تم إنشاء وزارة الإرشاد والأوقاف بموجب القرار الجمهوري رقم «12»سنة 2001، وحسب موقع الوزارة في البوابة الحكومية، تستند على رسالة وزارة الإرشاد أربعة أعمدة واحد منها ما يلي : «تسعى الوزارة لأن تكون حركة الدعوة والتوعية والإرشاد الديني لدى جميع مكونات المجتمع وطوائفه الدينية المتعددة خادمة للسلام الاجتماعي ، ومقويةً لتماسك المجتمع السوداني وتعارفه، ونابذةً التنازع والتنافر والتمييز العرقي والجهوي والديني ، ومعززةً الحوار والتسامح والتعايش والتآخي في إطار الوطن الواحد». إذا كانت هذه رسالة الوزارة التي نشأت لتحقيقها،فالواقع يقول إن وزارة الإرشاد تبدو غائبة،فما يجري من خطاب ديني متشدد ومثير للفتنة ومهدد للسلم الاجتماعي،بات مقلقاً ويدعو إلى مراجعة ووقفة ومعالجات جذرية. وشهدت المرحلة السابقة حرق أضرحة وقباب،وتكفير رموز سياسية واجتماعية واستتابتهم،وهي دعوة لقتلهم لأن من يستتاب ويرفض يطبق عليه حد الردة،وبما أن الدولة بعيدة عما يجري فإن بعض من يؤمنون بمذهب من يكفر يمكن أن يسعى الى تطبيق القانون بيده، ما يدفع المستهدفين الى الدفاع عن أنفسهم ، الأمر الذي سيدخل البلاد في دورة عنف لا تتوقف. وشهد الأسبوع الماضي ملاسنات بين جماعات دينية في ميدان المولد بأم درمان، تحولت الى اشتباكات، أسفرت عن إصابة عشرات الأشخاص من الجانبين، وارتفعت أصوات سودانية عاقلة محذرة من مغبة حدة الخطاب بين المذاهب الدينية. كما قادت جماعات أخرى حملات صحفية مستفزة تثير الخلاف بين السنة والشيعة ، لإيقاظ خلافات مذهبية لمصلحة جهات سياسية معروفة، مما سيحيل الخلاف الى استقطاب يصب في صراع إقليمي في المنطقة، ويدفع بالأمر لجعل البلاد بؤرة لتصفية حسابات خارجية. يدور كل ذلك منذ فترة ليست بالقصيرة ، ولكنه تصاعد مؤخراً،والجهة الدستورية التي كان ينبغي أن تتحرك وتتدخل للمساهمة في معالجة هذا الملف الخطير، الذي يمكن أن يعصف بسلام المجتمع والتعايش بين مكوناته، غائبة،وثمة جهات أخرى لعبت دوراً إيجابياً في احتواء تداعيات الخطاب الديني المتشدد ،فعقد والي الخرطوم لقاءات منفصلة مع الأطراف المتشاحنة أفلحت في التهدئة. وزارة الإرشاد التي يقودها وزير اتحادي ووزيرا دولة، لا أعرف ماذا تفعل إذا لم تتحرك لدرء فتنة دينية واجتماعية بسبب خطاب ديني متزمت،وجماعات مذهبية متعاركة،هل اختصر دور الوزارة في إدارة الأوقاف وتنظيم الحج والعمرة؟،وحتى في هذين الملفين لم تحقق نجاحاً بل فشل متكرر،وان كانت الوزارة غير قادرة على تنفيذ إحدى المهام الأساسية التي حملها أمر تأسيسها فلماذا تكون هناك وزارة وثلاثة وزراء في مواقعهم. لقد عصفت الخلافات والتجاوزات التي شهدتها هيئة الحج بوزير الإرشاد السابق ومدير الحج،ويبدو أن من خلفه يريد أن يمشي قرب الحائط، لكن ذلك لا يجب أن يكبله عن أداء دوره والمهام التي عين من أجلها، لا نريد من وزارة الإرشاد أن توزع خطب الجمعة على المساجد كما تفعل دول بوليسية. والحديث عن الخطاب الديني وتجديده من قضايا العصر المشروعة المعقدة في ضوء مستجدات وتحديات الواقع المعاصر، الذي لم يعد من سمته الجمود والانغلاق بل الحراك والانفتاح حتى يتمكن الخطاب من مواجهة قضايا وهموم الأفراد والمجتمعات وتعزيز القيم الإنسانية التي تسهم في بنية المجتمعات، والتجديد في الخطاب الديني لايكون في أصول وثوابت الدين والعقيدة ، وإنما تطوير لغته ومضمونه ،وهو ليس عملاً إرتجالياً وعشوائياً بل برنامجاً فكرياً شاملاً..يا وزارة الإرشاد ..عووووك..