لُوزة، هي واحدة اللوز، وصوابها بفتح اللام، وحين تتفتح لوزات القطن تمور الحياة بالحياة، تصدح العصافير، تمتلئ النفوس بالانشراح والامل، يخطر صديق المزارع في زهو بين الحقول، تقوقي القماري، وتغني الصبايا بأهازيج الفرح القادم من بين ثنايا اللحظة والوعد المأمول، (سانتظرك حبيبي، لا تتأخر، فالخير وفير، عد الى الحقل، ازف زمان الفرح) أو هكذا هو المعنى حين نترجمه من لغة الى لغة، استمعت اليهن (الصحافة) يشدون ويرقصن بعد ان فرغن من القطفة الأولى في غيط بالفاو القرية 9 . يتناولن على عجل الافطار المحمول في (بستلات) حديدية ضد الصدأ، يعدن من جديد الى الدروب غير المنظورة بين الشتلات، يأخذن اللوزة بشغاف القلب قبل الأيدي ويضعنها بتحنان داخل (الطرحة) المفرودة امامهن في نصف دائرة طرفها الاعلى في الكتفين وطرفها الادنى يكاد يلامس الأرض، وتحدثنا زينب قائدة فريق القاطفات انهن افتقدن القطن لمواسم ومواسم قالت انه كان يزرع على استحياء ولكنه الآن عاد مد البصر كما كان وعادت اليهن السنوات النضرات التي تأتي من بين احلام الطفولة، تتذكر رحلتها الباكرة مع امها نحو الحقول حين كانت تحدثها عن ان ا?قطن يعني ايام الفرح، تقول انها تعمل من اجل بناء عشتها الصغيرة، وتشهد انها ورفيقاتها يجدن الراحة والمال معا حين يكون المحصول قطنا. ولما كان المحصول وفيرا كما رأينا، سالنا صاحب الفدادين الخمسة التي وقفت عليها (الصحافة) صلاح محمد عبد الكريم فقال ان كل عوامل النجاح توفرت لهم من ري منتظم ومبيدات وسلفيات زراعية، وقال انه لن يرضى بغير خمسة عشر قنطارا للفدان الواحد، يقول انه اتبع الاساليب التي جنبته الآفات ومعرقلات الانتاج، ثم يحكي حكايته مع زراعة القطن، يقول انه هجر الزراعة لسنوات قاربت العشرين لأنها لم تعد مجزية وذهب يجوب بلاد السودان الواسعة، مكث في الخرطوم ومنها ذهب الى عطبرة ثم الى ابي حمد سعيا وراء الذهب، نقب عن الذهب لتسعة اشهر ولم يج? شيئا، وحين سمع بعودة القطن الى الواجهة ادرك ان الذهب جاء الى بيته يسعى، فعاد وعمل وسعه في الحقل فأنتج ما انتج، ولا ينسى ان يقول ان شركة السودان للاقطان وعدته بشراء محصوله في الحقل بسعر مجزٍ، وها هو الآن ينتظر الوعد قبل ان تنتهي رقصة الفتيات الثالثة.