وصدر القرار الرئاسي تحت الرقم 44 والقاضي بالغاء وحل سلطة دارفور الانتقالية وتبعه قرار آخر بانشاء سلطة دارفور الاقليمية.. وما أشبه الليلة بالبارحة.. فقبل حوالي أربع سنوات ونيف صدر قرار رئاسي تحت الرقم 81 لسنة 6002م يحمل بين طياته انشاء سلطة اقليمية لدارفور انتقالية مدتها أربع سنوات.. وقامت الدنيا ولم تقعد وزينت الشوارع بالاعلام واللافتات وصور رئيس السلطة كبير المساعدين واستبشر الناس خيراً وان الازمة في طريقها لحل يرضي غالبية الاطراف وان بقيت بعضها خارج السرب.. ومرت الايام والاشهر والسنون والسلطة بين مطرقة الدولة الطرف الاول والاصيل في الاتفاق وبين سندان متطلبات ومعينات التنفيذ وتحويل النصوص من أسطر الاوراق وتنزيلها الى ارض الواقع المعاش في ارض الاقليم لتنزل برداً وسلاماً على مخيمات النزوح واللجوء.. فترى في بعض الاحيان موج الجذب في هدوء وبوتيرة ورزم متناسقين، وفي البعض الآخر يسود الهرج والمرج لدرجة يختفي معها رئيس السلطة ويتوارى عن الانظار.. ومن ثم يعود وفي يده مصفوفة وردية جميلة لادارة الازمة.. هكذا كان الحال الى ان بلغ السيل حلمة الاذنين وقرب زمن الانتقال من نهايته ويبقى سؤال هذا الناس عن الانجازات والاخفاقات.. ماذا تم انجازه ولماذا لم يتم انجاز البعض الآخر؟ ولم يتم الرد من قبل رئيس السلطة الانتقالية لسبب معقول ذلك لانه ترك الجمل بما حمل وولى وجهه قبلة اخرى.. وهنا يبرز السؤال الاهم.. من قتل او اسقط ابوجا او شارك بصورة مباشرة او غير مباشرة في وأدها وهل فعلاً ماتت هي؟ نقول رداً أنهم كثر وبدرجات متفاوتة ولكن نبدأ أولا باهل الاتفاق من الحركات الموقعة واهمها حركة وجيش تحرير السودان الكبرى قبل الانشقاقات هذه الحركات كانت السباقة في الدخول لحظيرة السلام وأول من رمى بسهمه وراهن على نجاح المبادرة واول من وطأت اقدامه ارض الوطن مسالماً واول من وضع سلاحه ارضاً وانخرط في الترتيبات الأمنية «الا البعض» فهي اذن -أي الحركة - تعتبر من أولي الفضل والمبادرة في هذا المجال.. ولكن هوى النفس والإيثار والتناحر قضى على وحدتها وتشرذمت وتشققت وانقسمت على نفسها الشيء الذي اضعفها وخارت قواها وأصبحت هدفاً سهلاً للآخرين ولم تعد كلمة رئيسها مسموعة لدى الطرف الآخر وبمطالباته العديدة بتنفيذ بنود ما تم الاتفاق عليه في ابوجا وملحقاتها لم تلق الآذان الصاغية بجانب مناكفات رفاقه من الحركات المنشقة الاخرى فصار يصارع في أكثر من جهة حتى خارت قواه فخرج ولم يستطع الآخرون سد الفجوة من بعده بعد أن اتسعت فوهة الاطماع الارثية.. فكانت هذه أول السهام التي اخترقت جسد الاتفاق. السهم الثاني القاتل جاء من طرف الدولة وهي يشار اليها في الاتفاق بالطرف الأول أي الطرف الاصيل.. عدم الالتزام على ما تم الاتفاق عليه خاصة في مجال تمويل مشاريع إعادة التأهيل والنازحين وإعادة الاعمار بنسبة لا تتعدى ال 02% والعمليات المصاحبة للاستقرار الاجتماعي والامني والاقتصادي ساعدت كثيراً في عدم تمكين رجال السلطة الانتقالية لتنفيذ جل المشروعات التنموية فمن ضمن جملة مبلغ 007 مليون دولار مشاركة الدولة في محفظة الإعمار والتنمية لم يسلم الا حوالي أقل من النصف؟؟ وهنا نشير الى الاخوة في السلطة الجديدة. ونذكر بأن ما تبقى من هذه الاموال سيظل من حق النازحين واللاجئين وهي وديعة لدى خزان وزارة المالية. السهم الثالث انطلق من قوس المجتمع الدولي الذي التزم وبكل الوضوح عند التوقيع بتمويل الجزء الاكبر من عمليات إعادة الاعمار والتنمية ولكنه تقاعس ولم يوف لالتزامه لعدة أسباب ابرزها عدم وجود متابعة لحوحة ومتمرسة تعرف كيف تنتزع الحقوق المتفق عليها.. وايضاً تخوف هذه الجهات المانحة من تسرب هذه الهبات لجهات أخرى ومشاريع غير متفق عليها وتخوفهم من الصرف الفسادي مع قلة الكوادر الفنية والادارية عالية التدريب لتنفيذ الخطط والبرامج. رابعاً: انطلق سهم قاتل آخر من جهة بعض المشككين من أبناء الاقليم نفسه خاصاً من بعض السياسيين والمفكرين والمنتمين الى جهات حزبية وفكرية مناوئة للاتفاق هؤلاء النفر من القوم شككوا منذ البداية بان هذه الاتفاقية لن تساوي قيمة المداد الذي كتبت به في رأيهم وقد عملوا على اسقاطها من الداخل والخارج بإثارة اهل المعسكرات والنزوح واللجوء والعمل الخارجي المضاد حتى تم لهم ما ارادوا وهنالك عوامل أخرى كثيرة ساعدت أيضاً في هذا المنحى. وسقطت ابوجا.. ثم ماذا بعد؟ أبوجا لها رجالاتها السياسيون والعسكريون موجودون ملء السمع والبصر وهم في انتظار هيكلة السلطة الجديدة والمحاصصة في انتظار معرفة نصيبهم المفروض من التقاسم حسب ما جاء في وثيقة الدوحة ولذا تتقطع بهم السبل في كل الاحوال فهم الاصل وما سواهم سيبقى فرعاً من الفروع والكل يعلم الجهة التي جاءوا منها قبل التوقيع على أبوجا. ونقول للجنة المكلفة بتنفيذ القرار الجمهوري وهي برئاسة الأخ الفريق بكري حسن صالح نقول ان عليها ان تبدأ بالاهم وهو تسوية حقوق العاملين بالسلطة المحلولة قبل البدء في حصر الممتلكات وتحويلها الى رئاسة الجمهورية كما جاء في نص القرار لأن هؤلاء القوم لا يمكنهم الصبر على طول بال وزارة المالية وبروقراطيتها المعهودة في مثل هذه الامور فهؤلاء الناس لهم التزاماتهم المالية تجاه الآخرين وتجاه مسؤولياتهم الأسرية والاجتماعية، فالأحرى ان تسوي حقوقهم أولاً ومن ثم تذهب اللجنة الى جرد الاثاثات والمنقولات والأدوات المكتبية الأخرى. ونرجو أن نلفت نظر الأخوة من السلطة الجديدة ونقول لهم إن تسريح أكثر من 1541 من موظفي السلطة الانتقالية بداية غير موفقة «مع عدم وجود صلة بين الاتفاقيتين» ظاهرياً فهؤلاء القوم هم الذين بدأ السلام على أيديهم وستظل وثيقتهم الموقعة في أبوجا هي الاصل رضى من رضى وأبى من أبى. وأخيراً نقول جاءت الدوحة لتكمل أبوجا وهي أوسع ماعوناً وباستطاعتها استيعاب الكوادر القديمة في السلطة الانتقالية وتعزيزهم بكوادر جديدة من إخوة لهم من الدوحة والاقليم وبذا تكون واحدة من أهداف الدوحة قد تحققت بتضمين أكبر عدد ممكن من شباب الاقليم في خدمة مدنية مسالمة إرساء لثقافة بديلة لحمل السلاح، علماً بأن كوادر مفوضيات السلطة الانتقالية في أغلبهم تحت سن الثلاثين وأرجو أن تكون المعلومة قد وصلت لأن الدوحة قد لا تكون نهاية المطاف قد تأتي واشنطن أو كراتشي أو أية عاصمة أخرى. والله المستعان [email protected]