رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السنة والشيعة بين المتشددين التكفيريين والتقريبيين
نشر في الصحافة يوم 09 - 01 - 2011

كتب هذا المقال في حينه غير ان الهموم الوطنية المتمثلة في الاستفتاء والمشورة الشعبية وما يترتب على الاستفتاء من توقعات غير منظورة وغيرها من المشاكل منعتني من ارسال هذا التعقيب، غير انني اقتنعت اخيرا ان الموضوع من صلب مشاكلنا التي لا ندري الى اين تسير الان خاصة ان الموضوع ما زال يطرح باستمرار من قبل المتشددين.
ففي عدد الخميس 3/01/0102 نشرت الصحفية الاستاذة صباح احمد في صحيفة الصحافة الغراء تقريرا بعنوان «مزارات كربلاء والنجف وقم هل تظهر في الخرطوم؟» اشارت فيه الى تاريخ وتطور وجود المذهب الشيعي بالسودان، وإلى استتابة الشيخ ابو قرون وتراجعه عن المذهب الشيعي، كما اشارت الى ان إمام وخطيب المجمع الاسلامي بالجريف غرب القيادي في رابطة تسمى «الرابطة الاسلامية» ورئيس قسم الثقافة الاسلامية بجامعة الخرطوم الشيخ «الدكتور» محمد عبد الكريم يعتبر الوجود الشيعي في الوقت الراهن اكبر مهدد يواجه الامة الاسلامية!!
ويهدد الدكتور بصدام آت!! قادم!، ويضرب مثلا بنموذج الحوثيين في اليمن، والعنف في نيجيريا والعراق وباكستان وافغانستان، ويطالب بالتصدي للوجود الشيعي في السودان.
وعن امكانية اجراء حوار او تقارب بين اهل السنة والشيعة، يقطع باستحالة ذلك قائلا «من يسب امي، او من هي اعز منها، ويقصد السيدة عائشة رضي الله عنها، كيف اتعايش او اتصالح معه؟».
وقبل ذلك بأيام قليلة، نشرت الصحف فتوى من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف يحذر من ا نتشار المذهب الشيعي، ويطالب بإيقاف اي نشاط شيعي، وقفل الملحقية الثقافية لجمهورية ايران الاسلامية.
لماذا هذا الخوف والذعر المفتعل من انتشار المذهب الشيعي؟ لقد عاش اهل السنة والشيعة معا طوال التاريخ الاسلامي، ولم تفرقهم الا السياسة، وقد قتل الكثير من ائمة الشيعة وزعمائهم على يد الخلفاء الامويين والعباسيين لاسباب سياسية لا علاقة لها بالدين.
والشيعة الذين يقصدهم «الدكاترة» عبد الحي ومحمد عبد الكريم، هم الشيعة الاثني عشرية، وهؤلاء لم يقوموا بثورة بقيادة ائمتهم بعد استشهاد الحسين رضي الله عنه وكل من معه من الرجال في معركة غير متكافئة مع جيش يزيد بن معاوية الذي كان يقوده عمر بن سعد بن ابي وقاص في كربلاء في اليوم العاشر من محرم عام 16ه.
ما الخطورة من انتشار المذهب الشيعي؟، ان الخطورة كما ذكر البروفسور حسن مكي هي في تقسيم المسلمين الى شيعة وسنة ومتصوفة لاضعافهم، لا في انتشار المذهب الشيعي..
ويتضح من حديث الشيخين عبد الحي يوسف، امام جامع او مجمع يتبع لانصار السنة، ومحمد عبد الكريم خطيب المجمع الاسلامي بالجريف غرب وهذا المجمع ايضا تابع لانصار السنة او الوهابيين، يتضح ان المقصود بالشيعة هم الشيعة الاثني عشرية ويتمركزون في ايران والعراق والخليج كما يوجدون في مناطق اخرى من العالم الاسلامي.
ومن هنا فإن الصراع هو بين الوهابية وهي الحركة التي دخلت السودان في العهود الحديثة، والشيعة الاثني عشرية التي برزت في العقود الاخيرة كدعوة تبشيرية بعد ثورة الامام الخميني. والحركة الوهابية تعتبر الطرق الصوفية بدعة، واتباعها مشركين وشيوخها طاغوت.
والطرق الصوفية منتشرة في بلادنا بصورة واسعة، ومهما اختلفنا معها فإن لشيوخها الفضل في انتشار الاسلام وانتشار الثقافة الاسلامية في السودان وفي افريقيا.
ولم يكتف الوهابيون بالهجوم على الطرق الصوفية من منابرهم، بل ذهبوا اليهم في معاقلهم ولولا ميل الصوفية الى التسامح لادى ذلك الى الاشتباك والفتنة والصدام.
وتنطلق الوهابية من مذهب لم يكن معروفا في السودان ولا في البلاد المجاورة للسودان..
اذ ينتشر في السودان بشكل عام مذهب الامام مالك. اما المذهب الجعفري الشيعي لفرقه المختلفة فلم يعرفه السودانيون الا بعد ثورة الامام الخميني التحررية حيث تأثر البعض بهذا المذهب المتمثل في الاثني عشرية، او مذهب الامام جعفر الصادق.
والخلاف بين اهل السنة والشيعة تاريخيا في الاساس سياسي كما ذكرنا فالمذاهب السنية، عدا المذهب الحنفي، ترى وجوب ان يكون الامام قرشيا، وليس من غير قريش من العرب او غيرهم، والشيعة يرون احقية آل البيت بالخلافة.
والمذاهب السنية ترى وجوب اقامة الامام القرشي، والشيعة يرون الامامة ركنا من اركان الاسلام، والفرق كما ترون ليس شاسعا.
والحسينيون لم يقوموا بثورة بعد استشهاد الحسين رضي الله عنه الا تحت زعامة الامام زيد، لقد هزم وقتل الامام زيد، بسبب رفض غالبية الشيعة الانضمام اليه، وظهر بعده المذهب الزيدي المعتمد ايضا على المذهب الفقهي الجعفري، بينما استمر معظم الشيعة يتبعون ائمتهم حتى الامام الثاني عشر وهو محمد بن الحسن العسكري الذين ما زالوا ينتظرون عودته كمهدي منتظر، ولم يخرجوا من انتظارهم الا على يد الامام الخميني «ولاية الفقيه».
ويضرب الشيخ محمد عبد الكريم للتصادم القادم.. الآتي بنموذج الحوثيين في اليمن، والعنف في نيجيريا والعراق وباكستان وافغاستان.
والنماذج التي ذكرها الشيخ للتصدام سببها عناصر خرجت من تحت عباءة الدعوة الوهابية التي يمثلها الشيخ باستثناء الحوثيين. فالحوثيون في اليمن، وهم شيعة زيدية، مشكلتهم مع الحكومة اليمنية سياسية، ولا علاقة مباشرة لها بالدين ولا اعتقد ان هناك وجودا للشيعة في نيجيريا ولكن هناك من يتبعون القاعدة، وفي باكستان وافغانستان والعراق والصومال واليمن والسعودية، نجد في بعضها القاعدة، وفي البعض الآخر، طالبان، وهما خرجتا من تحت عباءة الوهابية ولم ينكر الشيخ احداث الجرافة وقتل المصلين في الجامع وهم سجود ومقتل الدبلوماسي الامريكي بالخرطوم وهذه الاحداث ترتبط بتنظيمات من قبل المذهب الوهابي.
ان المذهب الشيعي موجود في المملكة العربية السعودية ودول الخليج وفي بلاد الشام والعراق وايران وباكستان وفي العراق يمثل الشيعة 56%، لقد تعرض الشيعة في العراق لمذابح جماعية في عهد صدام حسين فما الذي يغضب الآخرين اذا ما حكمت الاغلبية او شاركت بنصيب في حكم العراق؟
ان المجتمع السوداني من اكثر المجتمعات الاسلامية تسامحا، وهذا التسامح يتفق تماما مع مبادئ الاسلام، فحتى الآن ينتشر الاسلام في اجزاء من السودان بهدوء، فنجد الابن مسلما واخاه الآخر مسيحيا والثالث وثنيا، والام مسيحية، والاب قد يكون مسلما، ويعيش المجتمع في تحاب، وبهذه الطريقة نفسها انتشر الاسلام في بادئ الامر في شمال السودان كما انتشرت المسيحية قبله وبعده بنفس الطريقة، ومن هنا كان استغرابي من ان يستتاب شخص مسلم مثل الشيخ ابو قرون بحجة انه قد اعتنق المذهب الشيعي فاضطر الى التراجع كما في تقرير الاستاذة صباح.
لم نسمع ان شيعيا اتهم بتهمة الكفر واستتيب في تاريخ الاسلام. لقد قتل ائمة الشيعة في العهد الاموي والعباسي بالسيف او السم او ا لموت في السجن صبرا ولكن لم نسمع هذه الاستتابة لا قديما ولا حديثا رغم وجود الشيعة في السعودية وسلطنة عمان ودول الخليج واجزاء كثيرة اخرى من العالم الاسلامي، لم اسمع ان الشيعة استتيبوا في هذه البلاد ولم نسمع بكفر الشيعة الزيدية او الاثني عشرية في كل العصور الا في العهد العثماني منذ القرن العاشر الهجري «السادس عشر الميلادي».
فعندما قام السلطان العثماني سليم الاول باضطهاد الشيعة في سلطنته وقرر غزو الدولة الصفوية الشيعية في العراق وايران، طلب من العلماء الرسميين ان يصدروا له فتوى تبرر الغزو، فأفتوا بكفر الشيعة وضرورة حربهم واستباحة دمائهم واموالهم ونسائهم، وهذه الفتوى سياسية لاغراض دنيوية لا علاقة لها بالدين بل هي ضد الدين.
ان منع انتشار مذهب اسلامي معترف به في العالم الاسلامي او تكفير من يعتنقه واستتابته لفضيحة كبرى، خاصة اذا كان هذا المنع في مجتمعنا السوداني المعروف بالتسامح الديني، في الوقت الذي ينتشر فيه الاسلام بكل مذاهبه بلا عائق في العالم خاصة في اوروبا والامريكيتين.
ان هذا يعني ان هناك مذهبا او تفكيرا معينا وافدا على هذا المجتمع المتسامح هو المسيطر الآن، فأين علماء المذاهب الاخرى، خاصة الذين حضروا المؤتمر الاسلامي الذي انعقد في استنبول في السنوات الاولى من تسعينات القرن الماضي «1991»
لقد اقر هذا المؤتمر الحوار بين المذاهب الاسلامية والتقريب بينها واقر بعدم الخلاف بين المذاهب الاسلامية المالكي والحنفي والحنبلي والشافعي ومذهب الامام جعفر الصادق «الزيدي والاثني عشرية» والاباضية في الاصول.
والشيعة الزيدية والاثني عشرية يستنكرون اقوال وافعال غلاة الشيعة ولا يعتبرونهم منهم كالاسماعيلية وغيرهم.
لست شيعيا ولست معاديا للحركة الوهابية ولكني ارى ان هذا الهجوم المكثف على الشيعة لا يخدم الا الاجندة الاسرائيلية والامريكية التي تغرس الفتنة بين السنة والشيعة لاضعافهم وللتمهيد لضرب ايران الاسلامية لمنعها من امتلاك السلاح النووي لتبقى اسرائيل وحدها هي التي تملك هذا السلاح، فيتحقق مشروع الشرق الاوسط الكبير تحت زعامة اسرائيل.
والتقريب بين المذاهب الاسلامية يدعو له الشيعة وأهل السنة فها هو الامام الاكبر المرحوم الشيخ محمود شلتوت شيخ الازهر يقول «لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم واسهمت منذ اول يوم في جماعتها». ثم يقول «وها هو الازهر الشريف ينزل على حكم المبدأ مبدأ التقريب بين المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب الاسلامية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلوا من التعصب لفلان او فلان». ثم يقول «حارب هذه الفكرة التقريب ضيقوا الافق، كما حاربها صنف آخر من ذوي الاغراض الخاصة السيئة، ولا تخلو امة، من هذا الصنف من الناس، حاربها من يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم، وحاربها ذوو النفوس المريضة واصحاب الاهواء والنزعات الخاصة، هؤلاء واولئك ممن يؤجرون اقلامهم لسياسات مفرقة لها اساليبها المباشرة وغير المباشرة في مقاومة اية حركة اصلاحية والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم».
«راجع السنة والشيعة، ضجة مفتعلة للدكتور عز الدين ابراهيم ص 81 91» كما اصدر الازهر فتوى بخصوص المذهب الشيعي منها «ان مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب اهل السنة، فينبغي للمسلمين ان يعرفوا ذلك وان يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابع لمذهب معين او مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله» المصدر السابق. ص 143.
ويقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه «كيف نفهم الاسلام» كانت خاتمة المطاف ان جعل الشقاق بين الشيعة والسنة متصلا بأصول العقيدة! ليمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب الامة الواحدة الى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر الدوائر بل يتربص به ريب المنون! ان كل امرئ يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية «ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون».
ويقول الاستاذ عبد الوهاب خلاف في كتاب «علم اصول الفقه ط 41 ص 64» «ان للاجماع اربعة اركان لا ينعقد شرعا الا بتحقيقها، وثاني هذه الاركان ان يتفق على الحكم الشرعي في الواقعة جميع المجتهدين من المسلمين، وفي وقت وقوعها بصرف النظر عن بلدهم او جنسهم او طائفتهم، فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة مجتهدو الحرمين او مجتهدو العراق فقط او مجتهدو الحجاز او مجتهدو آل البيت، او مجتهدو اهل السنة دون مجتهدي الشيعة، لا ينعقد شرعا بهذا الاتفاق الخاص اجماع».
ويشير الدكتور عز الدين ابراهيم «السنة والشيعة، ضجة مفتعلة ص 72، الى الذين يحاولون ترديد فتوى ابن تيميه ضد الرافضة التي تضم العديد من فرق الشيعة، يحاولون سحب هذه الفتوى على الشيعة الامامية الاثني عشرية لاستغلالها ضد الثورة الاسلامية في ايران فيقعون في عدة اخطاء:
1 لم يتساءلوا لماذا لم يجدوا في تاريخ الاسلام قبل ابن تيميه مثل هذه الفتوى رغم ان ابن تيميه جاء في القرن السابع الهجري اي بعد اكثر من ستة قرون لظهور الشيعة؟
2 لم يستوعبوا عصر ابن تيميه والتناقضات التي واجهها المجتمع المسلم وهو يواجه الغزو الخارجي.
3 لم يحاولوا في غمرة حقدهم على الثورة الاسلامية في ايران وموقفهم السياسي منها لم يحاولوا تقصي ما اذا كانت «الرافضة» التي ذكرها ابن تيميه تنسحب على الشيعة الامامية الاثني عشرية ام لا؟
وفي كتابه «ابن تيميه» يشير الامام محمد ابو زهرة عند حديثه عن الاسماعيلية «وهذه الفرقة هي التي كان لابن تيميه مواقف ضد بعض المنضمين اليها وقد حاربهم بقلمه ولسانه وسيفه».
اما مسألة الاساءة الى بعض الصحابة فليست من اسسها المذهب الجعفري انما هي من الموروثات الشعبية السيئة المتداولة منذ ايام الصراع العنيف على السلطة في الدولة الاسلامية.
لقد ظل الامويون طوال حكمهم يلعنون عليا كرم الله وجهه في المنابر يوم الجمعة، وظل الشيعة يلعنون بعض الصحابة ايضا حتى جاء امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز واوقف سب علي واستبدله بقوله «ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون». وعاد الامويون الى سب علي في المنابر بعد وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز ولو استمر حكمهم لظلوا يلعنون عليا مدعين انهم اهل السنة والجماعة.
ان الفتوى يجب ان تصدر من مجموعة تمثل مختلف المذاهب الاسلامية والا كانت رأيا شخصيا، ومنبر الجامع يجب الا يقال فيه الا ما اجتمع عليه المسلمون والا كان تحريضا ودعوة الى الفتنة والدين يتهمون الناس بالكفر وهم مسلمون يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولكن لهم رأي مخالف لرأي شيخ معين او انضموا لحزب ليس من برنامجه الالحاد او الكفر او نقلوا كلاما يسيء الى الاسلام بهدف الرد عليه «وناقل الكفر ليس بكافر» كما ذكر العلماء، على هؤلاء ان يعلموا ان التهمة من الممكن ان تلصق بهم ايضا جدلا اذ يقول شيوخهم في استواء الله جل شأنه على العرش «جلس كمجلس هذا» اذ يقول بعض مخالفيهم ان ذلك تجسيد لله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومن ذلك يقول الشيخ الغزالي «واعرف ان المسارعة بالتكفير ميسورة من باب الجدل، وان إلزام الخصم بالكفر نتيجة رأي يقول به امر سهل في حمى النقاش».
لقد اشترك الشيخ ابو قرون في مؤامرة تكفير واستتيب الاستاذ محمود محمد طه، ثم جاء الدور عليه ولولا التقية او التراجع لقتل فاعتبروا يا اولي الالباب.
خاتمة:
امر والي صنعاء الاموي إمام جامع صنعاء ان يلعن عليا كرم الله وجهه من على المنبر او القتل، وجلس هو وحرسه مسلحين تحت المنبر، وصعد الامام المنبر وقال «امرني والي الخليفة ان ألعن عليا، انه ملعون فالعنوه» فردد المصلون: عليه اللعنة عليه اللعنة، عليه اللعنة.
لقد فهم المصلون مقصد امامهم، وفهم الوالي فانسحب مقهورا وان تظاهر بالانتصار خوفا من انتشار الخبر، غير ان الخبر انتشر حتى وصلنا.
* عضو رابطة خريجي جامعة الازهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.