في كثير من الدول في عالمنا المعاصر المؤسسات التربوية تطبق فكرة التعليم التعاوني وقد يتساءل البعض ما معنى مفهوم التعليم التعاوني، الدراسات العليا تقيم مكتباً للتعليم التعاوني وهذا المكتب يقوم باختيار الطلاب من مختلف الجامعات مثلاً كليات الصيدلة والطب والعمارة والبيطرة والدراسات الاسلامية والاقتصاد.. الخ والهدف منه تدريب الطلاب والطالبات أثناء دراستهم في الجامعات التي ذكرناها آنفاً وهذه الفكرة رائدة بحيث يمزج الطلاب الدراسات النظرية بالعملية في الكليات التي يدرسون بها، فطالب الطب مثلاً يدرس في كلية الطب حيث يتدرب على العلوم الطبية وفي نفس الوقت يواصل دراسته في جامعته، وجامعة الملك سعود وهي من الجامعات العريقة تطبق هذه الفكرة وتنشيء مكتباً في الجامعة عن التعليم التعاوني ومختلف المؤسسات التعليمية الرائدة تنشيء مكتباً للتعليم التعاوني بها. والتعليم التعاوني يحقق مزايا عديدة ومن هذه المزايا الطلاب والطالبات يتعرفو ن على المواد التي يدرسونها في كلياتهم بطريقة عملية. التعليم أيها السادة يعتبر المقدمة المنطقية للتنمية في كافة مجالاتها ولا يمكن التحدث عن التنمية في غياب التعليم فالدول المتطورة عملت وتعمل كل ما في طاقتها في سبيل الاهتمام بالتعليم وترصد مبالغ طائلة للتعليم، فحين أطلق الاتحاد السوفيتي الكلبة لايكا في الفضاء الخارجي كان هذا صدمة عنيفة للولايات المتحدة الاميركية وقد ألفوا كتباً بعناوين منها «أمة في خطر» وعملت الولاياتالمتحدة على تجويد التعليم في كافة الميادين وانشأوا وادي السليكون وقلدتها الهند في ذلك، ففي الهند يوجد أيضاً وادي السليكون والمهندسون الذين درسوا في وادي السليكون غذوا الولاياتالمتحدة الاميركية فمهندسي الكمبيوتر مثلاً يدرسون الطلاب الاميركيين وغيرهم في مختلف الولايات، ونحن بكل أسف لا نطبق مثل هذه الافكار في بلادنا، وهنالك مصطلحات عديدة مثل تفريد التعليم والتعليم المتوازن. ونحن في السودان في الماضي القريب كنا نهتم اهتماما بالغاً بالتعليم وكان المعلمون في مختلف المؤسسات التعليمية يتمتعون بكفاءة عالية ونقلوا خبراتهم في مختلف دول العالم، التعليم الاهلي مثلاً في السودان كان تجربة فريدة وسبق السودان كافة الدول الافريقية وغيرها وكلية الاحفاد الجامعية مثالاً على صدق ما ذهبنا اليه، ونحن في السودان لا نهتم كثيراً بالتربية المقارنة فمعظم الدول في عالمنا المعاصر لا تعين المدرسين والمدرسات الا بعد دراستهم للتربية المقارنة وعلم النفس التربوي، وقد يتساءل البعض عن مصطلح التربية المقارنة، التربية المقارنة عبارة عن مقارنة مناهجنا بمناهج الدول المتخلفة والمتطورة حيث نأخذ الجوانب الايجابية من التربية المقارنة المطبقة في الدول التي ذكرناها فمثلاً السلطات التربوية تدرس التربية المقارنة وتقارن بها المناهج التربوية المطبقة في بلادنا ولكن نحن بكل أسف لا نطبق هذه الفكرة لذا ندعو أن نطبق اليوم هذه الفكرة وليس غداً، والمناهج كما هو معروف لدى التربويين في كافة المؤسسات التربوية تتسم بالثبات، وكما ذكرت في مقالات سابقة على صفحات صحيفة «الصحافة» الغراء ان نشارك المعلمين والمعلمات والمفكرين والمهتمين بدراسة المناهج المطبقة في الدول الاخرى وتكون المشاركة لاولئك الذين ذكرناهم عن طريق ارسال خطابات لكل المعلمين والمعلمات والوزراء السابقين للتعليم وغيرهم ونطلب منهم الجديد في مجالات تخصصهم فمثلاً معلم الكيمياء يؤدي تقريراً عن الجديد في ميادين الكيمياء ومعلم الطب ان يعد تقريراً عن الجديد في مجال الطب ومدرس الزراعة ان يعد ايضاً تقريراً عن الجديد في الميادين الزراعية ومعلم الطب البيطري أن يعد الجديد في ميادين البيطرة ومعلم الصيدلة ان يعد الجديد عن متطورات علم الصيدلة ومديرو التعليم الحاليين عليهم ان يدلوا بدلوهم في هذا المجال ويجب ان يشارك وزراء التربية السابقون والمعلمون الذين بالمعاش ان يشاركوا ايضا في تقديم مرئياتهم وافكارهم وتجاربهم السابقة. ويجب على هؤلاء ان يرسلوا التقارير للجنة العليا في وزارة التربية والتعليم بحيث يقوم اعضاء هذه اللجنة بدراسة كافة المعلومات التي وردت اليهم في التقارير بعد الدراسة المتأنية لهذه التقارير يعدون استبيانات بين المعلمين في مختلف الدراسات من مرحلة الاساس واولياء الامور وكل المهتمين بالتعليم والمفكرين وكافة وسائط الاتصال وبعد اكتمال هذه الدراسات فإنهم يرفعون نتائج هذه الدراسات للسلطات العليا مثل السيد رئيس الجمهورية ومختلف الهيئات التشريعية في بلادنا. ونحن أيضاً لا نهتم بمراكز البحوث في بلادنا، فالميزانيات المخصصة للبحوث في بلادنا تدعو للاسف والحزن بينما دول عديدة ترصد مبالغ طائلة للبحوث، لذا علينا ايها السادة في سوداننا العزيز اذا اردنا ان نعمل على تطوير السودان في كافة الميادين علينا ان نهتم بمراكز البحوث. لان هذه المراكز تعتبر المقدمة المنطقية للتقدم في كافة الميادين. واذا تشابهت المقدمات تشابهت النتائج كما يقول المنطقيون «الفلاسفة والمفكرين». وفي اطار اهتمامنا بالمناهج التربوية كان يجب علينا أن نطبق فكرة المدرسة الذكية وهي المطبقة في دولة ماليزيا الشقيقة وقد تمكنت ماليزيا بفضل تطبيق المدرسة الذكية ان تتطور في كافة الميادين فهي تصنع الطائرات والدبابات.. الخ. بالرغم من أنني ذكرت فكرة المدرسة الذكية المطبقة في ماليزيا في مرات عديدة وعلى صفحات صحيفة «الصحافة» الغراء لم يهتم القائمون بأمر التربية في بلادنا بكل أسف بتطبيق هذه الفكرة، وكما ذكرت أيضاً لا نستطيع ان نتحدث عن التربية في غياب التعليم ولا التعليم في غياب التربية ففي العمليات التربوية الطلاب والطالبات يقومون بممارسة مختلف الانشطة اللا صفية مثل ممارسة الرياضة في كافة ميادينها وزيارة المتاحف والمصانع وكافة ولايات بلادهم، بينما في العمليات التعليمية دور المعلم يكون سلبياً الى حد ما بالرغم من أننا لا نستطيع ان نتحدث في غياب المعلمين فهم شموع تحترق لتضيء للآخرين ونظراً لاهميتهم في الميادين التربوية كثير من المفكرين اطلقوا عليهم العبارة التالية «قم للمعلم وفه التبجيلا... كاد المعلم ان يكون رسولا» بينما الذي يجرى في هذه الآونة الاخيرة في مؤسساتنا يدعو للاسف والبكاء فطلاب احدى الجامعات يعتصمون داخل كلياتهم وقدموا مطالب غير معقولة ولا منطقية ومن هذه المطالب المطالبة بتقديم مدير الجامعة لاستقالته ونائب مدير الجامعة باستقالته أيضاً، هل رأيتم أيها السادة مثل هذه المطالب غير المنطقية في كافة دول العالم!! ونحن ننصح أبناءنا وبناتنا ان يعملوا كل ما في طاقتهم في سبيل تحصيل العلم لانهم سيعملون في قيادة السودان في مستقبل ايامهم وكان من المنطقي على السلطات الجامعية ان تعمل على تحسين أوضاعهم مثل التحسين في الداخليات وتوفير الكتب وغيرها. ومديرو الجامعات يتحملون المسؤولية التربوية، كان عليهم ان يمنعوا من تكوين اتحادات جامعية على أسس قبلية وجهوية مثل اتحاد أبناء دنقلا واتحاد أبناء الشايقية واتحاد طلاب غرب السودان وشرق السودان..الخ. والله من وراء القصد خارج النص: أيها السادة في بلادنا العزيزة طالبنا ونطالب بأن نقيم علاقات وثيقة وودية ومنح الجنسية المزدوجة لابناء الجنوب ولكن لم نطبق هذه الفكرة وعدم تطبيقنا لها أتاحت فرصة لاسرائيل التي تعمل منذ سنوات طويلة في تفكيك السودان وتحويله الى دويلات صغيرة تحارب بعضها البعض، وكانت وما زالت تمد المتمردين في كافة الولايات السودانية وقد ذكر السيد جوزيف لاقو الذي شغل منصب النائب الاول لرئيس الجمهورية بالاضافة لادارته لجنوب البلاد سابقاً بان اسرائيل كانت تمدهم بالاسلحة والذخائر..الخ. وعدم تطبيق ما ذكرناه آنفاً شجع سلفا كير لزيارة اسرائيل لذا نحن نود من الاخ رئيس الجمهورية ان يعمل على فتح الحدود بين شقي البلاد وان يمنح الجنوبيين الجنسية المزدوجة هذه هي الوسيلة للقضاء على اسرائيل وهي بكل أسف ووقاحة تطالب الدول العربية والاسلامية ومن بينها السودان بتعويضات طائلة لليهود الذين كانوا يعملون في مختلف الدول الاسلامية ولم يتعرضوا للاساءة وهم غادروا هذه البلاد برغباتهم بينما هم من تعرضوا للاساءة والمحرقة في اوربا وفي المانيا ونالوا من المانيا مليارات من الماركات الالمانية. واسرائيل بكل اسف وحزن لها طابور خامس في مختلف ولاياتنا لذا يجب علينا ان تنتبه اليها الاجهزة الامنية وتراغب نشاطات هؤلاء العملاء، وكان من المنطقي ان تطالب الدول العربية تعويضات ضخمة من اسرائيل لانها تحتل مرتفعات الجولان وتسرق المياه واحتلت مصر في السبعينيات من القرن الماضي وسرقت بترولها لمدة 22 عاماً وتحتل الآن الضفة الغربية وقطاع غزة وقامت بحرب إبادة ضد الفلسطينيين وشنت حرباً ظالمة في عام 7691م ضد مصر وتقوم حالياً بفرض حصار على الفلسطينيين، لذا نرى ان يعمل القادة العرب والمحامون بإعداد دراسات كافية ويطالبون اسرائيل ان تقوم بدفع تعويضات للعرب والمسلمين ونحن في السودان يجب علينا ان نطالبها بالتعويضات لانها تقوم بدور تخريبي في جنوب البلاد وشماله وتمد المتمردين بكافة الاسلحة وتعمل على تمزيق السودان، لذا يجب علينا أيها السادة في سوداننا العزيز أن ننسى جراحاتنا في سبيل وحدة السودان واستقراره وان نطبق فكرة العدالة الانتقائية وان نستفيد من تجربة جنوب افريقيا. وأخيراً نرجو لبلادنا من الله سبحانه وتعالى الاستقرار والرفاهية انه نعم المولى ونعم النصير. ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كنيدي ويسترن الأميركية