الدواعي والمبررات: في عصرنا الراهن يقاس تقدم الأمم بقدرتها على تطوير فروع العلوم المختلفة الفيزياء والكيمياء والبيولوجي وعلوم الأرض, والاستفادة من هذا التطوير في كافة مجالات الحياة لذلك كان لزاماً على الأمم أن تدقق في نظمها التربوية وذلك من خلال مناهجها لتحقيق الجودة المنشودة والقوة المطلوبة، وبالتالي تخرج الأفراد القادرين على مواكبة الحاضر واستشراف المستقبل، وهذا يتطلب إعادة نظر جذرية في الموضوعات العلمية التي تقدم بالكتب المدرسية والمناهج الجامعية. ولأن موضوعات الفيزياء بمراحل التعليم العام تحتاج إلى التطوير المستمر لمواجهة متطلبات القرن الحادي والعشرين، وتحقيق التنور العلمي والتقني وإعداد مجتمع يعيش جميع أفراده في عالم متغير له علاقة كبيرة بالمعلومات و المعارف والقوانين الفيزيائية التي يجب أن يفهموها لتساعدهم في فهم ودراسة الأحداث و الظواهر اليومية في الحياة و تساعدهم في تصحيح المعتقدات غير الصحيحة. ولعل إحدى الخطوات التطويرية المهمة، التي سيكون لها الأثر الكبير بإذن الله وبثقتنا في قدرات تربويي هذا البلد مؤتمر التعليم القومي والذي نتوقع أن يسهم في إحداث تغييرات جوهرية إيجابية، في مستوى ونوعية مخرجات التعليم في هذا الوطن الحبيب، خاصة ما يتعلق منها بالمجالات والجوانب العلمية التي باتت عاملاً مؤثرًا في حياتنا المعاصرة. ان من ابرز المبررات لإعادة النظر في مناهجنا الدراسية، ومناهج العلوم والرياضيات التقدم العلمي والتقني المتسارع ابتداء بالثورة الذرية، وثورة غزو الفضاء، وثورة النانو تكنولوجي وثورة التقنية الحيوية، ثم ثورة المعلومات والاتصالات التي نعيشها الآن. ومن المعروف التقدم العلمي والتقني في أي مجتمع يعتمد اعتمادًا واضحًا على نظام تعليمي يقدم تعليمًا بجودة عالية وخاصة للعلوم والرياضيات، ما يعني أن تطوير وتحديث تدريس هذه المواد ومناهجها وطرق تدريسها ومحتواها العلمي وأساليب تقويمها بوجه خاص، هو نقطة البدء لمواكبة التقدم العلمي والتقني والمضي قدمًا في هذا الطريق. فالتقدم العلمي والتقني بدوره سيؤدي إلى تغيرات جذرية في النظم التربوية والاجتماعية والثقافية، ما يضع على كاهل القائمين على تعليم العلوم والرياضيات، عبئاً اضافياً بضرورة مسايرة هذا الواقع والتكيف معه من خلال تطوير مناهج العلوم والرياضيات، والحرص على اتسامها بالمرونة والتجدد والقابلية لاستيعاب المعرفة العلمية الجديدة والتقنيات الحديثة المتطورة، وتجديد مضمونها بحيث تعمل على تنمية التفكير العلمي، وتطوير المهارات والقدرات لدى الأفراد، وأيضًا من خلال ربطها بواقع البيئة والمجتمع المحلي والعالمي. المبرر الثاني هو التضاعف الهائل في حجم المعرفة العلمية حيث يشهد العصر الحالي تقدمًا كبيرًا في حجم المعرفة التي تضاعفت لأول مرة بعد سنة 1750م، وتضاعفت في المرة الثانية بعد 150سنة (أي في عام 1900م) وتضاعفت للمرة الثالثة بعد 50 سنة (في عام 1950م)، وللمرة الرابعة بعد 10 سنوات (في عام 1960م)، وستصبح المدة التي تستغرقها هذه التضاعفات، للمعرفة أقل في زمن ثورة المعلومات والاتصالات. حيث يقدر خبراء المعرفة العلمية والدراسات المستقبلية أن حجم المعرفة سيتضاعف كل خمس سنوات، وهو الأمر الذي يحتاج إلى آليات تنظيم تتسم ب?لدقة والسرعة لهذا الكم الهائل من المعرفة، لمن يريد استخدامه والاستفادة منه. اذا لابد من مناهج تشمل مهارات تكسب المتعلم المهارات اللازمة للحصول على المعرفة، وتقوده إلى التعلم الذاتي المستمر كما يجب التركيز على المعرفة الحديثة والمعاصرة في هذه المجالات، واستخدام طرق التدريس التي تقوم على التعاون والاهتمام بعملية إعداد المعلم، إضافة إلى الاهتمام بالمداخل التي تحقق وحدة المعرفة وترابطها كالمدخل التكاملي والمدخل المنظومي. ولذلك فإن التربية العلمية وتدريس العلوم والرياضيات يجب أن تركز في القرن الحادي والعشرين على مستحدثات العلم وتطبيقاته التقنية وهذا يشكل تحديًا جديدًا أمام مصممي ومطوري مناهج العلوم والرياضيات، لأنها ستصبح ضرورة من ضرورات التطور العلمي لموطني القرن الحادي والعشرين، حتى يتمكنوا من فهم التغيرات التي تجري حولهم فمثلا قضايا مثل أهمية التوسع في إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة.. والتقدم في مجال أبحاث تقنية التصغير (النانو). من الاهمية بمكان الذي يجعلها في مناهجنا الدراسية. حتى يتم إعداد المواطن المتنور علميًا وتقني?ا، ويجب أن يكون ذلك هدفًا للمتخصصين والتربويين، فقد بات التنور العلمي والتقني، ضرورة حتمية للمواطن العادي في أي مجتمع، حتى يمكنه مسايرة العصر، ومواكبة ما يدور حوله من التغيرات العلمية والتقنية، فهو من الأساسيات التي لا غنى عنها في مجال إعداد الفرد للحياة المعاصرة. إلا أننا نواجه بقلة الصلة بين ما يدرس في المدرسة وبين مواقف الحياة اليومية التي يصادفها التلميذ، واستسهال المدرس استخدام الطرق التقليدية في التدريس لأنها لا تحتاج منه إلى مهارات معينة أو فكر أو جهد معين في تخطيط مواقف تهدف إلى تنمية التفكير. كما يجب أن تراعي مناهجنا إتاحة فرصة لاستخدام المستجدات التي شهدتها بيئة تعليم العلوم والرياضيات كالواقع الافتراضي والمختبر الجاف والمتحف الإلكتروني، والمحاكاة Simulation، والوسائط المتعددة وغيرها. وبناءً على ما سبق يظهر الحرص على تطوير برامج تعليم العلوم على المستويات الإقليمية والدولية، وحرص الدول سواء المتقدمة أو النامية على أن تربط برامج تعليم العلوم فيها بالمعايير العالمية لتعلم العلوم وذلك لمواجهة المنافسة القوية مع غيرها من الدول في المجال العلمي والتقني وتقود النهضة العلمية وتعمل على تطوير البحث العلمي وتزويد الطلاب بما يحتاجونه مستقبلاً في حياتهم العلمية والمهنية في القرن الحادي والعشرين. *جامعة وادي النيل قسم الفيزياء