكن اللجنة با?ضائها المشتركين من الشمال والجنوب اختفت تماما عن الساحة ويبدو انها ذهبت ادراج الرياح .ويرى المحلل والكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة «الايام « محجوب محمد صالح ان قضية أبيي لاينبغى ان تترك دون حل لمصلحة السكان والسلام في المنطقة، واضاف «لذلك افتكر ان الافضل في هذه المرحلة ان نبدأ بالقديم الذي بدأنا به «، واقترح محجوب في حديث مع «الصحافة « بان يرفع السياسيين من الدولتين الشمال والجنوب يدهم عن قضية أبيي بشكل مؤقت ، وقال القضية تتطلب العودة للمستوى القبلي وعلي السياسيين ان يرفعوا يدهم فاذا تم نشر القوات الاثي?بية بصورة كافية واعيد النازحون للمنطقة فان الوضع سيكون مناسبا لاجراء الحوار بين زعماء القبيلتين المسيرية والدينكا نقوق بعيدا عن تدخلات السياسيين لايجاد الحل المناسب لهم والذي يرضيهم باعتبارهم الادرى بمصالحهم ، واوضح «وبعد ذلك اذا تم الاتفاق على شئ مشترك ينظر السياسيون لكيفية التعامل مع اتفاق القبائل دستوريا وسياسيا «، وزاد « والا فحسب الخبرة العملية لقضايا الحدود من هذا النوع فانها تعيش لسنوات طويلة وتكون اسبابا لحرب جديدة ومثال لذلك الهند وباكستان اللتين انفصلتا قبل 65 عاما، وحتى الان قضايا الحدود معلق? بينهما ولم تحل وتقود لمواجهات مسلحة بين البلدين بين الحين والاخر « ، واستعرض محجوب المقترح الذي اعده لايجاد حل متماشي الي حد ما مع اتفاق أبيي وقال الفكرة المطروحة الاتفاق على مساحة معقولة لا تضر بمصالح اي طرف وتعرف بانها أبيي الواردة في الاتفاقية بصرف النظر عن قرار التحكيم ومواقف المسيرية وتضم للجنوب دون استفتاء اما باقية المساحات الاخرى يبحث فيها عن كيفية التعايش بان يعتبروها منطقة تكامل او غيرها وتكون منطقة مزدوجة للطرفين الحق فيها، واوضح «المسيرية ماناكرين ان هناك جزءا من المنطقة حق للدينكا نقوك لك? ينظروا لها كمنطقة صغيرة، كما ان ما يهمهم المياه والمراعي وان مصلحتهم ان يكون لديهم الحق في دخول الجنوب « وقال فاذا العلاقة كانت علاقة صداقة في أبيي واتحلت المشكلة سيصبح دخول المسيرية لشمال بحر الغزال لاتحيطه اي مشكلة وبالتالي يستفيدون من توسيع مساحة تحرك مواشيهم ، وزاد «وبنفس القدر الدينكا نقوك سيجدون الحق في التجول بباقي منطقة أبيي» واعتبر ماطرحه مجرد مقترح، ولكنه اكد ان القضية لو تركت للقبيلتين فان بامكانهما استنباط حل افضل حسب مصلحتهما ، واعتبر محجوب وجود القوات الاثيوبية في أبيي تأكيد لفشل الطرف?ن في ايجاد الحل، وقال لابد من تفادى استمرار وجودهم لان العالم لايمكن ان يمولها لسنوات غير محددة وفي ظل عدم وجود الحل ولو طلعت تعود الحرب، وقال ان الجمود الموجود حاليا في ملف أبيي سيتحرك قريبا ولابد من حلول وان لاتكون مفتوحة، واوضح «الوضع الحالي لايمكن الاستمرار فيه لانه يزيد التوتر لابد من انسحاب القوات المسلحة وانتشار الاثيوبية وعودة النازحين « ، وقطع ان قضية أبيي بعد الانفصال اصبحت معقدة لان ما يحكمها العلاقة بين الدولتين ،واضاف «عموما على الطرفين الايجعلوا من منطقة صغيرة تفسد اتفاقية حسن الجوار لذلك لا?د ان تحل كقضية قائمة بذاتها لان ربطها بالقضايا الخلافية الاخرى يعتبر خط مواجهة « ، واردف «ان حل قضايا البترول وغيرها يمكن ان يخلق جو افضل لحل مشكلة أبيي « ، لكن رئيس اللجنة الاشرافية المشتركة لأبيي د لوكا بيونق بدا متشائما في الوصل لحل قريب بشأن قضية أبيي، ويعتبر المؤتمر الوطني المعطل الاساسي لاي اتفاق يتم بشأن المنطقة، ويؤكد ان الوطني متخصص في اجهاض الاتفاقات الخاصة بأبيي ويقول بيونق في اتصال مع «الصحافة « من لندن «قمنا بكل المجهودات على امل ان تطبق الحكمة وتنفذ الاتفاقية لكن انا شخصيا وصلت لقناعة انه في ظل المؤتمر الوطني ما اعتقد ان يكون هناك حل لقضية أبيي مهما حاول الناس، وهذا يؤكد ان المشكلة الان ليست مشكلة أبيي او جنوب كردفان او النيل الازرق وانما مشكلة الموجودين في الخرطوم كان لدي امل في ظل نيفاشا، واردف « لذا أبيي تؤخذ في اطار النظام العام الحاكم للسودان فمهما نقول اتفقنا ينكصوا لذلك لااعتقد ان يكون هناك حل «. واضاف «حاولنا باي طريقة الالتقاء مع الوطني حتى يكون هناك امل لتغيير حقيقي في السودان في ظل نيفاشا و?كن اذا قيمنا ماتحقق من نيفاشا هو حق تقرير المصير وهو «5» مكتسبات الاتفاقية و80% لم يتحقق « .لكنه رجع وقال اذا استطاع الوطني ان ينفذ قرار محكمة لاهاي ويمنحوا أبيي حق تقرير المصير في اطار قرار التحكيم ويتم اعادة ابناء أبيي لمنطقتهم وتضمن للمسيرية حقوقهم الاساسية فان ذلك سيمثل انجازا يمكن معه ان يحدث انفراجه بين الدولتين حتى في الاجراءات المالية المرحلية يمكن يكون فيها اتفاق « . وبذات النبرة يرى القيادي في المؤتمر الوطني والمسؤول عن ملف أبيي الدرديري محمد أحمد ان ابناء أبيي في الحركة الشعبية معطل رئيسي ل?تفاوض حول الملف ويتهمهم باتخاذ مواقف متعنتة في عمليات التفاوض وبتعطيل تنفيذ مايتم الاتفاق عليه، ويقول الدرديري في حديث سابق للاذاعة ان المسألة الاساسية لقضية أبيي والتي ربما تكون سببا لهذا الاختلاف الذي طال أمده هي مسالة أيلولة هذه الأرض كبرت أو صغرت لأحد شطري السودان «، واردف « إذا ما أنت كنت تتحدث عن اى شأن ادارى أو عن اى شأن تنظيمي أو عن اى ترتيب لأمور الحكم في منطقة محددة فذلك مهما كانت الاختلافات حوله يكون من المسائل التى يؤمل حلها باعتبار أنه مهما طال الزمن أو قصر سوف تتغير من حال إلى حال « ، وزاد?« أما مسألة نقل ارض بأكملها من مكان إلى آخر من إدارة إلى أخرى من ربما بلد إلى بلد هي مسألة بالتأكيد جوهرية» ، واوضح « صحيح نحن في السودان المساحة كبيرة جدا بالنسبة لنا وان ما منح إلى جنوب السودان هي أيضا كبيرة ، لكن أيضا بالمقاييس الدولية نفسها فمساحة أبيى ليست صغيرة ، يعنى أبيى مساحتها عشرة آلاف كيلومتر ومساحة لبنان 11 ألف كيلومترمربع ، وبلجيكا تسعة آلاف كيلومتر مربع ، ومساحة لكسمبرج اقل من خمسة آلاف كيلومتر مربع مما يؤكد انها ليست بالمساحة الصغيرة، واضاف « هي ممكن أن تبتلع دول « ، ولكنه رجع واكد ضرورة ?يجاد تسوية سياسية نهائية لقضية أبيي .واخيرا نجد ان قضية أبيي عجز المجتمع الدولي ولجنة حكماء افريقيا برئاسة ثامبو امبيكي الي جانب الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في ايجاد حل مرضي للطرفين طوال الفترة الانتقالية التي امتدت لستة اعوام كما ان برتكول المنطقة نفسه يمثل صنيعه امريكية اذا انه وباعتراف قيادات بالشريكين انهما لم يضعا ولا نقطة على البرتكول ووقعا عليه بشكله الحالي لاسيما وانه جاء بعد مخاض عسير وكادت أبيي ان تنسف اتفاقية السلام وتعيد الاطراف للمربع الاول وهل سيتكرر ذات السيناريو في ظل غياب الحلول .