أجرينا قبل عامين «15» حلقة حول قضايا المغتربين بالمهجر، استعرضنا خلالها شواهد على حقيقة القضية، وطرحنا مع مختصين امكانية المعالجات، غير أن المشكلات مازالت عالقة، فيما تبرز «سطوة» زوجة المغترب، كما تقول بذلك دراسة أجراها جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج. اذن اجد من المناسب اعادة المقال التالي الذي نشر في هذه المساحة قبل عامين. لم أعرف سببا منطقيا يجعل صوت المرأة أعلى من صوت الرجل في تسير دفة الحياة الزوجية وتفاصيلها، واستغرب جدا عندما يهمس البعض بان «فلان» رأيه عند زوجته، وبالتالي «زول ما عنده كلمة»، وأصاب بدهشة عريضة حين يصر البعض على أن زيد «نمر من ورق»، ومنبع دهشتي واستغرابي، أن الرجال قوامون على الناس، لقوله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ» النساء الآية «34». أقول بهذا الحديث وأمامي حالات مؤلمة لأزواج لا يملكون أن يقرروا في أي شأن يعنيهم قبيل التوقيع من «السيدة المدام»، ولعل هذه الصورة المقلوبة تتجلى في ارض المهجر بشكل أصبح لا يخفى، حيث غالبية الرجال يمشون بلا إرادتهم، فعندما تجدهم داخل الأسواق والمحال التجارية أو الأماكن العامة «بعمامتهم» المتطاولة، هم حينها في حضرة المدام التي تريد أن تتسوق، أو تتنزه، أما الزيارات العائلية والمجاملات الاجتماعية فهن اللواتي يرسمنها، ويحددن من الناس الذي تجب زيارته ومن الذي لا طائل من علاقات اجتماعية مع أسرته، بل وصل الأمر ان يحددن للرجل ان «يُعين» أسرته بالسودان أو لا يفعل، وهو وضع جعل بعض أذكياء تلك الأسر أو «خبثاءها» ينخرطون في تقوية وتمتين العلاقة مع «المدام» بوصفها مفتاح جيب الزوج «المغيب»، والذي بات لا يفلح إلا في إجادة «فن لف العمامة»، وتطويل «الشوارب» والوعود الكاذبة! وتوجد وقائع معاشة على أرض الواقع فهنا في أرض الغربة، حيث عدد من النساء يتشبثن بأرض المهجر ولا يردن حتى مجرد الحديث عن العودة إلى بلادهن، للحد الذي يجعل بعضهن تفضل ان تبقي في ارض المهجر حتى بعد رحيل زوجها إلى الدار الأخرى ، الذي غالبا ما يكون رحل نتيجة علل أبرزها «السكري وضغط الدم» بفعل تصرفات المدام، وهن يسقن الحجج بأن الأولاد في المدارس، ولا يمكن نقلهم حتى «يتجهجهوا» في السودان، أو ان الابن الكبير غادر مقاعد الدراسة وهو الآن يعمل وبالتالي يستطيع ان يسدد الإيجار ومقابلة أعباء المعيشة فلم العودة، وكأني بهن ينظرن إلى ارض المهجر على أنها المكان المناسب فقط للعيش وليس لتحسين الأوضاع الاقتصادية ومن ثم العودة إلى ارض الوطن. وحتى لا يصبح الحكم قاسياً فقط على المغتربين فهناك رجال كُثر في بلادنا كلمتهم عند «السيدة المدام» فتجدها صاحبة الصوت الأقوى والأعلى في كل شأن كان يجب أن يفصل فيه الرجل الذي أصبح في غفلة من الزمان مجرد «قط أليف»، ومن السخريات أن تجد هذا الرجل مسلوب الإرادة يستشهد بأفكار «زوجته المبجلة». وتبقى وقائع التاريخ شواهد لا جدال حولها بأن كل مشكلة حدثت في عالمنا تقف خلفها امرأة، أو أليس حواء هي التي أخرجت سيدنا آدم من الجنة، وهل يمكن تناسي حقيقة أن «حرب طروادة» ما كان لها ان تشتعل لولا امرأة، كما أن كليوباترا تمكنت من إيقاع مارك أنطونيو في حبها ليساعدها في حربها ضد روما، وإذا تصفح كل فرد «دفاتره» سيجد «بلاوي» كثيرة سببها النساء. لذلك أدعو الرجال إلى أن ينتصروا على جبروت النساء، وستكون «الغلبة» لهم ان تمسكوا بأفكارهم وقناعاتهم وأجادوا الدفاع عنها، كما أن هذا التوجه لا يعني إلغاء دور المرأة، فهي شريك أصيل للرجل، ويمكن مشاورتها في ما يخص الشأن الأسري دون تغليب رأيها، إن لم يكن يحمل مصلحة بائنة لا ضرر فيها. واضعف الايمان أن يكتفي الرجل «بتوريق الخضرة دون طبخها»!! والسلام على من اتبع الهدى.