ربما كان الكثيرون يتوقعون ان تكون نيران الفتنة الدينية التي نشبت مؤخرا بين قادة الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة وإمام الانصار رئيس حزب الامة القومي السيد الصادق المهدي قد خمدت واستحالت الى رماد، لكن واقع الحال يقول غير ذلك ... فاليوم الجمعة وعلى منبر مسجد الإمام عبد الرحمن المهدي بودنوباوي سيصوب المهدي نيران مدفعيته الكلامية الثقيلة نحو دعاة الرابطة الشرعية ويقود هجوما مضادا تجاه المتشددين والتكفيريين بالبلاد وسط حشود غفيرة من الانصار .. إذ يبدو واضحا من خلال تسريبات اجندة ومحاور خطبة الجمعة اليوم والتي سيكون في مقدمتها بلا شك قضية الرابطة الشرعية ان المهدي لم يكتفِ بالبيان الذي أصدرته هيئة شئون الانصار الاسبوع الماضي مدافعة ومنافحة عن إمامها لأنه سوف يرد بنفسه على هجوم الرابطة الامر الذي يوحي بان انصار المهدي سيخوضون معركة ( رد الكرامة ) والاعتبار للامام الذي لم يسلم من لسان السلفيين الذين نعتوا ووصفوا أفكاره وفتاويه الاخيرة بشأن الحجاب والنقاب وصلاة المرأة بأنها ( أقوال كفرية )، خاصة وان الرجل من قبل قال إنه يخشى على حياته من جماعات الهوس الديني ... وربما لا تسلم حتى الحكومة من لسان الصادق المهدي لكونها ظلت صامتة تجاه الخطاب السلفي المتشدد في الآونة الأخيرة وفتح الابواب والمنابر لهم بحرية كبيرة وكاملة .. بل قد يطالب المهدي بحل الرابطة الشرعية لكن المثير في معركة الانصار والرابطة الشرعية هو استدعاء الانصار للتاريخ مذكرين الرابطة الشرعية بمجاهداتهم ضد المستعمرين والمدهش ان هذه المعركة نشبت تزامنا مع احتفالات الانصار وقواعد حزب الامة بذكرى تحرير الخرطوم مما يجعل المناخ هنا وهناك كله ( جهاديا وحماسيا ) وستكون الحرب سجالا بين الطرفين ... لكن دعونا من كل ذلك الآن ولنبحث في موازين القوى بين الجانبين ومن سيكون النصر حليفه في هذه المعركة وإلى أين ستتجه بوصلة الاحداث؟ وهل سيستفيد المهدي من وضعيته داخليا وخارجيا وعلاقته مع أهل الحكم بعد دخول نجله الامير عبد الرحمن للقصر الجمهوري في موقع متقدم كمساعد لرئيس الجمهورية فيذهب في اتجاه المطالبة بحل الرابطة الشرعية وحظر نشاطها باعتبارها مهددا للامن والسلام الاجتماعي بالبلاد حينما تتبنى فكرا ومنهجا تكفيريا متعسفا ضد الآخرين ؟!! أم تراها ستنتصر الرابطة الشرعية في معركتها ضد المهدي وهي الاخرى لها علاقات تواصل قوية ووثيقة مع الحاكمين فتتشدد في مطالبتها للأجهزة القضائية والعدلية والشرعية باستتابة المهدي والزامه بالتوبة والرجوع عن أقواله وتشكيل مجلس علمي من الدعاة لمناقشته ومراجعته في فتاويه الاخيرة.. أم ان القدر يخفي خيارا وطريقا ثالثا لا يدريه أحد؟ لكن من الراجح ان المهدي سيكيل اليوم هجوما لا هوادة فيه على دعاة الرابطة الشرعية وسيجد خطابه صدىً واسعا سواء على مستوى مناصريه ومؤيديه أو في الاوساط الاعلامية وهو بالطبع سيظل متمسكا بآرائه واجتهاداته التي طرحها خاصة وان الرجل جاء لتوه من مؤتمر الوسطية الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط بل وظل على الدوام ينادي ب (لبرلة ) الفكر الاسلامي حتي يكون مواكبا ومعتدلا في ظل الاوضاع الحالية بالبلاد التي تعاني من الكثير من الاشكالات، فضلا عن التطورات على المستوى العالمي المتعلقة بمكافحة الارهاب ... وبالطبع يجب ان لا يجعلنا كل ذلك نستهين بقدرات وامكانيات الرابطة التي ساندتها في حملتها الاعلامية ضد المهدي هيئة علماء السودان برئاسة البروفسير محمد عثمان صالح ونائبه الشيخ عبد الحي يوسف ووجدت الرابطة مناصرة حتى من علماء من خارج السودان في كل من الكويت والسعودية ،فالرابطة تحاول جعل معركتها مع المهدي حاليا مثل معركة السلفيين مع الدكتور الترابي من قبل حينما هاجمه دعاة السلفية ووصفوه بذات الاوصاف التي نعتوا بها المهدي مؤخرا ؟ لكن مثلما ان للمهدي منبراً يتخذه حائط صد لرد الهجوم عليه من علماء الرابطة الشرعية فإن هؤلاء الدعاة لهم أكثر من منبر ومسجد وستكون الجمعة اليوم هي الجمعة (اليتيمة) ليس على المهدي الذي تم تكفيره ولكن يوما أسود حتى على الرابطة الشرعية حينما يطالب المهدي ويضغط عبر أنصاره في اتجاه حل الرابطة حتى يتفرق دمها بين أعضائها، لا ندري ولكن جمعة اليوم ستكون هي الفاصل في تحديد قوة أحد الطرفين لاسقاط خصمه بالضربة القاضية ...فالآن لافكاك ... إمّا استتابة المهدي أو حل الرابطة الشرعية ..!!