مدرسة مصعب بن عمير النموذجية للأساس تحتفل بالعيد السادس والخمسين لاستقلال السودان، تلميذات وتلاميذ يلوحون بالعلم كشجيرات تلوء بحمل الزهر. أناشيد الاستقلال يعطر بخور كلماتها المحترقة في جوفهم .المكان بعطر الذكرى تسكر الاهالي وقبلهم المعتمد حتى اصبح هو نفسه منشدا للنشيد ثم كل ابي جبيهة تردد معه وخلفه .. الشجر ..الحجر.. الحيشان... الحيطان.. الريح ..التراب اليوم نرفع راية استقلالنا... يا اخوتي غنوا معي غنوا معي لقد غنوا معه. مصعب بن عمير مدرسة خاصة شتلها صاحبها محمد كرشوم ،المعلم، في تربة التعليم عندما عصفت بها رياح الفاقة وتيبست وجف عنها معين الابداع حيث قبضت يد المال عنه فصار يزاحم الفقراء في الاحتطاب!!!. وبات يسقيها من نفثه حتى اضحت شجرة سامقة تستظل تحتها كل اسر ابي جبيهة بل يزينون باسمها صدورهم لانها الاولى دائما على مستوى الولاية. كرمت كل مجتمع أبي جبيهة وقبلهم بيوتهم التي تسكنها شارات التكريم ، كرم المعلم الذي هو مرآة تقدمنا وتقهقرنا.كان ضمنهم مدير التعليم الخاص الاستاذ عبدالرحمن شنتو البليل.وهو معلم من الجيل الذهبي الذي لا يفرز التعليم من التربية المتمثلة في السلوك كقدوة. لوحة فيها كل الاجيال والاشكال والقوات المسلحة رمز قومية وعزة السودان حاضرة ومسجد السادة البرهانية كان يتفرج ويتعجب بوضع كفه على خده، ويتساءل: كيف كان الحال وكيف صار!!! انها لوحة فرح انتزعها اهالي ابي جبيهة من قبضة الحزن الذي غرسته الحرب هنالك. لوحة ثانية أبو جبيهة مدينة كالفتاة ممشوقة القوام ترقد حيث تسند راحة رجليها على مدينة رشاد عالية كالكعب العالي (ثلاثة ألف قدم فوق سطح البحر) تشم رائحتها من بعيد رائحة بذق نوار المنقا والليمون يحمله اليك نسيم بارد يسري خجلا بين اشجار التليب التي تحيك بشبال من شعرها المتدلي كسعف من رأسها حيث تتوسد جبل العمدة،. مدينة فيها كل الناس والاجناس : بقارة وابالة وجلابة وفلاته اولاحميد وكنانة برقو وحوازمة عجينة من كل ذلك . يشد الناس الرحال اليها كانها مكة، في امروابة على رأس كل عشر دقائق هنالك حافلة تملأ جوفها من الناس لتتقيأهم بأبي جبيهة، بعضهم نسب نفسه الى (الدهابة)، يحفرون آبار الذهب او يقدمون الخدمات لاهل الذهب او اتخذوها قنطرة يعبرون منها الى بقاع غيرها. برز مسافرون جدد هم الأثيوبيات اللائي نافسن بفرط جمالهن فستات الشاي المحليات اصابهن البوار في اسواق الذهب ، بل ملامح التغيير الديمغرافي بداأت تلوح في الافق البعيد، الشباب شرعوا في حملة زواج مسعورة من الأثيوبيات!!! مجتمع فيه كل الفصول، من الذي يرتدي( السستم ) الى الذي يحمل سوطه وعكازه بغرض او بدون غرض ، من الذي يغني الدرملي الى الذي يعزف الاورقان من التي تتخذ التفتة( روج تقليدي) (ودق الشلوفة) الى التي تملأ وجهها( بالميك اب) التي تلبس ثوب الزراق و الكرب الى التي تمشي موضة ، الى التي تنؤ ضفائرها( بالتربلول) والتي تكوي شعرها وتسكب فيها كل ما انتجته مصانع اوربا،ترقص صاحبة النقارة جنباً الى جنب مع التي ترقص اسلو دانصslow dance انه تفاعل بين القديم والحديث بين التقليدي والتقدمي. لوحة ثالثة دعوة افطار كرامة بمنزل الاستاذ النو رئيس مكتب التعليم لقد اصبح مؤتمراً تلقائياً جمع المعلمون وقيادات المجتمع ودار حديث كثيف حول مذكرة اقالة الوالي واصحاب المذكرة والعقاب الذي ينتظرهم :اوله ابعادهم من الترشح للجنة الاسناد التي نادى بها السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية حتى ولو ( عركوا ايديهم على الارض ) وثانيها انهم( ماتوا سياسيا)حسب تعبير الامير تالودي محمد شمشم وقام ركن للنقاش بيني وانصار الدعوة انتهى وكل منهم رأسه مثقل بالدهشة ، وهو يردد لاحول ولا قوة الا بالله!!! العقاب الثاني ، قيل انهم قد استبعدوا من تشكيلة حكومة الولاية القادمة لانهم غير منسجمين ...مما يعني ان جنوب كردفان تدخل فصلا جديدا من العمل السياسي داخل جلباب المؤتمر الوطني .....حميت الاتصالات الفردية في فطور الاستاذ النو لتقول هنالك وميض نار تحت الرماد وان الحرب اولها الكلام... جبهة جديدة الناس يأكلون السياسة ويشربون السياسة ويتبولون السياسة ويقرأون السياسة.... لماذا لا تدير حواراً بيننا جميعا ونسأل سؤالاً مباشراً لماذا فعل هذا ا !!! جنوب كردفان شالت النوار علها تثمر سلام ... سرت الشائعات مع الريح وكل يقول ويقول والله وحده يعلم الغيب ، الاستاذ ابشر رقاي يقول في مقابلة بجريدة الانتباهة يوم 31 /12/2011 تعم هنالك مذكرة ويحكم عليها وان لم يرها، انها جاءت في غير ميعادها هو لا يعلم ان شباباً اكلوا في مطعم امواج والمحامي دفع ... لكنهم اعترفوا وتراجعوا.. والمحامي يعترف ويمسح شنبه حتى تطاير الزيت الى جلبابه والمدعوين لوليمة النو قطع مسافة ألف كيلو والمهندس المرحوم النو جبريل ينقل من القوز الى الابيض لانه كتب المذكرة بحاله( الله يرحمه). المذكرات تنزل الى بيوت الافراح والاتراح قبل الصحف لان الاسبوع القادم تكتب شئ يشيب الرأس لاول مرة وتسأل الدولة لماذا!! والدولة بدأت تجيب على الاسئلة بذكاء قبل ان يصلها السؤال!!! انتهت الوليمة وانفض الناس ورؤوسهم مثقلة بما سمعوا وقرروا .... لوحة أخيرة مدرسة التقوى الثانوية الخاصة للبنين والبنات تتصدر الولاية في حصول على الشهادة الثانوية وخريجوها اطباء ومدرسون بذات المدرسة لان مدرسين اكفاء يعملون كالنحل ليل نهار ونميري مدير المدرسة يقول نحن شركاء معلمون وطلبة واولياء امور،،،تركتهم يعدون لعيد الاستقلال المجيد لان الناس هنا مازال الاستقلال دافئاً في صدورهم وغبينة المستعمر تغلي وتفور. أمام القمسنجي، يهتف ليقول (كرشوم شيل قروشك وتذكرتك انا اشوفك لاول مرة لحم ودم وده مستحيل أدفعك ) . محبة ووجد الصوفية سرت من قلبي الى قلبه ... قال لانه سمع ورأى مني الكثير لم اسأله لانه اخذ الشنطة وصعد بها الى ظهر الحافلة كالصبي ونزل نزل عنه هم كثير ونزل علي فرح كثير كشاله الاخضر الركاش كوجهه الذي ضاق بنور الصلاح..... و هبوب تصافح اجسادنا يدها باردة تصفر تقول وداعا وداعا وداعا.... امام القمسنجي رجل يعيش في زمان ليس زمانه فقد ولى زمانه ونام رجاله فقط ينتظرون سماع الصور. الحافلة مليئة برغوة الصابون عمم بيضاء كثلج تتخللها نقاط سود هي رؤوس الشباب .... فجأة القرآن يحمله صوت صبي الى مسامعنا يشق صمتنا والسائق يهتف لنقف لصلاة الفجر.... خلنا ضيوف قدم لنا الصلاة والقرآن والبروش والاباريق وصوت ندي بالقرآن وصبي يؤذن ...والليحان تتثاءب تنتظر ... فارقناهم وتركنا لهم وميض الفجر ونسيمه يؤانسهم عل حافلة اخرى تحل ربما وصلنا امروابة كل شئ بالقرش حتى الحمام بقروش الناس يتكلمون بالقروش ويبتسمون بالقروش ولحياهم بالقروش ورمالهم بالقروش دموعهم بالقروش اشارتهم ليقف البص بالقروش الكذب بالقروش والقروش بالقروش الا ذواتهم وشخوصهم بغير القروش....