* ليس من الحكمة أو الصواب أن ننسب الثورات العربية التي شتعلت مؤخراً بسبب ما يحدث في داخل تلك الدول إلى تدخلات خارجية وإقليمية.. بزعم أن هناك أيادٍ خفية هي السبب في الحراك الشعبي ضد الأنظمة العربية، وإلى وجود غرفة عمليات في تل أبيب هي التي تحرك مسار الثورات لزعزعة حالة الاستقرار العربية وأنظمتها وترسيخ مبادئ المشروع الأمريكي الأسرائيلي لايجاد شرق أوسط جديد.. وكأن الشرق الأوسط الحالي.. أو بالأحرى القديم كانت أنظمته ضد سياسات الإدارة الأمريكية والإسرائيلية.. وإن تلك القوى العظمى تبحث لتجدّد ترسيخ قواعدها ف? البلاد العربية أكثر!؟ أصحاب نظريات التدخل الأجنبي لم يذكروا بطولات الشارع العربي وتضحياته، إنهم يستخفون بالعقلية العربية، ويهمّشون الجهد العربي الذي يسعى للحرية والتي من أجلها قامت تضحيات كبيرة للعيش بكرامة والتحرر من الطغيان، والسودان خيرُ مثالٍ في الثَّورةِ المهدية وثورة أكتوبر وثورة ابريل . * السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. ماهي مصلحة الدول الخارجيه في تحريك الثورات العربية ضد أنظمتها ؟.. والتي في أغلبها مُنصاعة متعاونة وموالية للغرب وإسرائيل؟ فالرئيس حسني مبارك « الذي هو أشدُّ ولاءً لأمريكا وإسرائيل يُقدم لإسرائيل الغاز ويفرش لليهود الحدود المصرية الإسرائيلية ويُغلقها على الفلسطينيين حتى أثناء الحرب على غزة!! وهل يريد الغرب رئيساً أكثر ولاءً من « بن علي « في تونس الذي يقدم الغطاء للموساد ويسمحُ لها بإغتيال العديد من قيادات منظمة التحرير الفلسطينية على أراضي تونس.. بل هم من أنحرف بالثقافة العربية ووجهها نحو الفرنسية حتى حُجّم الدين الإسلامي، وعلى عكس ما تشير بعض الأصابع بإتهام الغرب بصناعة هذه الثورات وتهدد مصالحه.. لذا نجده يسارع بإستثمار الفرصة وركوب الموجة إدعاءً بأنه حقُّ الشعوب في التظاهر والثورة. * كل هذا يؤكد بأن الثورات العربية هي ثورات حقيقية جاءت نتيجة القهر والمعاناة والاستبداد السياسي والظلم المتفشي وغياب الديمقراطية طول عهود هُمِشَّت فيها العقول والأفكار ومُورس فيها الإرهاب.. إنتصرت الثورات في تونس ومصر، أما في سوريا واليمن فالأمر مختلف إلى حدٍ ما. السوريون لا ينسون حكم « الأسد الأب « الذي أراق دماء المواطنين وسِجنُ « تدمر « شاهدٌ على ذلك، السوريون يطالبون بالتّغيير والإصلاحات السياسية. أما اليمن فالإشكال القبلي أهم ما يخلق الإضطرابات فيه في ظل إنعدام الديمقراطية الحقيقية. أما ليبيا فأمر?الطاغية القذافي عجب، فهو سفاحٌ بالفطرة، ارتكب مجازر أبوسليم ضد معارضيه وقتل منهم 1200 عام 1996 م، وشعب ليبيا يخرج تيمناً بثورات تونس ومصر إلا أن القذافي أرادها حمراء فقتلهم تقتيلاً، وأصابته الدهشة الذي كان يظن نفسه إلهاً « استغفر الله « مع إنه رأى بأم عينيه كيف أطاح التُّونسيون من مدينة «بوزيد» برئيسهم « بن علي « حتى قُتل شر قتلة. * هذه الأنظمة في مصر وتونس وليبيا قضت نحبها، وهناك أنظمة تنتظر في العراق واليمن وسوريا والبحرين في ظل الديمقراطية الغائبة والظلم والفقر وغياب العدالة والحكم الموروث وحتى إسرائيل التي نرميها بكل نقيصة نجد مساحة الديمقراطية واسعة تسمح بمحاكمة رئيس الحكومة أو رئيس الدولة إن هو أخطأ... فهل ينطبق ذلك علينا في الدول العربية؟ عقيد ركن عادل حسن حميدة عن مجلة الأكاديمية العسكرية العليا وهذا هو المفروض