احتلت قضية الأمن الغذائي في السنوات الأخيرة قائمة التحديات الرئيسة التي تواجه الدول العربية والعمل العربي المشترك، تتمثل في كيفية ضمان توفير الغذاء الكافي لنحو 350 مليون عربي. ويعني مفهوم الأمن الغذائي وفق منظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو)، ضمان حصول جميع الأفراد وفي كل الأوقات على كفايتهم من الغذاء، الذي يجمع بين النوعية والسلامة كي يعيشوا حياة صحية. لكن الفجوة الغذائية العربية اتسعت ووصلت إلى 37 بليون دولار العام الماضي، فيما لم تحقق الزراعة العربية الزيادة المستهدفة في الإنتاج اللازم لمواجهة الطلب على الأغذية، وارتفعت نسبة الاستيراد إلى 90 في المئة من حاجاتها، على رغم توافر الموارد الطبيعية الضخمة التي تملكها هذه الدول، والمتمثلة في الأرض والمياه والموارد البشرية والقدرات ?لمادية. ولفت المدير العام ل »المنظمة العربية للتنمية الزراعية« طارق بن موسى الزدجالي، إلى »استمرار نمو السكان في الوطن العربي بنحو 2.2 في المئة ليبلغ تعدادهم نحو 355 مليون نسمة، في وقت بلغت فيه قيمة الفجوة الغذائية نحو 37 بليون دولار عام 2010». ورأى أن العجز الغذائي العربي »ضخم ومخيف«، مقدراً »الاكتفاء الذاتي العربي ب 50 في المئة بالنسبة إلى الحبوب، و30 في المئة بالنسبة إلى محاصيل السكريات، و30 في المئة بالنسبة إلى الزيوت«. وأشار إلى ضعف الاستثمارات في المشاريع الزراعية في الوطن العربي، إذ »يقل نصيب القطاع الزراعي في الدول العربية عن 5 في المئة من الاستثمارات القطاعية، فضلاً عن تحديات أخرى تتعلق باتساع رقعة التصحر ومحدودية التوسع في الأراضي الزراعية، والعجز المائي الخطير، وضعف المستوى التقني«. إلى ذلك، نبّهت المستشارة الاقتصادية للسفارة السودانية في القاهرة مريم إمام، من »تداعيات أزمة الغذاء العربي على أمن المنطقة واستقرارها وعلى مستقبل الحكومات العربية«. واعتبرت أن الأمن الغذائي »كان أحد أسباب الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن، إلى جانب الأسباب الأخرى المعروفة«. وحذرت من أن »تصل الفجوة الغذائية في العالم العربي إلى نحو 71 بليون دولار بعد 19 سنة من الآن، في مقابل 35 بليون دولار حالياً، في حال لم تبادر الدول العربية إلى إيجاد آليات تمويل واضحة لمواجهة هذا التحدي«. وعزت أسباب الأزمة إلى »?يادة الطلب على الغذاء وارتفاع أسعار النقل التجاري والتغيرات المناخية«. وتتلخص أسباب الفجوة الغذائية العربية، ب »ارتفاع معدلات النمو السكاني، وانخفاض متوسط دخل الفرد وتباين توزيع الدخل، وسيادة النمط الاستهلاكي وسوء استغلال الموارد الزراعية المتاحة (تبلغ مساحة الأراضي المستغلة بالفعل في الإنتاج الزراعي نحو ثلث مساحة الأراضي القابلة للزراعة)، والتوزيع المتباين للأراضي الزراعية، (تستحوذ ستة أقطار عربية هي المغرب والسودان والجزائر والعراق وتونس وسورية على 78 في المئة من الأراضي المزروعة في الوطن العربي)، وانتشار أسلوب الإنتاج العائلي، والفقر المائي«.