غرب كردفان تبحث جهود تحرير الولاية ودحر المليشيا المتمردة    وزير الداخلية يترأس لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    (خطاب العدوان والتكامل الوظيفي للنفي والإثبات)!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السنة والشيعة بين المتشددين التكفيريين والتقريبيين
نشر في الصحافة يوم 09 - 01 - 2011

كتب هذا المقال في حينه غير ان الهموم الوطنية المتمثلة في الاستفتاء والمشورة الشعبية وما يترتب على الاستفتاء من توقعات غير منظورة وغيرها من المشاكل منعتني من ارسال هذا التعقيب، غير انني اقتنعت اخيرا ان الموضوع من صلب مشاكلنا التي لا ندري الى اين تسير الان خاصة ان الموضوع ما زال يطرح باستمرار من قبل المتشددين.
ففي عدد الخميس 3/01/0102 نشرت الصحفية الاستاذة صباح احمد في صحيفة الصحافة الغراء تقريرا بعنوان «مزارات كربلاء والنجف وقم هل تظهر في الخرطوم؟» اشارت فيه الى تاريخ وتطور وجود المذهب الشيعي بالسودان، وإلى استتابة الشيخ ابو قرون وتراجعه عن المذهب الشيعي، كما اشارت الى ان إمام وخطيب المجمع الاسلامي بالجريف غرب القيادي في رابطة تسمى «الرابطة الاسلامية» ورئيس قسم الثقافة الاسلامية بجامعة الخرطوم الشيخ «الدكتور» محمد عبد الكريم يعتبر الوجود الشيعي في الوقت الراهن اكبر مهدد يواجه الامة الاسلامية!!
ويهدد الدكتور بصدام آت!! قادم!، ويضرب مثلا بنموذج الحوثيين في اليمن، والعنف في نيجيريا والعراق وباكستان وافغانستان، ويطالب بالتصدي للوجود الشيعي في السودان.
وعن امكانية اجراء حوار او تقارب بين اهل السنة والشيعة، يقطع باستحالة ذلك قائلا «من يسب امي، او من هي اعز منها، ويقصد السيدة عائشة رضي الله عنها، كيف اتعايش او اتصالح معه؟».
وقبل ذلك بأيام قليلة، نشرت الصحف فتوى من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف يحذر من ا نتشار المذهب الشيعي، ويطالب بإيقاف اي نشاط شيعي، وقفل الملحقية الثقافية لجمهورية ايران الاسلامية.
لماذا هذا الخوف والذعر المفتعل من انتشار المذهب الشيعي؟ لقد عاش اهل السنة والشيعة معا طوال التاريخ الاسلامي، ولم تفرقهم الا السياسة، وقد قتل الكثير من ائمة الشيعة وزعمائهم على يد الخلفاء الامويين والعباسيين لاسباب سياسية لا علاقة لها بالدين.
والشيعة الذين يقصدهم «الدكاترة» عبد الحي ومحمد عبد الكريم، هم الشيعة الاثني عشرية، وهؤلاء لم يقوموا بثورة بقيادة ائمتهم بعد استشهاد الحسين رضي الله عنه وكل من معه من الرجال في معركة غير متكافئة مع جيش يزيد بن معاوية الذي كان يقوده عمر بن سعد بن ابي وقاص في كربلاء في اليوم العاشر من محرم عام 16ه.
ما الخطورة من انتشار المذهب الشيعي؟، ان الخطورة كما ذكر البروفسور حسن مكي هي في تقسيم المسلمين الى شيعة وسنة ومتصوفة لاضعافهم، لا في انتشار المذهب الشيعي..
ويتضح من حديث الشيخين عبد الحي يوسف، امام جامع او مجمع يتبع لانصار السنة، ومحمد عبد الكريم خطيب المجمع الاسلامي بالجريف غرب وهذا المجمع ايضا تابع لانصار السنة او الوهابيين، يتضح ان المقصود بالشيعة هم الشيعة الاثني عشرية ويتمركزون في ايران والعراق والخليج كما يوجدون في مناطق اخرى من العالم الاسلامي.
ومن هنا فإن الصراع هو بين الوهابية وهي الحركة التي دخلت السودان في العهود الحديثة، والشيعة الاثني عشرية التي برزت في العقود الاخيرة كدعوة تبشيرية بعد ثورة الامام الخميني. والحركة الوهابية تعتبر الطرق الصوفية بدعة، واتباعها مشركين وشيوخها طاغوت.
والطرق الصوفية منتشرة في بلادنا بصورة واسعة، ومهما اختلفنا معها فإن لشيوخها الفضل في انتشار الاسلام وانتشار الثقافة الاسلامية في السودان وفي افريقيا.
ولم يكتف الوهابيون بالهجوم على الطرق الصوفية من منابرهم، بل ذهبوا اليهم في معاقلهم ولولا ميل الصوفية الى التسامح لادى ذلك الى الاشتباك والفتنة والصدام.
وتنطلق الوهابية من مذهب لم يكن معروفا في السودان ولا في البلاد المجاورة للسودان..
اذ ينتشر في السودان بشكل عام مذهب الامام مالك. اما المذهب الجعفري الشيعي لفرقه المختلفة فلم يعرفه السودانيون الا بعد ثورة الامام الخميني التحررية حيث تأثر البعض بهذا المذهب المتمثل في الاثني عشرية، او مذهب الامام جعفر الصادق.
والخلاف بين اهل السنة والشيعة تاريخيا في الاساس سياسي كما ذكرنا فالمذاهب السنية، عدا المذهب الحنفي، ترى وجوب ان يكون الامام قرشيا، وليس من غير قريش من العرب او غيرهم، والشيعة يرون احقية آل البيت بالخلافة.
والمذاهب السنية ترى وجوب اقامة الامام القرشي، والشيعة يرون الامامة ركنا من اركان الاسلام، والفرق كما ترون ليس شاسعا.
والحسينيون لم يقوموا بثورة بعد استشهاد الحسين رضي الله عنه الا تحت زعامة الامام زيد، لقد هزم وقتل الامام زيد، بسبب رفض غالبية الشيعة الانضمام اليه، وظهر بعده المذهب الزيدي المعتمد ايضا على المذهب الفقهي الجعفري، بينما استمر معظم الشيعة يتبعون ائمتهم حتى الامام الثاني عشر وهو محمد بن الحسن العسكري الذين ما زالوا ينتظرون عودته كمهدي منتظر، ولم يخرجوا من انتظارهم الا على يد الامام الخميني «ولاية الفقيه».
ويضرب الشيخ محمد عبد الكريم للتصادم القادم.. الآتي بنموذج الحوثيين في اليمن، والعنف في نيجيريا والعراق وباكستان وافغاستان.
والنماذج التي ذكرها الشيخ للتصدام سببها عناصر خرجت من تحت عباءة الدعوة الوهابية التي يمثلها الشيخ باستثناء الحوثيين. فالحوثيون في اليمن، وهم شيعة زيدية، مشكلتهم مع الحكومة اليمنية سياسية، ولا علاقة مباشرة لها بالدين ولا اعتقد ان هناك وجودا للشيعة في نيجيريا ولكن هناك من يتبعون القاعدة، وفي باكستان وافغانستان والعراق والصومال واليمن والسعودية، نجد في بعضها القاعدة، وفي البعض الآخر، طالبان، وهما خرجتا من تحت عباءة الوهابية ولم ينكر الشيخ احداث الجرافة وقتل المصلين في الجامع وهم سجود ومقتل الدبلوماسي الامريكي بالخرطوم وهذه الاحداث ترتبط بتنظيمات من قبل المذهب الوهابي.
ان المذهب الشيعي موجود في المملكة العربية السعودية ودول الخليج وفي بلاد الشام والعراق وايران وباكستان وفي العراق يمثل الشيعة 56%، لقد تعرض الشيعة في العراق لمذابح جماعية في عهد صدام حسين فما الذي يغضب الآخرين اذا ما حكمت الاغلبية او شاركت بنصيب في حكم العراق؟
ان المجتمع السوداني من اكثر المجتمعات الاسلامية تسامحا، وهذا التسامح يتفق تماما مع مبادئ الاسلام، فحتى الآن ينتشر الاسلام في اجزاء من السودان بهدوء، فنجد الابن مسلما واخاه الآخر مسيحيا والثالث وثنيا، والام مسيحية، والاب قد يكون مسلما، ويعيش المجتمع في تحاب، وبهذه الطريقة نفسها انتشر الاسلام في بادئ الامر في شمال السودان كما انتشرت المسيحية قبله وبعده بنفس الطريقة، ومن هنا كان استغرابي من ان يستتاب شخص مسلم مثل الشيخ ابو قرون بحجة انه قد اعتنق المذهب الشيعي فاضطر الى التراجع كما في تقرير الاستاذة صباح.
لم نسمع ان شيعيا اتهم بتهمة الكفر واستتيب في تاريخ الاسلام. لقد قتل ائمة الشيعة في العهد الاموي والعباسي بالسيف او السم او ا لموت في السجن صبرا ولكن لم نسمع هذه الاستتابة لا قديما ولا حديثا رغم وجود الشيعة في السعودية وسلطنة عمان ودول الخليج واجزاء كثيرة اخرى من العالم الاسلامي، لم اسمع ان الشيعة استتيبوا في هذه البلاد ولم نسمع بكفر الشيعة الزيدية او الاثني عشرية في كل العصور الا في العهد العثماني منذ القرن العاشر الهجري «السادس عشر الميلادي».
فعندما قام السلطان العثماني سليم الاول باضطهاد الشيعة في سلطنته وقرر غزو الدولة الصفوية الشيعية في العراق وايران، طلب من العلماء الرسميين ان يصدروا له فتوى تبرر الغزو، فأفتوا بكفر الشيعة وضرورة حربهم واستباحة دمائهم واموالهم ونسائهم، وهذه الفتوى سياسية لاغراض دنيوية لا علاقة لها بالدين بل هي ضد الدين.
ان منع انتشار مذهب اسلامي معترف به في العالم الاسلامي او تكفير من يعتنقه واستتابته لفضيحة كبرى، خاصة اذا كان هذا المنع في مجتمعنا السوداني المعروف بالتسامح الديني، في الوقت الذي ينتشر فيه الاسلام بكل مذاهبه بلا عائق في العالم خاصة في اوروبا والامريكيتين.
ان هذا يعني ان هناك مذهبا او تفكيرا معينا وافدا على هذا المجتمع المتسامح هو المسيطر الآن، فأين علماء المذاهب الاخرى، خاصة الذين حضروا المؤتمر الاسلامي الذي انعقد في استنبول في السنوات الاولى من تسعينات القرن الماضي «1991»
لقد اقر هذا المؤتمر الحوار بين المذاهب الاسلامية والتقريب بينها واقر بعدم الخلاف بين المذاهب الاسلامية المالكي والحنفي والحنبلي والشافعي ومذهب الامام جعفر الصادق «الزيدي والاثني عشرية» والاباضية في الاصول.
والشيعة الزيدية والاثني عشرية يستنكرون اقوال وافعال غلاة الشيعة ولا يعتبرونهم منهم كالاسماعيلية وغيرهم.
لست شيعيا ولست معاديا للحركة الوهابية ولكني ارى ان هذا الهجوم المكثف على الشيعة لا يخدم الا الاجندة الاسرائيلية والامريكية التي تغرس الفتنة بين السنة والشيعة لاضعافهم وللتمهيد لضرب ايران الاسلامية لمنعها من امتلاك السلاح النووي لتبقى اسرائيل وحدها هي التي تملك هذا السلاح، فيتحقق مشروع الشرق الاوسط الكبير تحت زعامة اسرائيل.
والتقريب بين المذاهب الاسلامية يدعو له الشيعة وأهل السنة فها هو الامام الاكبر المرحوم الشيخ محمود شلتوت شيخ الازهر يقول «لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم واسهمت منذ اول يوم في جماعتها». ثم يقول «وها هو الازهر الشريف ينزل على حكم المبدأ مبدأ التقريب بين المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب الاسلامية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلوا من التعصب لفلان او فلان». ثم يقول «حارب هذه الفكرة التقريب ضيقوا الافق، كما حاربها صنف آخر من ذوي الاغراض الخاصة السيئة، ولا تخلو امة، من هذا الصنف من الناس، حاربها من يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم، وحاربها ذوو النفوس المريضة واصحاب الاهواء والنزعات الخاصة، هؤلاء واولئك ممن يؤجرون اقلامهم لسياسات مفرقة لها اساليبها المباشرة وغير المباشرة في مقاومة اية حركة اصلاحية والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم».
«راجع السنة والشيعة، ضجة مفتعلة للدكتور عز الدين ابراهيم ص 81 91» كما اصدر الازهر فتوى بخصوص المذهب الشيعي منها «ان مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب اهل السنة، فينبغي للمسلمين ان يعرفوا ذلك وان يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابع لمذهب معين او مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله» المصدر السابق. ص 143.
ويقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه «كيف نفهم الاسلام» كانت خاتمة المطاف ان جعل الشقاق بين الشيعة والسنة متصلا بأصول العقيدة! ليمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب الامة الواحدة الى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر الدوائر بل يتربص به ريب المنون! ان كل امرئ يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية «ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون».
ويقول الاستاذ عبد الوهاب خلاف في كتاب «علم اصول الفقه ط 41 ص 64» «ان للاجماع اربعة اركان لا ينعقد شرعا الا بتحقيقها، وثاني هذه الاركان ان يتفق على الحكم الشرعي في الواقعة جميع المجتهدين من المسلمين، وفي وقت وقوعها بصرف النظر عن بلدهم او جنسهم او طائفتهم، فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة مجتهدو الحرمين او مجتهدو العراق فقط او مجتهدو الحجاز او مجتهدو آل البيت، او مجتهدو اهل السنة دون مجتهدي الشيعة، لا ينعقد شرعا بهذا الاتفاق الخاص اجماع».
ويشير الدكتور عز الدين ابراهيم «السنة والشيعة، ضجة مفتعلة ص 72، الى الذين يحاولون ترديد فتوى ابن تيميه ضد الرافضة التي تضم العديد من فرق الشيعة، يحاولون سحب هذه الفتوى على الشيعة الامامية الاثني عشرية لاستغلالها ضد الثورة الاسلامية في ايران فيقعون في عدة اخطاء:
1 لم يتساءلوا لماذا لم يجدوا في تاريخ الاسلام قبل ابن تيميه مثل هذه الفتوى رغم ان ابن تيميه جاء في القرن السابع الهجري اي بعد اكثر من ستة قرون لظهور الشيعة؟
2 لم يستوعبوا عصر ابن تيميه والتناقضات التي واجهها المجتمع المسلم وهو يواجه الغزو الخارجي.
3 لم يحاولوا في غمرة حقدهم على الثورة الاسلامية في ايران وموقفهم السياسي منها لم يحاولوا تقصي ما اذا كانت «الرافضة» التي ذكرها ابن تيميه تنسحب على الشيعة الامامية الاثني عشرية ام لا؟
وفي كتابه «ابن تيميه» يشير الامام محمد ابو زهرة عند حديثه عن الاسماعيلية «وهذه الفرقة هي التي كان لابن تيميه مواقف ضد بعض المنضمين اليها وقد حاربهم بقلمه ولسانه وسيفه».
اما مسألة الاساءة الى بعض الصحابة فليست من اسسها المذهب الجعفري انما هي من الموروثات الشعبية السيئة المتداولة منذ ايام الصراع العنيف على السلطة في الدولة الاسلامية.
لقد ظل الامويون طوال حكمهم يلعنون عليا كرم الله وجهه في المنابر يوم الجمعة، وظل الشيعة يلعنون بعض الصحابة ايضا حتى جاء امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز واوقف سب علي واستبدله بقوله «ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون». وعاد الامويون الى سب علي في المنابر بعد وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز ولو استمر حكمهم لظلوا يلعنون عليا مدعين انهم اهل السنة والجماعة.
ان الفتوى يجب ان تصدر من مجموعة تمثل مختلف المذاهب الاسلامية والا كانت رأيا شخصيا، ومنبر الجامع يجب الا يقال فيه الا ما اجتمع عليه المسلمون والا كان تحريضا ودعوة الى الفتنة والدين يتهمون الناس بالكفر وهم مسلمون يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولكن لهم رأي مخالف لرأي شيخ معين او انضموا لحزب ليس من برنامجه الالحاد او الكفر او نقلوا كلاما يسيء الى الاسلام بهدف الرد عليه «وناقل الكفر ليس بكافر» كما ذكر العلماء، على هؤلاء ان يعلموا ان التهمة من الممكن ان تلصق بهم ايضا جدلا اذ يقول شيوخهم في استواء الله جل شأنه على العرش «جلس كمجلس هذا» اذ يقول بعض مخالفيهم ان ذلك تجسيد لله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومن ذلك يقول الشيخ الغزالي «واعرف ان المسارعة بالتكفير ميسورة من باب الجدل، وان إلزام الخصم بالكفر نتيجة رأي يقول به امر سهل في حمى النقاش».
لقد اشترك الشيخ ابو قرون في مؤامرة تكفير واستتيب الاستاذ محمود محمد طه، ثم جاء الدور عليه ولولا التقية او التراجع لقتل فاعتبروا يا اولي الالباب.
خاتمة:
امر والي صنعاء الاموي إمام جامع صنعاء ان يلعن عليا كرم الله وجهه من على المنبر او القتل، وجلس هو وحرسه مسلحين تحت المنبر، وصعد الامام المنبر وقال «امرني والي الخليفة ان ألعن عليا، انه ملعون فالعنوه» فردد المصلون: عليه اللعنة عليه اللعنة، عليه اللعنة.
لقد فهم المصلون مقصد امامهم، وفهم الوالي فانسحب مقهورا وان تظاهر بالانتصار خوفا من انتشار الخبر، غير ان الخبر انتشر حتى وصلنا.
* عضو رابطة خريجي جامعة الازهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.