هذا العنوان قال به الشيخ محمد المامون«ماقولنا», وهو احد رجالات تالودي التي احاطت بها المحن احاطة السوار بالمعصم ولكن طبيعتها انها تقدح معادن المدن فينخذل عنها الوهن والضعف والشيخوخة وتعود صبية قوية تلمع كجلباب ود المامون الاخضر الركا,غاب عن الدنيا ومازالت كلماته تضئ وتوقد نيران الوجد في صدور اهل الله الصوفية. حمل الولي هارون حكومته كلها على ظهره والقى بها في مدينة تالودي ولسان حاله يقول لابد من تصحيح مسار التاريخ فهذا الركام من التجارب الوطنية الفاشلة لابد من مراجعة. فتالودي كانت عاصمة كردفان 19001906» حينما ثار اهلوها وانتقموا لعرضهم وثاروا للوطنية بمقتل ابورفاسة مدير المديرية. انتزعها المستعمر وحملها الى الابيض ومشت الحكومات الوطنية تقتفي اثره في ذلك!!!. حكومة الولاية لم تكن وزراء فقط بل كل الطاقم الاداري والفني. بحضورها كسا الفرح وغطى كل جسد تالودي من برد الشائعات.. تدفق اليها ابناؤها من كل حدب كالسيل يزورون مراقد الصبا والذكريات التي مازالت تفوح منها عطور مختلفة. هنا كنا نلعب «البلي» ونسوق عربات «السلوك» هنا ميدان لعبة «الشليل» شليل وين راح اكلوا التمساح اين «تيرة» و«النون» هنا كنا نصيد القماري بالنبلة والدباس. هنا كنا نضع الشرك «للزرزور» هنا كنا نشتري طعمية عمك الخليفة. هنا ينوم فكي عريبي «عنقريب الهوي» هنا يجلس ساني يبيع الاقاشي.. من هنا حي «الجو» ?خرج نوبة «بره» كما يخرج الحي من الميت، هنا يدق كنده الميز النقارة هنا يصارع «فرتقا» والكلوم «تنقر» ومحمد ميي صاحب الحمار الذي يحمله من الرديف والسوق القديم الى المحلج الذي مازال يحّدق بوجهه المترهل «جضوم ونلمات» مندهشا لما يجري حوله وقد ثوى الخراب في كل جنباته ينتظر الصينيين ليزرعوا القطن من جديد فيطعموه كما يطعم الجن الزئبق الاحمر.. ليشب قويا من جديد ويجهر بصوته الذي لم يشنف الاذان منذ اجيال مضت وتعاقبت فقد طال صمته فطال فقر اهالي تالودي رغم الذهب. تهب رياح الشتاء خجلى تمشي بين الناس وتصفر صفيرا تذكر الناس ب «عمر خوجلي» وقاسم صاحب العود وتلقي التحية للعتالة، ادريس ويونس.. وتمسك بيدها الفروع المتدلية من الاشجار وتكتب بها على الارض «تالودي الى ماضيكي عودي» تعيد عبق الذكرى لمنلوج كتبه الاستاذ عبد الله ود الفكي ومازال دكان اباه يشخر في نومه ينتظر من يوقظه رغم مضي خمسة وثلاثين عاما... ذكريات تتساقط كشجرة التبلدي التي في رقدتها تسد الطرق وتكتب الاحرف الانجليزية لمن غرسها Mintely الانجليزي. اصبح كل شىء يفور فيها كالقنطور انها بوابة الشمال والجنوب الجديدة لا تحبس الناس فقط ولكنها تحبس الثقافة والحراك الاجتماعي حيث الكل قد نسي قبيلته وانتمى للسودان العريض. فانشد فيها شعرا في 1994 يقول: تالودى ماذا أقول فيك والقول معقود في شفاه بنيك جبلك الأشم طوق بساعديه خصرك وأستدل ثيابه فيك سميت تل وتل جاث في صدرك يعبث بناهديك سميت ودا والود يفوح عطرا من تحت ابطيك جرت دمعة على خدك يا أبو عبرة أرى لنفسى فيك تذكر حين كنا نجري على راحتيك؟ تحاول عبثا ان تضمني بين كفيك فنفر كالضوء من بين إصبعيك أتتذكر حين ارتحلنا الى «الجرار» فى اسفل قدميك؟ شيخ عبد الرحمن شايب والصبية حوله مثل السك و سك فى رقبيتك أتتذكر مصارعتك لجبل الليرى وقد سالت دمعة على خديك؟ قالوا ثور تالودى وثور الليرى لا الزلازل فى جفنيك تعال يا أبو عبرة أقص عليك قصة فتيك كنا صغارا نجرى فى الطرقات اسفل قدميك مثل الدم فى العروق لا يأبه بما لديك نحاكى قصة حرب لا ندر متى تحل فيك فريق منا عدو آخر صديق لديك كلنا لديك أين التوم تندل أين نوار نورين ومخيرين تحت اصبعيك ننصب الشرك للقمارى ونجرى فنحن وهى اسرى لديك شجرة التبلدى --- الشرك قبض قبض أين قناصيك أين الكركرة السيس وعربات السلوك تحمل الحب إليك أين أولاد العمدة والخدور أين حمد النيل وناريك ها أنا قد صنعت قاربي من ورق أرسيته فوق ماء عينيك خور يشخر تحت الجميزة أوصيتها به فمهلك لا تسرع قدميك أين حسن خليفة وفاطمة وآدم خابور؟ والطين فى كفيك وشجرة الذنيا أين النونة؟ أين شبابيك؟؟ لقد وصل قاربي الى مرسى مرفأيك أين الكبور وسوطه؟ أين عمى تيه وسيطان العود؟ فى المدرسة الأولية الشمالية أين فكي ازرق؟ وفكي عبد الله؟ وخلوة العرديبة؟ أين جدو والموتر؟ وترانيم القرآن فى القوز تعطر ساحتيك اذكري حين كنا نسرح بالغنم فى غابة السنط؟ أتتذكر زروق والمجنونة؟ أتتذكر محمد ميى والمحلج؟ أتتذكر شجرة الجميزة؟ تمثيلية الحرب صارت حقيقة؟ عبده الزين ومحمد مارى وتاج الدين زكريا لعبوا مبارة لم تنته............. أنها أبدية أتتذكر ساني والجو؟؟ وعنقريب الهوى والجامع؟ أتتذكر قاسم والعود؟ رحلوا مثل الغمام حين يطغى وجهيك أين الأصيفر وفرتك والصراع أين كنده الميز؟ وصدحت الحكامات بشعر رصين تمجد مجد الرجال الذين كتبوا بافعالهم تاريخا جديدا لتالودي فهم قد قتلوا ابرفاسة في ملحمة فريدة في عام 1906 ثم تكرر ذات المشهد في عام 1986 عند نكبة القردود حيث راح ضحيتها اكثر من مائة قتيل ها هو ذات المشهد يتكرر في عام 2011 بذات القوة وبذات التفاصيل ويبقي السؤال المركزي ما هو المقابل ؟؟!! وهل له من وصف؟؟ اجابني احد «الدهابا» وهم الطبقة الجديدة التي يختلط عندها الفرت «الفرث» بالدم الذين يؤجرون صاحب الارض لاستخراج الذهب!!! يحملون المليارات من الجنيهات في اكياس النايلون, قامت حولهم قرى مثل بئر «ود النوبة» التي قيل انها منجم الحركة الشعبية.. والبنك الفرنسي.. و «ود كرشوم» و هكذا يتداخل الياس والامل.. الفرح والغضب.. الضحك والبكاء.. الغباء والذكا.. عندما سألت لماذا هذه البئر باسمي وانا لم ارها قيل انها مثل شجرة المرفين وقرقور البنات تسمى عليها ولا تراها !!!!! وسألتهم عن تحالف كاودا قيل لي انتظر عودة هذه المرأة البدينة من اثيوبيا لتحكي لك القصة !!! فالمسرح الجديد في الجبال على رأسه امرأة لان شفرة الكاتب ثروة قد تم فكها ليس في نفسه فقد بل حريق في الجميع!!!